2012 .. عام المستوطنات!
ترجمة: حسن شعيب
في
بداية عام 2012، حذّرت مجموعة إسرائيلية حقوقية "السلام الآن"، والتي تسعى
إلى حل الدولتين، من استمرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي, بنيامين
نتنياهو في بناء المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية على هذه الوتيرة
السريعة, فإذا ما استمر في ذلك, فقد يصل الوضع إلى النقطة التي من شأنها أن
يقضي على احتمال قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، قبل نحو اثني عشر
شهرًا، تضاعفت هذه الوتيرة خمسة أضعاف تقريبًا.
خلال
أسبوع واحدٍ من شهر ديسمبر وحده، بدأت حكومة نتنياهو في التخطيط لبناء11
ألف منزل وراء الخطّ الأخضر الذي يشكّل حدود إسرائيل قبل عام 1967، وهو
الرقم الذي يقترب من عدد منازل المستوطنين التي تَمّ الموافقة عليها في
السنوات العشر السابقة مجتمعة, ويبدو أنَّ التوسع الكبير في أنشطة
الاستيطان جعل عام 2012 عام المستوطنات, مما أثار مستوى جديدًا من الغضب
والاستياء بين معارضي بناء المستوطنات؛ حيث قالت "السلام الآن" هناك هجوم
مخطط غير مسبوق على القدس الشرقية, فقد بنيت 6600 وحدة استيطانية خلال
أربعة أيام".
من
جانبه لم يقدّم نتنياهو أي اعتذار عن الارتفاع الهائل في بناء المستوطنات،
على الرغم من موجات الازدراء والاستياء من أوروبا والولايات المتحدة, في
حين أنه ينشغل بالانتخابات التي من المقرر إجراؤها يوم 22 من الشهر الجاري،
حيث يواجه نتنياهو تحديًّا أخطر من حزب جديد يدافع عن المستوطنات, لذلك
فقد استدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي رؤساء بلديات المستوطنات في الضفة
الغربية لمكتبه في القدس الأسبوع الماضي لاطلاعهم على جهوده في بناء
المستوطنات، وإبداء الملاحظات.
"يبدو
جليًا لكم جميعًا أنَّ هذه الحكومة فعلت الكثير في السنوات الأربع الماضية
للمستوطنات في يهودا والسامرة" في إشارة إلى الضفة الغربية, هكذا تحدث
نتنياهو إلى رؤساء البلديات كما ذكر "نحن نطلب منكم المساعدة في نشر تلك
المعلومات بين سكان المناطق الخاصة بكم".
أما
الخطوة الأكثر إثارة للجدل هو التخطيط للبناء على آخر رقعة أرض فلسطينية
في القدس الشرقية والتي تعرف بـ "أي 1", (خطط البناء على هذه المنطقة يعود
إلى أكثر من أربعة عشر عامًا مضت, لكنها ظلت معلقة, أما الآن فمن بين خطوات
أخرى جديدة صدرت أوامر بهدم لمنازل البدو وحظائر الحيوانات هناك), مما
حدَا بدبلوماسيين أجانب ومسئولين فلسطينيين ودعاة سلام إسرائيليين بالتحذير
من ملء هذه المساحة بالمستوطنات، حتى يصل إلى سيناريو "يوم القيامة" كما
يدمر بشكل فعّال إمكانية بناء دولة فلسطينية من أي وقت مضى على الأراضي
المتجاورة.
من
المؤكّد أنَّ خطورة ذلك تنبع من أنَّها الهدف المعلن لاتفاقات أوسلو
للسلام الموقعة منذ عام 1994 والتي تَمّ تحديدها لإنهاء النزاع بين اليهود
والعرب بإقامة دولتين في تلك المنطقة, كما وافق نتنياهو على موجة من هذا
النوع من البناء, على مدى ثلاثة عقود, التهمت باطراد في الأراضي
الفلسطينية: حيث توجد 1600 وحدة في القدس الشرقية مخصصة لليهود المتشددين,
و1242 قطعة أرض ضخمة تطلّ على بيت لحم, إلى جانب خطط لبناء مستوطنات جديدة
كليًا، جفعات هماتوس، التي من شأنها أن تقسم الضفة الغربية وتفصل
الفلسطينيين عن القدس.
لكن
نتنياهو ونائبه, وزير الخارجية السابق أفيجدور ليبرمان, أكّدا على تنفيذ
خطط البناء حول القدس, وهذا ما يعرف عن الحكومات الإسرائيلية التي تضم
مساحات شاسعة في جميع أنحاء مدينة القدس بعد فوزها في الانتخابات, وكذلك
الضفة الغربية وقطاع غزة, منذ احتلالها عام 1967, ومنذ ذلك الحين، قاوم
الجمهور الإسرائيلي فكرة تقسيم القدس من أجل منح الفلسطينيين جزء من
المدينة تكون خاصة بهم, وفي استطلاع جديد للرأي لمركز القدس للشؤون العامة،
قال 78٪ من اليهود إنَّهم يعيدون النظر في دعم حزب سياسي مستعد لتسليم
السيادة على القدس الشرقية والبلدة القديمة التي يعتبر أغلبيتها من العرب.
في
الأسبوع الماضي وخلال إطلاق الحملة الرسمية المشتركة بين حزب الليكود
"نتنياهو" وحزب إسرائيل بيتنا, حيث تقدم مرشحيها للبرلمان على قائمة واحدة,
قال ليبرمان: "هناك نزاع بين إسرائيل والعالم", مضيفًا: "إنَّ الخلاف يدور
حول البناء في القدس والكتل الاستيطانية, ولذلك نحن بحاجة إلى حكومة قوية
موحدة والتي تعرف كيف تتحمل الضغط".
وقد
تعرّضت الحملة المشتركة بين الحزبين لهجوم شديد, حيث تشير استطلاعات الرأي
إلى أنَّ تحالف الليكود بيتنا المشترك تراجعت شعبيته ليس فقط بسبب قضايا
الفساد والاحتيال التي وجهت لزعيم "إسرائيل بيتنا", ولكنها تصاعدت كذلك
نظرًا لوتيرة التطرف المتزايدة داخل الحزبين, حيث يقول يائير لابيد, رئيس
حزب " يش عتيد" الوسطي الجديد "أعتقد أن اليمين هو أكثر جاذبية لأنَّه الآن
أكثر راديكالية", كان لابيد مذيع وكاتب عمود سابق، ويفضل التفاوض مع
الفلسطينيين، لكن في لفتة تبرز عدم خيانته للمستوطنين, أعلن انضمامه للعمل
في السياسة الإسرائيلية، وأعلن عن برنامجه في ارئيل وهي مستوطنة ضخمة بنيت
في عمق الأراضي الفلسطينية.
أما
نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي, أحد الأحزاب الأكثر تطرفًا ولديه
ثلاثة مقاعد في الكنيست المكون من 120 مقعدًا، قد يحصل على ما بين 11 إلى
13 مقعدًا خلال الانتخابات المقبلة, فإنه يسير بشكل مطرد نحو اليمين, كما
يفضل عودة نتنياهو رئيسًا للوزراء, أحد الأسباب التي دعت نتنياهو لاستدعاء
رؤساء بلديات المستوطنات في الضفة الغربية- كما يقول المحللون- كانت
الشكوك واسعة النطاق المنتشرة التي تشكك في مواصلته كل خطط البناء التي
أعلن عنها.
في
نهاية المطاف, أوجز بينيت للصحفيين المشكلة قائلاً: "إنَّ مشكلة إسرائيل
في الوقت الراهن تكمن في الحديث عن البناء وليست البناء ذاته", مضيفًا "من
ناحية، توجد في الحكومة أصوات تدعم إقامة دولة فلسطينية، ومن ناحية أخرى،
معاقبة العالم والفلسطينيين عندما ذهبوا إلى الأمم المتحدة للحصول على موقف
دولة" كما ختم قائلا "الحل هو الحديث بصوت واضح لسحب موافقتنا على دولة
فلسطينية, يدرك الجميع أنها لن تقام, نحن بحاجة إلى أن تكون الأفعال أكثر
من الأقوال".
------------------
طالع.. المصدر
تعليقات