عمليات التجسس واتفاق "العيون الخمس"


ترجمة: حسن شعيب
بينما تستعد برلين وباريس لمواجهة واشنطن بشأن عمليات التجسس الأمريكية عليهما، قد ترمق العاصمتان الحليفتان لندن بعين الحسد, حيث تنضم بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا تحت ما يسمى باتفاق "العيون الخمس" الذي أُبرم منذ عقود مع الولايات المتحدة بألا يتجسس أي طرف على الآخر.
من أجل ذلك, يعتقد بعض المسئولين الألمان أن المستشارة الألمانية عندما تحدثت عن ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاستخبارات وجمع المعلومات وعمليات التجسس بأنها ربما كانت تفكر في نموذج اتفاق العيون الخمس على نفس المنوال.
برغم ما يبدو من ندم الولايات المتحدة فيما يتعلق التجسس التي طالت ملايين اتصالات الأوروبيين ومنها هاتف المستشارة الألمانية نفسها، فإنه من غير المحتمل أن توسع إدارة أوباما اتفاق "العيون الخمس" ليشمل حلفاء مقربين آخرين مثل ألمانيا وفرنسا.
في هذا السياق, قال جوناثان لورانس, الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في بوسطن كوليدج والمتخصص في العلاقات الأمريكية الألمانية, "إن علينا مسؤولية تقديم اعتذار صادق وطمأنة حقيقية، ولكن لا يمكننا أن نغفل حقيقة أننا لسنا العدو وأن لديهم أعداء", مؤكدا "ينبغي علينا ألا نغفل حقيقة أن الدول الأوروبية ليست تابعة لنا ولكنها بدرجة ما خاضعة لحمايتنا".
مؤخرا, أعربت ألمانيا وفرنسا عن رفضهما للممارسات المزعومة لعمليات التجسس الأمريكية الموجهة، وجمع المعلومات واسع النطاق، بينما أشار مسئولون إلى أن وفوداً استخبارية من البلدين ستتوجه بسرعة إلى واشنطن لمعالجة القضية والسعي للتوصل إلى ما وصفه فرانسوا هولاند بأنه ميثاق شرف جديد للعمل الاستخباراتي.
منذ ذلك الحين, تبايت ردود أفعال الحكومتين, حيث قالت مصادر رسمية "إن هناك ترقباً لوصول رؤساء أجهزة الاستخبارات للبلدين في واشنطن على رغم أنه من غير المرجح حالياً أن يصلوا قبل نهاية الأسبوع.
ولكن على الجانب الآخر، بينما يهتم الفرنسيون بوضع قواعد جديدة ولا يركزون كثيراً على الاتفاقات التي قد تقيد أنشطة الأجهزة الاستخبارية، فهم لا يتحدثون عن إرسال أية وفود إلى واشنطن أو اجتماعات رفيعة المستوى خاصة، على الأقل اجتماعات معلنة.
كما قال بعض المحللون "إذا سعت ألمانيا وفرنسا إلى التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن جمع المعلومات فلن يكون هذا إلا أحد الجوانب, فمع توسع الغضب ليصل إلى إسبانيا، فقد تواصل الفضيحة تضخمها مع تسرب آلاف الوثائق الأخرى التي سرقها المتعاقد السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية أداورد سنودن.
فقد استدعت الحكومة الإسبانية يوم الاثنين الماضي السفير الأمريكي في مدريد ليقدم تفسيرات بعد أن نشرت صحيفة إلموندو اليومية تقريراً عن رصد وكالة الأمن القومي الأمريكية لأكثر من 60 مليون اتصال أجراه إسبان في شهر واحد.
واستهدفت عملية الرصد التي تشبه ما حدث في فرنسا، جمع أرقام هواتف مشتبه فيهم إرهابيين وربطها في نهاية المطاف بأرقام أخرى بحسب ما قال مسؤولون أمريكيون, ولكن هذا التبرير لم يهدئ المخاوف الأجنبية فيما يبدو. وقد وصف وزير الخارجية الإسباني خوسيه
مانويل جارثيا مارجالو هذا النشاط بأنه غير مقبول وبأنه إذا تأكد فقد يضر بالثقة بين البلدين.
كما قالت أشيلي ديكس, أستاذ القانون في جامعة فيرجينيا، "إن إحدى السلبيات الكبيرة لدخول الولايات المتحدة في اتفاق استخباراتي ملزم مع ألمانيا ستكون إرساء سابقة قد تدفع دولاً أخرى للسعي إلى اتفاقات مشابهة", مضيفة "أن الولايات المتحدة لن تخسر معلومات استخباراتية بتوسيع الاتفاقات الملزمة فحسب، بل سيتعين عليها أيضاً أن تفكر في احتمال أن ينتخب بلد مثل ألمانيا في مرحلة ما حكومة غير صديقة مما يعقد عمل الحكومات الأمريكية المقبلة".
أما كاتلين هايدن, المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي فقد قالت "إن الإدارة الأمريكية تتطلع للاجتماع مع مسئولين ألمان بشأن هذه القضية", مشيرة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد أجرت محادثات مع مسئولي الاستخبارات الألمان في الشهور الماضية, واتفقت قيادات كلا البلدين على تعزيز التعاون".
وبرغم كلمات التهدئة الصادرة من البيت الأبيض، يُشكك بعض الخبراء في العلاقات الأمريكية الألمانية في احتمال أن يبرم أوباما مع ألمانيا أو أي حليف آخر اتفاقاً طويل الأمد مثل المبرم مع بريطانيا, حيث يقول الخبراء "إن هذا صحيح بشكل خاص مع الأخذ في الاعتبار الخلافات المحورية بين ألمانيا وأمريكا، ومنها العلاقات التجارية الألمانية بالصين وإيران والتعامل مع روسيا في ظل قيادة بوتين".
وتقول ديكس "برغم سلبيات توسيع الاتفاقات الملزمة التي تقيد جمع المعلومات في دول أخرى، فإن تكلفة عدم فعل هذا سترتفع، بعد أحدث فضيحة لأن هناك دولاً تهدد برد أكثر تكلفة مثل تقييد التعاون الاستخباراتي, كما قالت "إن الولايات المتحدة ربما تستطيع تقليص الضرر وتهدئ حده المخاوف على الجبهة الأوروبية بفرض بعض القيود، ولكن هذا لن يهدئ
غضب دول أخرى مثل البرازيل والمكسيك التي يرجح أن تتمسك بالمطالبة بإبرام اتفاقات خاصة بها هي أيضاً مع الولايات المتحدة".

طالع ... المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء