كيث إليسون.. مسلم تحت قبة الكونجرس
ترجمة: حسن شعيب
حتى
عام 2006, لم يكن يعرف أن كيث إليسون- الذي صار فيما بعد أول نائب مسلم في
الكونجرس- مسلم سوى عدد قليل من سكان ولاية مينيسوتا. وعلى حد قوله، لم
يفكر أحدًا أن يسأله عن ديانته بسبب اسمه الإنجليزي, لكن فور إعلان ترشحه
لمجلس النواب الأمريكي منذ خمس سنوات بدأ الحديث عن ديانته يطفوا على
السطح.
ولد
كيث إليسون، الابن الثالث بين خمسة أبناء، عام 1963في عائلة كاثوليكية
بمدينة ديترويت بولاية ميشيجان، كما كان أحد أخوته راعي "كنيسة العهد
الجديد" المعمدانية في ديترويت.
تخرج إليسون من كلية الحقوق بجامعة ديترويت في عام 1981، وعمل وثلاثة من إخوته بالمحاماة.
أما
عن قصة اعتناقه للإسلام فقد كان ذلك في جامعة واين ستيت في مدينة ديترويت،
حيث أعلن تركه للكاثوليكية موضحا ذلك بقوله: "لا أستطيع أن أدعي أنني كنت
كاثوليكيا ملتزما حينما فكرت في اعتناق الإسلام. فقد بدأت حقا أنظر حولي،
وأسأل نفسي عن الظروف الاجتماعية للبلاد، وقضايا العدالة والتغيير، وعندما
نظرت إلى حياتي الروحية، وما أود تحقيقه من التغيير الاجتماعي، والعدالة في
المجتمع.. لم أجد سوى الإسلام".
وبرغم
أنه ولد وترعرع كاثوليكيا، إلا أنه لم يشعر بارتياح الروحي في هذا الثوب،
وفي هذا يقول: "شعرت إنها مجرد طقوس وعادات (...) بالطبع، شعرت بالحيرة
وعشت في الواقع حالة من الضياع وفقدان الاهتمام بالكاثوليكية ومن ثم توقفت
عن الذهاب إلى القداس".
والغريب
أن إليسون لا يملك تفسيرا مفصلا لاعتناقه الإسلام حينما كان طالبا في
جامعة "واين ستيت" في ديترويت, لكنه برغم ذلك أكد انجذابه نحو هذا الدين
الذي يضم جميع الجنسيات والصنوف, حيث يقول: "بالطبع أكون مشدوها لسماع أي
شخص يتحدث عن أسباب اعتناقه للإسلام, لكني لست منهم"، موضحا: "ما أعرفه
أنني وجدت ما كنتُ أبحث عنه، والذي جعلني أشعر بالإلهام والإعجاب, ثم أصبحت
مسلما, ومنذ ذلك الحين وأنا اعمل من أجله".
زوجته
كيم, غير مسلمة, إلا أن أبناءها الأربعة "بنت وثلاثة أولاد" يتبعون تعاليم
الدين الإسلامي, تقول عنه: إنه أكثر الشخصيات المعتدلة، ويحترم التعدد في
وجهات النظر, وهو ما يؤكد عليه إليسون دوما, بقوله: "أعتقد أن التنوع في
بلادي هو مصدر قوة عظيمة، ومن الجيد أن أشخاصا من كافة المذاهب والثقافات
يأتون إلى هنا".
يُذكر
أن إليسون أثار ضجة عارمة وتعرض لحملة شرسة حينما رشح نفسه لمقعد مجلس
النواب الأمريكي في ولاية مينيسوتا عن الحزب الديمقراطي, وذلك ليس لأنه
أمريكي من أصول أفريقية فحسب ولكن لأنه مسلم, كما لقي ترشيحه اعتراضا من
اليهود والمحافظين الجدد, وطالب منافسه مرشح الحزب الجمهوري بتغيير قوانين الهجرة حتى لا يدخل الكونجرس مسلمون.
وبرغم
هذه الحملة الهوجاء, استطاع كيث إليسون الفوز في انتخابات مجلس النواب عام
2006 (للمرة الثالثة حاليا), وتمكن من تحقيق عدة مكاسب في مقدمتها أن يكون
أول نائب مسلم وأول أمريكي أسود يمثل ولاية مينيسوتا في الكونجرس, إلى
جانب أنه أول من أدى مراسم قسم اليمين أمام رئيس مجلس النواب الأمريكي،
حالفا على القرآن، وليس على الإنجيل كما هو متعارف، وقد اختار مصحفا كان
ضمن مقتنيات الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون, في إشارة إلى
إمكانية أن يكون عضو الكونجرس أمريكيا ومسلما في الوقت ذاته.
لم
يكن ذلك بالأمر بالهين, حيث كان ينبغي عليه أن يثبت وطنيته وولاءه
للولايات المتحدة مع الحفاظ بطبيعة الحال على مكانته في المجتمع الإسلامي
الذي يلاقي اضطهادا شديدا وعزلة (فرضت عليه) بعد أحداث 11 سبتمبر, كما
استطاع خلال الدورتين السابقتين أن يُصبِح عضوا بارزا وناشطا سياسيا
ليُختَار ضمن الوفد الأمريكي الذي يزور الشرق الأوسط.
جدير
الذكر أن نشاط إليسون لم يقتصر على الكونجرس فحسب, بل كانت له مواقف قوية
معارضة للحرب في العراق وطالب بسحب فوري للقوات الأمريكية من هناك, كما دعا
إلى إغلاق معتقل جوانتانامو والكف عن الحصول علي المعلومات عن طريق
التنصت.
بالإضافة
إلى ذلك, كان كيث إليسون من أبرز المنتقدين لسياسة حكومة الرئيس السابق
للولايات المتحدة جورج دبليو بوش والمعارضين بقوة لحتمية "صدام الحضارات",
مشيرا إلى أن المسلمين الذين يبلغ عددهم في الولايات المتحدة أربعة ملايين
نسمة يتشاركون مع الأمريكيين الطموحات ذاتها كحصولهم على حقوقهم الأساسية
ومنها التعليم الجيد وأن تكون لديهم دور عبادة خاصة بهم.
وحتى
تحت قبة الكونجرس, لم يسلم إليسون من الهجوم, حيث انتقده النائب الجمهوري
فرجيل جودي من فرجينيا لرغبته في استخدام القران في قسم اليمين، ودعا إلى
تشريع سياسات صارمة ضد الهجرة توضع خصيصا للإبقاء على المسلمين خارج
الولايات المتحدة, بيد أن إليسون دعاه للإطلاع أكثر على ما يحمله الدين
الإسلامي من معان وقيم سامية.
علاوة
على ذلك, حرص إليسون على مصافحة خصمه, قائلا: "لقد تصافحنا باليد وحيينا
بعضنا وقد دعوته للاحتساء القهوة", كما أكد إليسون أنه لم يشعر بـ"الوحدة"
في الكونجرس، كونه النائب المسلم الوحيد، واصفاً موقفه تجاه جودي على أنه
"محاولة لبناء الجسور", قائلا: "إن هناك الكثير من سوء الفهم في هذا العالم
وأنا أريد فقط أن أضفي لمحة إنسانية على هذه الأمور".
كما
هاجم كيث إليسون بشدة ارتفاع موجة التعصُّب والكراهية ضد المسلمين في
الولايات المتحدة الأمريكيَّة, داعيًا الأمريكيين جميعًا إلى نبْذ روح
العنف وما يُسمى بفوبيا الإسلام.
----------------------
طالع..المصدر
تعليقات