السلام المستحيل.. في جنوب السودان!


ترجمة: حسن شعيب

يحاول وسطاء أفارقة من أوغندا إلى كينيا, والكثير منهم ساعد على ولادة جنوب السودان وإنهاء أطول حرب أهلية في أفريقيا, وقف نزاع دموي يهدد بتمزيق دولة جديدة, بعد شهر على اندلاعه، مازال القتال مستعراً في جنوب السودان، التي كانت تُعتبر ذات يوم قصة نجاح لسياسة الولايات المتحدة الخارجية.
فقد تعثرت مفاوضات السلام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ ومن بين نقاط الخلاف الرئيسية مطالبة زعيم المتمردين ريك مشار لخصمه سلفا كير بالإفراج الفوري عن سجناء سياسيين، وهو ما يرفضه "كير".
في الوقت الحالي, تبدو مهمة مساعدة جنوب السودان على الوقوف على قدميها من جديد صعبةً ومحبطةً على نحو متزايد؛ ذلك أن الوسطاء يواجهون أجندات متنافسة بين جيران لديهم مصلحة في النفط والتجارة؛ وصعود زعماء حرب محليين وانقسامات سياسية جديدة؛ وسجلاً من اتفاقات وقف إطلاق النار التي تعلن ثم تخرق؛ ونزوح مئات الآلاف من المدنيين وسط صراع قبلي.
وفي هذا السياق، أفادت بعض التقارير بأن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قام بإرسال قوات لدعم الرئيس كير وتعهد بأن دول شرق أفريقيا ستتعاون من أجل «هزم» مشار في حال لم يوافق على وقف إطلاق النار, وفي الأثناء، اشتبكت قوات مشار المنشقة مع القوات الحكومية في محيط مدينة بور، التي يمكن أن تستعمل كمحطة لإطلاق زحف على العاصمة جوبا.
علاوة على ذلك، لم تنخرط الوفود, التي ذهبت إلى إثيوبيا ممثلة لـ«كير» والمتمردين التابعين لمشار، والذين يصفهم «كير» بالانقلابيين، في مفاوضات جادة، مما سبب إحباطًا للوسطاء الدوليين, حيث حذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري زعماء جنوب السودان هذا الأسبوع من التعامل مع المفاوضات كـوسيلة للمماطلة تسمح للفصائل المتناحرة بالسيطرة على أراض أو تحقيق تقدم استراتيجي.
في هذا الصدد, قال المحلل إيريك ريفز، المتخصص في السودان، والذي يُدرِّس بكلية "سميث كوليدج" في نورثهامبتون، بولاية ماساتشوسيتس "لقد استلزم الوقت خمسة أيام حتى يصل هؤلاء الرجال إلى المرحلة التي يلتقي فيها بعضهم بعضًا، ولكننا لم نر أي مؤشر على التقدم، وعلى أن القتال سينتهي قريبا".
بيد أنه مع استمرار المعارك بين فصائل الجيش المتنافسة التي تؤجج الانقسامات العرقية، وحصيلة رسمية بلغت ألف قتيل، هناك أسئلة بشأن من ينبغي أن يجلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات, حيث قال البورفيسور محمود ممداني، الذي يقسم وقته بين جامعة كولومبيا وجامعة ماكيريري في أوغندا، "إن بعض التكتلات الإقليمية المؤثرة في شرق أفريقيا مثل الهيئة الحكومية للتنمية، تكتل تجاري يضم ثمانية دول في شرق أفريقيا ويعرف اختصاراً بــ"إيجاد"، لم تكن وسيطة نزيهة في هذا النزاع".
وأضاف ممداني "أن "إيجاد" زادت الطين بلة من خلال دعوتها لطرفي النزاع إلى التفاوض، في الوقت الذي تدعم فيه صراحة فصيل الرئيس كير وتمده بالجنود، متى دعت الضرورة لذلك", وقد تزعمت ذلك أوغندا، التي أرسلت ربما المئات أو الآلاف من الجنود بشكل واضح لمساعدة مواطنيها.
من جانبه يرى الزعيم الأوغندي موسيفيني أن على مشار الشروع في التفاوض كما قال في جوبا وإذا لم يفعل، فإننا سنذهب إليه جميعنا, وهذا ما اتفقنا عليه في نيروبي, وقال المؤرخ دوجلاس جونسون "إن فعالية "إيجاد" تتوقف على دعم لاعبين كبار مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج؛ ولكنه يشك في أن يكون لدى الوسطاء الدوليين تأثير كبير على مشار المعروف بتغيير تحالفاته".
وكان كير قد سحب السلطات السياسية من مشار في أبريل الماضي، عقب زيارة مهمة قام بها الرئيس السودانـي عمر البشير إلى جوبـا, بعـد أن تخلـص من التهديـد فـي الشمال على ما يبدو ووافق على شروط لتصدير النفط، قام كير بإقالة حكومته بكاملها في يوليو الماضي, ومن بين الذين بقوا كان هناك زعماء حرب منافسون سابقون من فترة الحرب الأهلية.
وهذا الأسبوع عاد البشير ليتعهد بدعم كير بينما اقترح وزير خارجيته على ما يقال إرسال جنود لتأمين حقول النفط, غير أن قرار الاستعانة بعدو قديم وجلبه إلى البلاد من أجل حل نزاعاته الداخلية قوبل بالصدمة والتهكم من قبل البعض.
وفي هذا السياق، يقول المحلل المختص في جنوب السودان ألي فيرجي "إن العدو التاريخي الأول بات اليوم حليف الملاذ الأخير"، في وقت يسعى فيه كير جاهدا لإنقاذ حكومته.
بيد أن الاختبـار الحقيقـي هو إصلاح نزاعين متوازيين في القيـادة والجيـش، إضافة إلى الانقسامات العرقية التي تم الكشف عنها في سكان منقسمين على نحو متزايد، حيث يختبئ نحو 60 ألف شخص في قواعد الأمم المتحدة، منقسمين وفق خطوط قبلية في الغالب. 

طالع .. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء