إسرائيل .. "هيستريا" الجدران العازلة!


ترجمة: حسن شعيب
في سباق مع الريح, يتسارع المهندسون الإسرائيليون العسكريون لاستكمال ما تبقى من الجدار العازل مع مرتفعات الجولان خشية اتساع رقعة الصراع في سوريا إلى هذه المنطقة التي تحتلها، خاصة بعد اندلاع المعارك على طول الحدود الفاصلة بين الجولان الذي تحتله إسرائيل وبين باقي الأراضي السورية للسيطرة على معبر حدودي.
كما تعكف هذه الأخيرة على استبدال جدار عازل قديم ومتهاوي بآخر حديث مجهز بأحدث تقنيات الرصد من مجسات للاستشعار وكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وأجهزة رادار متطورة ترصد بدقة ما يدب على الأرض.
عندما ينتهي الجدار, طوله 45 ميلا, خلال الشهور المقبلة ستكون إسرائيل قد اتخذت خطوة أخرى على طريق تطويق نفسها بالحواجز، وبدلاً من إزالة الجدران القديمة تعمل إسرائيل على بناء وتعزيز حلقة الحواجز الأرضية المنيعة التي تحيط بها نفسها حتى بعد تراجع العمليات الفلسطينية وبروز مخاطر جديدة مثل احتمال صعود إيران النووية.
يبدو أن إسرائيل غدت متخصصة على الصعيد الدولي في إقامة الحواجز المتطورة والجدران العازلة, للدرجة التي جعلتها مرمى الوفود الدولية الراغبة في الاطلاع على تجربتها والاستفادة منها، لكن العديد من الإسرائيليين يعتبرون الزيادة من بناء الحواجز وتطويق الدولة بها من كل جانب هو دليل ضعف أكثر منه قوة.
علاوة على ذلك عمقت الحواجز المتزايدة من عُزلة إسرائيل، حيث قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد نيشمان شاي، أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي، "بالنسبة لي الرسالة واضحة, السلام مع الجيران بدأ في الانحسار، والحواجز أصبحت جزءا من الواقع".
من جانبهم, لجأ المسئولون العسكريون في إسرائيل إلى تبرير إقامة الحواجز بأنها توفر الحماية, كما أنها تتصدى لمحاولات الاقتحام وتهريب الأسلحة ودخول المهاجرين غير الشرعيين، لكنهم في الوقت نفسه يعترفون بأن الجدران مهما وصلت درجة تطورها لن تحمي إسرائيل من الصواريخ بعيدة المدى التي قد تُطلق من إيران، أو لبنان، أو حتى قطاع غزة.
خلال زيارته الشهر الماضي إلى الصين, تحدث نتنياهو عن الجدران التي تبنيها إسرائيل, حيث قال "كما شيدت الصين سورها العظيم لحماية نفسها, تفعل إسرائيل ذات الشيء للدفاع عن مواطنيها", لكن إسرائيل لا تكتفي بجدار واحد، بل تكاد تطوق نفسها بالحواجز من كل جانب.
قريبا, تنتهي إسرائيل من إتمام حاجز في الشمال على الحدود مع لبنان, وفي الشمال الغربي تقيم إسرائيل جدارا آخر في مرتفعات الجولان، أما في الجنوب فتبني حاجزا على حدود سيناء والأكثر من ذلك يعمل مهندسو الجيش الإسرائيلي على وضع اللمسات الأخيرة لبناء جدار آخر على طول الحدود الهادئة مع الأردن بين البحرين الميت والأحمر.
برغم أن الانتقادات التي يوجهها مراقبون دوليون إلى إسرائيل، فلا يفكر أحد من المسئولين الإسرائيليين في إزالة تلك الحواجز، بل إنها تفخر به وتستند في ذلك على الجدار العازل وسط الضفة الغربية الذي يسميه الفلسطينيون بحائط الأبارتايد، حيث بدأت الدولة العبرية في بنائه أثناء الانتفاضة الثانية التي اندلعت في عام 2002.
بعد عام 2004، تراجعت أعداد العمليات الاستشهادية التي ينفذها الفلسطينيون ضد الاحتلال, حيث أشار الكولونيل جريشا ياكوبوفيتش، إلى "أن هذا أحد نتائج الجدار العازل في الضفة الغربية، لكنه ليس السبب الوحيد بالنظر إلى العوامل الأخرى التي قللت من العمليات الفلسطينية مثل التنسيق بين الأمن الإسرائيلي ونظيره الفلسطيني في الضفة الغربية، فضلاً عن سياسة السلطة الفلسطينية التي تنبذ العنف".
كما انتهت إسرائيل من جميع خطواتها لبناء جدارها على طول الحدود مع شبه جزيرة سيناء في مصر، فالجدار الذي انطلق عام 2011 وتسارعت وتيرة البناء فيه، أقيم بهدف أساسي هو وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، والذين كانت أعدادهم تصل أحيانا -حسب الإحصاءات الإسرائيلية - إلى عشرة آلاف مهاجر في العام الماضي معظمهم من السودان وإريتريا الذين يتسللون إلى إسرائيل عبر مصر، فقد تراجع هذا العدد بعد الانتهاء من جدار سيناء إلى شخصين فقط تم اعتقالهما في الشهر الماضي.
علق الكولونيل يوناثان برانسكي، نائب قائد الفرقة المسؤولة عن تسيير الدوريات على الحدود مع غزة ومصر, على بناء الجدران العازلة حيث قال "هذه الحواجز تأتي بنتائج جيدة، رغم كل ما يقال عنها وعن منظرها القبيح إلا أنها تقوم بالمهمة الموكلة بها وهي حماية حدود إسرائيل".
بيد أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري, شكك في هذا الأمر, حيث قال أمام اللجنة الأمريكية اليهودية المشتركة "إن الذين يعتقدون بأن بناء جدار هنا، أو هناك، كفيل بتحقيق الأمن، وبأنه يمكن الاستمرار في ذلك، هم واهمون".
-----------------
طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء