حصاد عام.. فرنسا في مالي


ترجمة: حسن شعيب

قبل عام مضى, أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند, الذي أرسل قوات فرنسية إلى مالي لتأمين هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، أن مهمة القوات قد تم إنجازها, كما أعلن مؤخرا أن فرنسا ستُخفض أعداد القوات في مالي بنحو ثلث آخر ليصل عددها إلى 1600، مشير إلى ذلك بقوله "نحن الآن نسيطر على الوضع".

 وحتى إذا كانت فرنسا تستطيع الإعلان عن نجاحها عسكريًا في الذكرى الأولى لتدخلها، إلا أن مالي لا تزال في مفترق طرق، حيث أنها ما زالت تواجه فقراً وفساداً وتوترات عرقية وعنفًا يُهدد بإلغاء المكاسب التي تحققت لتأمين البلاد. 

من جانبه قال أنتوني تيسيرون, زميل باحث بمعهد توماس مور بباريس، والذي أعد تقريرًا حول التحديات التي تواجه مالي, "ربما يكون الهدف العسكري قد حقق إنجازا، إلا أن الوضع لا يزال هشا"، مضيفا "من الناحية السياسية، هناك الكثير للقيام به، فنحن لم نحقق أي تقدم". 

 قبل عام، عندما تدخلت فرنسا في مالي، كان هذا المكان يفيض بالراحة، حسبما قال أداما دابو، زبون بأحد المقاهي، وعامل بناء يقيم في فرنسا منذ ما يقرب من 30 عاما, مشيرا إلى "لكن الآن أصبح الناس أكثر ترددا حيال ما تم إنجازه ومدى امكانية النجاح بالنسبة للمهام المقبلة". 

 وأضاف دابو "لقد هللت فرحا عندما تدخلت فرنسا، مثل أي شخص آخر"، لكنه الآن يتطلع بسأم لوطنه، المكان الذي يشهد تهديدات مستمرة بوقوع أعمال عنف، إلى جانب الافتقار إلى البنية التحتية والصناعية، والتوترات السياسية التي فشلت في التوصل إلى حلول مجدية". 

وقد ركز زعماء فرنسا على ما تم إنجازه خلال عام منذ إرسال قوات – فيما يسمى بعملية سيرفال – تتألف من 5000 جندي لمحاربة المتمردين المتصلين بتنظيم القاعدة في شمال مالي, حيث اكتسب المتمردون قوة نظراً لعدم الاستقرار السياسي الذي أعقب الانقلاب الذي وقع في مارس 2012. 

وأثناء زيارته إلى مالي بمناسبة العام الجديد، ذكر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان, "أن الدولة تم تحريرها, وهي النظرة التي يشاركه فيها المجتمع الدولي، والسلطات المركزية في مالي", كما أضاف "قبل عام مضى، كان الناس هنا يعذبون وتقطع أيديهم". 

 من جانبه ذكر المحلل في مجال الدفاع جان دومينيك ميرشيه في مدونته التي تحمل اسم الدفاع السري ملخصا الحالة المزاجية للأغلبية "منذ عام مضى، كانت مالي تشهد دوامة تأخذها في منحدر الى أسفل, ولكن في الأيام الأولى من 2014، تغير الوضع جذريا". 

ما زالت المهمة الفرنسية في مالي تمثل واحدة من التحركات الوحيدة التي قام بها هولاند، وحظيت بشعبية، منذ توليه رئاسة فرنسا في شهر مايو 2012. وقد أجرى معهد استطلاعات الرأي الفرنسي (بي. في. ايه) دراسة في شهر أبريل، بعد ثلاثة أشهر من التدخل الفرنسي في مالي، حيث سئل الذين شملهم المسح عن الاجراءات التي قام بها الرئيس ولها تأثير مهم، فجاءت مالي في المركز الأول بنسبة 63 بالمائة. 

وظل التأييد للاجراءات الفرنسية كبيراً، حتى بعد مقتل عدد من الجنود الفرنسين ضمن القوات المشاركة في عملية سيرفال – إلى جانب صحفيين تعرضا لكمين وقتلا أثناء قيامهما بإعداد تقرير لإذاعة فرنسا الدولية في شهر نوفمبر. فما هي الخطوة التالية؟ لقد أثارت المأساة التي شهدتها مالي أسئلة حول مدى استمرار السلام في هذه الدولة الأفريقية. 

فقد أعادت بعض الجماعات تنظيم صفوفها، الأمر الذي كشف عن هشاشة الوضع الأمني، بحسب ما ذكر تيسيرون, كما أنه من المتوقع أن يظل نحو ألف جندي فرنسي لفترة طويلة في مالي، يعملون جنباً الى جنب مع قوات الأمم المتحدة والقوات الأفريقية المدربة. 

 كما قال تيسيرون "إن الأهم من استقرار الوضع الأمني هو إعادة بناء مالي في المرحلة القادمة الأمر الذي يمثل تحديا أكثر إلحاحا, حيث أن الخلافات السياسية التى أدت إلى الإنقلاب الذي وقع في مارس لا تزال عميقة الجذور، كما أن مالي غارقة في الفقر والفساد". 

بينما قال كولي تروري، نادل بأحد المقاهي في ليتل باماكو "إن الدولة في حاجة إلى دعم دولي متواصل، سواء من القوات الفرنسية أو المجتمع الدولي", مضيفا "إن الدولة لا تنعم بالاستقرار، خاصة في الشمال الذي يستحق أن يكون حراً، مثل أي مكان آخر في العالم".

 من ناحية أخرى، وفي تطور للأحداث، أعلن قيادي في حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا أن عناصر من حركته خطفوا فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مشير إلى أن الفريق على قيد الحياة وبصحة جيدة، دون الادلاء بأي تفاصيل إضافية.

طالع ...  المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء