الاندماج في الغرب...مسلمو بريطانيا نموذجًا!
ترجمة: حسن شعيب
"إنَّ
تدريس تعاليم الديانة الإسلامية في المدارس البريطانية أمرٌ مُلِحٌ،
وينبغي على المسلمين أن ينشروا ثقافة الإسلام بين الناس في المملكة
المتحدة"
كانت
هذه نصيحة البروفيسور ليون موسوي, الأستاذ في جامعة لانكستر البريطانية
والمتخصص في الإسلاموفوبيا, للتغلب على مشكلة الخوف من الإسلام والمسلمين
واسعة الانتشار في بريطانيا", ويبدو أن مسلمو بريطانيا فطِنوا للدَّرس
وقدَّموا خير نموذج للاندماج مع الشعب البريطاني، برغم استطلاعات الرأي
المتتالية التي تؤكد- بما لا يدع مجالًا للشكِّ- أنَّ المسلمين البريطانيين
أكثرُ ولاءً لبريطانيا من الجاليات الأخرى بما فيهم البيض؛ فإنَّ وسائل
الإعلام البريطاني ترفض الإقرار بهذه الحقيقة أنهم "أصدق البريطانيين
الحقيقيين", بل لا يلبثون حتى ينظروا إليهم من خلال خلفية التطرف والإرهاب؛
لذا فقد كتب ليون موسوي مقالًا تحت عنوان "المسلمون الأكثر اندماجًا في بريطانيا ولكنهم لا يُصَدَّقون", وهذه ترجمة المقال:
حتى
الآن, لمَِ لا تزال النظرة للمسلمين في بريطانيا على أنهم غرباء وأجانب؟
برغم الكثير من المشاعر والتعبيرات القوية التي تظهر مدى انتمائهم للمملكة
المتحدة ربما أكثر من البريطانيين أنفسهم, ويعزو هذا الاتجاه الذي يتبناه
غير المسلمين في بريطانيا، وافتراضهم أن المسلمين يرفضون الهوية
البريطانية, إلا أن هذه المزاعم دُحضت قبل أيام قليلة في تقرير أصدرته
جامعة "اسكس" البريطانية، والتي أثبتت أنَّ المسلمين بريطانيون أكثر من
أيِّ بريطانيٍّ آخر.
الجديرُ
بالإشارة أن التقرير لا يُعَدُّ سوى حلقة من سلسلة من الدراسات العديدة
التي اكتشفت أن المسلمين في بريطانيا يعبرون بشكل قويٍّ عن انتمائهم
لبريطانيا أكثر من المواطنين البريطانيين أنفسهم, وهذا ما يبدوا جليًّا في
الأمثلة التالية:
- 83% من المسلمين فخورون بأنهم مواطنون بريطانيون, مقارنةً بنسبة 79% من عموم البريطانيين.
- 77% من المسلمين ينتمون للهوية البريطانية, بينما 50% فحسب من باقي السكان البريطانيين يفعلون ذلك.
- 86.4% من المسلمين ينتمون لبريطانيا، أكثر قليلًا من نسبة المسيحيين وهي 85.9%.
- 82% من المسلمين يرغبون في العيش داخل أحياء متنوعة الجوار ومختلطة, بينما 63% من غير المسلمين يريدون ذلك.
- 90% من الباكستانيين يشعرون شعورًا قويًّا بانتمائهم لبريطانيا مقارنة بـ 84% من البيض البريطانيين.
علاوةً
على ذلك، فإن هؤلاء الذين يعملون بشكل وثيق مع المجتمعات الإسلامية يشهدون
أنَّ مسلمي بريطانيا الأكثر اندماجًا في المجتمع، ويعيشون كما يعيش أيُّ
مواطن بريطانيٍّ آخر, كما يقدر مسلمو بريطانيا كذلك ممارستهم شعائر دينهم
في بريطانيا دون تعرضهم لأيِّ نوع من القهر والاضطهاد.
في
المقابل, ما زال بعض البريطانيين يصرون على تصوير المسلمين بشكل سلبيٍّ,
وبذلك لا تكون "رغبة" المسلمين في الاندماج هي القضية الكبرى, ولكن
المُعْضِلةَ تكْمُن في المجتمع البريطاني الذي تفشى فيه كراهية الأجانب،
وإصرارهم على اعتبار المسلمين كأجانب, وهذا هو السبب.
وعلى
الرغم من تعهُّد المسلمين المتكرر بتفانيهم لبريطانيا فإن هناك استطلاعات
رأيٍّ منتشرة تُظهر أنَّ العديد من غير المسلمين البريطانيين ما زالوا
ينظرون إلى المسلمين كعدوٍّ محتمَل, وهذه أمثلة على ذلك:
- 47% من البريطانيين يرون المسلمين كمصدر للتهديد.
- 28% فقط من البريطانيين يعتقدون أن المسلمين يريدون الاندماج في المجتمع البريطاني.
- 52% من البريطانيين يعتقدون أن المسلمين يخلقون المشاكل.
- 55% من البريطانيين يشعرون بقلق لدى بناء مسجد في منطقتهم.
- 58% من البريطانيين يربطون بين الإسلام والتطرف.
في
الوقت ذاته, فإنَّ الأقلية من المسلمين الذين لا يرضون أنْ يكونوا منتمين
لبريطانيا- كما يزعم البعض- فإنهم غالبا نتيجةٌ حتميةٌ لسخطهم على وصفهم
بالأجانب، وأنهم لا ينتمون للبلاد؛ لذلك فإنَّ عدم القدرة على تقدير
المسلمين البريطانيين، والنظر إليهم كمواطنين نموذجيين قد يكون ضرره على
المجتمع البريطاني في المقام الأول؛ فالمسلمون البريطانيون يريدون أن
يكونوا جزءًا من المجتمع البريطاني، ولكنَّ تهميشهم سيؤدي إلى تراجع هذه
المفاهيم الجيِّدة لديهم.
حقًّا،
إذا سمح لخُرافةِ أنَّ المسلمين لا يريدون اندماجًا في بريطانيا بالانتشار
فإن هذا سيفضي- فقط- إلى زرع أكبر الريبة والعداء بين المجتمع البريطاني,
وقد يساعد هذا على زيادة الرفض الشديد للمسلمين في أوروبا، الأمر الذي يثير
القلق، خاصةً بعد ارتفاع أعداد اليمين المتطرف الذي بدأ يتسلح لمناهضة
المسلمين؛ مثل أندريس بريفيك في النرويج, كما شهدنا مؤخرًا العديد من
المؤامرات اليمينية المتطرفة لتقويض وجود المسلمين في المجتمع البريطاني؛
مثل حرق مسجد في مدينة ستوك.
بينما
يزعم بعض السياسيين أنَّ التعددية الثقافية فشلت، فإنَّ المجتمع البريطاني
يرفض ذلك بقوة عندما يتعاون المواطنون ذوي الخلفيات والأعراق والأديان
المختلفة جنبًا إلى جنب مع بعضهم، حتى تبدو المملكة المتحدة في الوقت
الراهن أفضل مثالٍ على التعددية؛ حيث يعود الفضل في ذلك للمسلمين الذين
استطاعوا أنْ يندمجوا في المجتمع، ويشعرون أنهم في وطنهم بريطانيا، وأنهم
مواطنون كغيرهم، برغم ما ينالهم من السخرية المثيرة التي ينغمس فيها الكثير
من غير المسلمين.
-----------------
طالع..المصدر
تعليقات