سوريا .. رُعبٌ يتخطى الخيال!


ترجمة: حسن شعيب

إحدى السيدات رأت وسمعت رجال مسلحين موالين للأسد بينما كانوا يعذبون زوجها حتى الموت في أحد المساجد, بل وحولوا الصوت إلى سماعات الآذان بحيث سمعت كل البلدة صوته وهو يصرخ, بينما قالت أخرى من حلب "إن لم يسلم زوجي نفسه للاعتقال, فقد تتعرض هي وبناتها للاغتصاب", وعندما عاد زوجها إلى البيت تم قتله أمام عينها.
يبدو أن الرعب الحاصل في سوريا لا يمكن لخيال أن يتصوره, أو عقل أن يتخيله, حاول أن ترسم صورة لما كتبته للتو وسوف ترى أن أفكارك سوف تجنح بعيدا جدا, الأمر نفسه صحيح بالنسبة للأرقام. 2.3 مليون سوري هربوا من البلاد, وهناك 9.3 مليون آخرين شردوا في الداخل.
قبل عام مضى, كان يتوقع معظم المراقبون سقوطا وشيكا للأسد ونهاية سريعة للقتال, ولكن ليس هناك أي واحد يفكر بتلك الطريقة الآن, حيث أن جيل كامل من الأطفال السوريين تربوا الآن في الدول المحيطة, ولا يتعلق الأمر بتزويدهم بالطعام والبطانيات بل تعدى ذلك لتوفير المدارس والملاعب والعيادات الطبية.
لقد قمت بقضاء أيام أربعة في مخيم على الحدود التركية مع فريق مكون من 50 برلمانيا من يمين الوسط من 12 دولة أوروبية, وهم أعضاء في التحالف الأوروبي للمحافظين
والإصلاحيين, حيث قمنا بتوزيع الألعاب والملابس كما أنشأنا ملعبا لكرة القدم وحالما انتهينا منه قدمنا مباراة افتتاحية فيه (تقدم فريق المنفيين السوريين على المحافظين الأوروبيين 5-4).
صحيح أن جميع البرلمانيين سمعوا قصصا كتلك التي كتبتها, ولا شك أن سماع القصص من أفواههم ليس كقراءتها في الصحف, ردة فعلنا كانت أن هناك ما يجب القيام به, بحيث يكون كبيرا وحاسما يضع حدا للمأساة.
برغم أن هذه المعادلة مفهومة لكنها في غير محلها, يجب أن تتناسب السياسة العامة مع الهدف الذي نريد تحقيقه, وليس مع الغضب الذي نشعر به, حيث التقينا بكل لاجئ كان يريد توجيه ضربة عسكرية ضد نظام الأسد, ومن الغريب أننا لم نقم بذلك, ولكن ذلك لا يعني أن التدخل العسكري الإنجلو أمريكي في سوريا سوف تكون نتائجه أفضل من الأضرار التي سوف يحققها.
بيد أنني لست متأكدا من عدم انطباق الأمر على الدول المجاورة مثل قطر والسعودية الأردن والإمارات, فقد تلقت هذه الدول عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات عسكرية أمريكية, ويمكن أن تنشرها بصورة مناسبة (لفرض منطقة حظر طيران) دون أن يكون هناك أي تبعات سلبية يمكن أن تنشأ نتيجة التدخل الغربي, ومع ذلك فإن ذلك ليس من ضمن أهدافنا أيضا.
غير أني كذلك أرى أن هناك أمور خارج سيطرتنا ومشاكل ليس لها حلول, فبينما كنا في المخيم التقينا مع قادة عسكريين وسياسيين من المعارضة السورية, حيث كان جميعهم مصممين على نقطة واحدة وهي أنه ليس هناك أي فرصة للوصول إلى تسوية دون الإطاحة بالأسد وأعوانه.
فهم لم يُطالبوا بتفكيك أجهزة الدولة كاملة, كما قالوا إنه سوف يكون للبعثيين مكان في التوزيع الجديد للحكم. ولكن أولئك المحيطين بالرئيس يجب أن يرحلوا, إنهم يعيشون يوميا مع فصص كتلك التي سمعناها من اللاجئين. كيف لهم ألا يطالبوا بالعدالة ؟ وكيف يمكن أن لهم يجلسوا بطيب خاطر مع القتلة؟
بينما يقول الأسد, إن توجههم هذا يزيل أي حافز للحوار, بغض النظر عن الوعود التي يمكن أن تقدم الآن, فإن المنفى سوف يعني عمرا كاملا من القتال لمحاولة محاكمته في لاهاي.
وهكذا فإن المذبحة سوف تستمر, حتى يستنفذ أحد الطرفين عسكريا, وسوف تنشر سوريا الفوضى والصراع السني الشيعي على امتداد المنطقة, حيث قتل المئات في لبنان نتيجة للتفجيرات وذلك مع استهداف الميليشيات المتصارعة بعضها في المساجد, كما أن مستوى القتل الطائفي في العراق يشهد أعلى معدل له منذ 0620.
قد يكون بإمكاننا معالجة المصدومين نفسيا والمشوهين والمنفيين, ويمكننا تمويل الدول المجاورة, ويمكننا تقريب الفصائل من بعضها البعض, قد نكون قادرين على أن نقوم بكل هذه الأمور, ولكن ليس بوسعنا وقف الفظائع, كما أن قبول ذلك ربما يكون أصعب شيء من بين كل الأمور. 

طالع ... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء