عودة صقور الليبراليين .. رايس نموذجا!
ترجمة: حسن شعيب
يبدو
أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يُصر على رفضه الحازم في رفضه التدخل
العسكري في سوريا, كما كان اختياره تشاك هيجل لوزارة الدفاع, وجون كيري
للخارجية إشارة على عدم عجلته في مهاجمة إيران كذلك, لكنه في الوقت الراهن
يعتزم الشروع في انتهاج مسار مختلف أو على الأقل يعمد إلى توازن فريق
سياسته الخارجية بالاستعانة باثنين من المستشارين الذين يميلون أكثر إلى
عدم الانخراط في التدخل بالخارج.
المستشارتين
هما بالطبع, سوزان رايس وسامانتا باور, لكن قرار أوباما بتصعيد رايس لتصبح
مستشارته لشؤون الأمن القومي وترشيح سابقتها في المنصب, باور، لتولي منصب
سفيرة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية، لمكافئة ولاء سيدتين ساندتاه
منذ البداية فحسب، كما أنه لا يهدف بذلك القرار إلى مجرد إدخال تنويع على
تشكيلة فريق السياسة الخارجية.
تعزو
ترشيح السيدتين لمصدر جديد من الألعاب النارية في معركة السياسة الخارجية
المتفاقمة داخل إدارة أوباما، حيث يتصارع الصقور الليبراليون والحمائم، في
البيت الأبيض وداخل الحزب الديمقراطي، في معركة من أجل كسب القلوب والعقول
حول سؤال: هل هناك معنى معقول للتدخل في سوريا ومهاجمة إيران.
يعتقد
الصقور الليبراليون أن أمريكا أمامها مهمة مقدسة تتمثل في الدفاع عن
التدخل الإنساني. وعقيدة هؤلاء يمكن تمثيلها بإشارة وزيرة الخارجية
الأمريكية السابقة أولبرايت، لأمريكا بأنها الأمة التي لا غنى عنها والتي
يجب أن تتدخل في الخارج متى وأينما كان ذلك ضرورياً للدفاع عن المقهورين.
ومن بين هؤلاء الصقور المعلق بيل كيلر، كاتب مقالات الرأي في نيويورك
تايمز، والذي يطالب دوما في كتاباته بالتدخل في سوريا. ومنهم كذلك آن- ماري
سلوتر، المديرة السابقة لتخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية،
والسيناتور كارل ليفين (ديمقراطي- ميتشيجان)، وهو ليبرالي متحمس يرأس لجنة
الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، ويحث على تنفيذ ضربات عسكرية
محدودة ضد سوريا.
وعلى
الناحية الأخرى، نجد سياسيين واقعيين يتشككون في احتمال نجاح التدخل في
سوريا مثل وزير الدفاع هاجل. وعلى الرغم من أن وزير الخارجية (كيري) يرغب
في دعم مسلحي المعارضة السورية، إلا أنه ليس متحمساً لتغيير النظام، وإنما
يفضل بدلا من ذلك زيادة المساعدات كوسيلة لتعزيز الجهود الدبلوماسية لإجبار
الأسد على التفاوض.
وكلا
الرجلين، هاجل وكيري، تشكلت ملامح شخصيتيهما في تجربة الحرب الفيتنامية
التي أبليا فيها بلاءً حسناً، وكذلك تجربة حرب العراق. والخوف من تكرار
تجربة العراق هو ما يدفع الخبراء الليبراليين، مثل ديفيد ريف، للتقدم
بمناشدات من مثل: انقذونا من الصقور الليبراليين. أما الليبراليون
الواقعيون فيخشون أن تؤدي نفس الخطوات العسكرية المتخذة لمساعدة شعوب
مقهورة ومظلومة في الخارج -عن غير قصد- إلى إطلاق شرارة سلسلة تطورات
وأحداث تؤدي لدمار أكبر في مثل تلك الدول بدلا من إنقاذها في نهاية المطاف.
والسؤال
الذي يتردد في أروقة السياسة الأمريكية في الوقت الراهن هو: هل سيظل
أوباما على موقفه الحالي الذي يحاول من خلاله النأي ببلاده عن التورط في
الأزمة السورية، أم أننا سنرى مرة أخرى رئيسا ليبراليا يتأثر بصيحات
الصقور؟.
يُوحي
تصعيد أوباما لرايس وباور، بأن الضغط الذي يتعرض له سيأتي من داخل إدارته,
فالمرأتان من الناحية الشخصية أكثر قربًا لأوباما من كيري، ويمكن لهما أن
تسعيا لتقويض الجهود التي يبذلها هذا الأخير. وهكذا يمكن القول إن أوباما
بترقيته للمرأتين لمنصبي مستشارة الأمن القومي وسفيرة الولايات المتحدة في
المنظمة الدولية، وهما منصبان في غاية الأهمية، يقوم بتدخل خاص وقوي،
بالنيابة عن الصقور الليبراليين.
في النهاية هل سيفطن أوباما إلى الدرس؟ أم أن رايس وباور ستنجحان في دفع أوباما بقوة للرجوع إلى عقيدة الصقور الليبراليين؟
----------------
طالع ...المصدر
تعليقات