"السلطة الخامسة" .. كواليس "ويكيليكس"


ترجمة: حسن شعيب
يعتبر فيلم "السلطة الخامسة", أو "ذي فيفث استايت"، قصة قائمة على أحداث واقعية لنشأة وبداية منظمة "ويكيليكس" ومؤسسها جوليان أسانج، كما يثير مجموعة من المواقف الممزوجة المشوشة.
يعرض الفيلم، الذي افتتح مؤخرًا في الولايات المتحدة، تفاصيل ميلاد تلك المنظمة المثيرة للجدل، وعلاقة أسانج مع مبرمج الكمبيوتر الألماني دانيال بيرج الذي بني الفيلم على كتابه, كما مدح النقاد في بريطانيا مهارة الممثل "بينيديكت كامبرباتش" في لعب دور أسانج حيث افتتح الفيلم في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على رغم أن البعض وجد الفيلم الذي استغرق عرضه ساعتين طويل جداً ويفتقر إلى السرد الواضح.
بيد أن منظمة "ويكيليكس" وجوليان أسانج نفسه كانا أكبر منتقدي الفيلم، حيث وصفه أسانج بأنه "هجوم دعائي جارف"!, ويقول البعض في عالم الصحافة إن الفيلم فشل في التقاط الاختلافات القائمة في الجدل حول موقع "ويكيليكس", حيث تقول أثينا كاراتزو جياني، المحاضرة بمركز الإعلام الجديد والاتصال السياسي بجامعة "هل" "إنه فيلم، نعم، لكنه بسيط للغاية ويركز أكثر من اللازم على الشخصيات، بدلاً من الخدمة الجيدة التي قامت بها لإبراز الضغوط التي تمارس على الصحافة وثقافة المراقبة".
كما وصفت "ويكيليكس على موقعها الإلكتروني العمل الذي أنتجته شركة "ريم ووركس" بأنه "عمل من وحي الخيال يتنكر في صورة واقع", في شجب طويل شمل حتى نفياً لأن يكون أسانج قد صبغ شعره باللون الأبيض, بينما لم يكن أسانج موجوداً للتعليق, حيث لا يزال مختبئ في سفارة الإكوادور في لندن
حينما هرب في يونيو 2012 لتجنب تسليمه إلى السويد بسبب مزاعم اتهامه بالاعتداء الجنسي هناك, حيث قال كريستين هرافنسون, المتحدث باسم "ويكيليكس" "إن معظم الفيلم كان مخطئا فيما يتعلق بسرده للحقائق".
كما أشار المتحدث إلى "أن الفيلم خلق دعاية ضد ويكيليكس" مشددا على "أن المنظمة غير مسئولة أو على استعداد لنشر معلومات بغض النظر عن العواقب، وهذا أمر غير صحيح في الواقع" كما أضاف قائلا "هناك أشخاص يعملون في ويكيليكس ولا يزالون قيد التحقيق الخطير في واحد من أكبر التحقيقات الجنائية في تاريخ الولايات المتحدة, إنها معركة صعبة لأشخاص مثل تشيلسي (برادلي سابقاً) مانينج", كما ذكر هرافنسون أنه لم يرى الفيلم، على رغم الطلبات العديدة للحصول على نسخ للمعاينة, معتقدا أنها جريمة، فقد أخذوا قصة في غاية الأهمية وقصة مثيرة من الناحية التاريخية وحولوها إلى قصة مملة".
وتوافق كاراتزو جياني التي شاهدت الفيلم على هذا الرأي، وتقول إن الفيلم لم يفسر تعقيدات "ويكيليكس" وصعوبات قيادة هذه المنظمة, ويبدوا أن المشكلة هي أن ويكيليكس حركة وشبكة ذات قيادة أفقية, ولكن في بعض الأوقات كان يتعين على أسانج اتخاذ بعض القرارات الصعبة، ما أغضب بعض الناس، وكان عليه أن يتخذ هذه القرارات في الشدائد الكبيرة، وهذا قد يشعر الناس بأنهم مستبعدون".
من المؤكد أن الفيلم شجع آخرين على المخاطرة، مثل إدوارد سنودن، من خلال الكشف عن سلوك يعتبره غير شرعي من قبل وكالات أمريكية وبريطانية في أماكن مثل مقر الاتصالات الحكومية (وكالة استخبارات بريطانية) أعتبره رائداً في كيفية ربط قواعد البيانات، ومبتكرا في مجال التعامل مع المواد الحساسة وكيفية تأسيس الصحافة التعاونية في جميع أنحاء العالم.
كما يقول آلان ستيوارت، أستاذ الصحافة في جامعة بورنموث، "إن موقع ويكيليكس لم يخترق بعد، ما يثبت أن أنظمته قوية وأن مصادره لا تشعر بالقلق لإعطائه المعلومات".
من نافلة القول أن أسانج ومنظمة "ويكيليكس" لم يكن ينقصهم المعترضون سواء في بريطانيا أو خارجها, حيث انتقد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الجديد لوكالة الاستخبارات البريطانية (إم أي 5) أندرو باركر تسريب آلاف من ملفات التجسس لمقر الاتصالات الحكومية من قبل موظف وكالة الأمن القومي السابق سنودن بمساعدة "ويكيليكس".
كما قال كاميرون أمام البرلمان إنه أضر بالأمن القومي وانتقد صحيفة الجارديان لقيامها بنشر البيانات, كما اعتبر باركر "أن الحادثة تسببت في خسائر فادحة, زاعما أن هذه المعلومات تفيد الإرهابيين, بوصفها الهدية التي يحتاجون إليها للتهرب منا وضرب إرادتنا, ولهذا السبب يتعين علينا الحفاظ على سرية المعلومات، وإذا لم نفعل ذلك سيلحق بنا بالضرر".

بينما قال ستيوارت "إن أسانج يمكن مقارنته بمخبر البنتاجون في السبعينات دانيال ألسبيرج, والذي واجه انتقادات شديدة بسبب ما فعله في ذلك الوقت، ولكن بمرور الزمن وجه إليه الشكر، حيث أخبر الناس بما كان يحدث باسمهم, واختتم آلان ستيوارت بقوله "لدي شعور بأن نفس الشيء سيحدث مع أسانج في السنوات المقبلة".
------------------------------------
 طالع .. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء