ملكة جمال الاحتشام!
ترجمة: حسن شعيب
قد يشبه الحفل غيره, فلم يكن ينقصه البريق، والكعوب العالية، والأوشحة، عندما توجت ملكة جمال نيجيريا للفوز بالمسابقة، ركعت على ركبتيها وأجهشت بالبكاء تعبيرا عن سعادتها البالغة, لكن هذا الحفل لم يكن عاديا، حيث كانت المسابقة للمسلمات اللواتي ارتدين أغطية الرأس وأثواباً طويلة تغطي أجسامهن بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
يوم الأربعاء الماضي، تشاركت المتسابقات العشرة اللواتي وصلن للتصفيات النهائية, أفكارهن حول أهمية الأمومة ومخاطر الإنترنت وقيمة التمويل الإسلامي, وقد كن يتبارين للفوز بـتاج الاحتشام والحياء، وهو عبارة عن تمثال ذهبي لامرأة تمد يديها شكراً لله، بالإضافة إلى رحلة مدفوعة التكاليف إلى مكة المكرمة.
جدير بالإشارة أن هذا الحدث عقد للعام الثالث على التوالي، إلا أنه ينظم في هذا العام متزامنا مع إجراء مسابقة ملكة جمال العالم في المكان نفسه, وهو ما أثار الغضب بين الإندونيسيين الإسلاميين الذين وصفوه بالإباحية الفاحشة كما طالبوا بوقفه. في ذات السياق, قال منظمو المسابقة "إن مؤسسة مسلمة العالمية تهدف إلى إظهار النساء اللاتي يتمتعن بالذكاء والأناقة ويجسدن أخلاق الإسلام الحميدة, وقد وصفت هذه المسابقة على أنها بمثابة الترياق ضد مسابقة ملكة جمال العالم التي تقام في ذات الأسبوع على بعد 730 ميلاً في منتجع جزيرة بالي.
من جانبها, قالت إيكا شانتي، مؤسسة مسابقة ملكة الجمال "نحن نقيم هذا الحدث الدولي تقديراً للنساء اللواتي يتمتعن بالموهبة والتفاني والسمعة الطيبة في مجتمعاتهن باعتبارهن من الشباب، ولكنهن في نفس الوقت حريصات على رد الجميل للآخرين". كما أضافت شانتي "أن المسابقة تستند على مصطلح شوليها وهو مصطلح إسلامي محلي يشير إلى الشخص التقي ذو السيرة الحميدة المتمسك بالأخلاق والمبادئ الإسلامية, وتصف هذه المسابقة بأنها صيغة لفهم جوهر المرأة المثالية بغض النظر عن الأديان".
بيد أن شانتي استدركت قائلة "إن هذه المسابقة ليس المقصود بها أن تكون تحديا أو معارضة لمسابقة ملكة جمال العالم، ولكنها وسيلة لإبعاد الصورة النمطية السلبية للمرأة المسلمة", مشيرة إلى أن "بعض الناس يعتقدون أننا ضد مسابقة ملكة جمال العالم، ولكننا ضد العري, فمن أجل الثقافة, حاولنا أن نقدم نموذجا آخر".
في يونيو الماضي, بدأت أن الاحتجاجات على إجراء مسابقة ملكة جمال العالم مرة أخرى, ورداً على هذه الاحتجاجات وافقت المنظمة التي مقرها لندن على استبدال البكيني بزي سباحة مكون من قطعة واحدة وصارون (رداء يرتديه سكان جزيرة بالي) أكثر احتشاماً، احتراماً للعادات والقيم المحلية على حد قولهم.
في الأسابيع الأخيرة زادت الاحتجاجات مرة أخرى، ولكن هذه المرة اعتراضاً على المسابقة التي وصفت بأنها تسيء إلى الأخلاق الإسلامية, وتحت الضغط المتزايد, طالبت الحكومة بتحديد مكان إقامة مسابقة ملكة الجمال، التي تقام أجزاء منها خارج جاكرتا، في بالي حيث تقطن أغلبية من الهندوس, مما أثار حفيظة منظمو الحدث والذين قالوا إنه من الطبيعي أن تتغير الخطط من قبل الحكومة متأثرة بضغوط الإسلاميين في البلاد.
ويعد حوالى 90 بالمائة من سكان إندونيسيا البالغ عددهم 250 مليون نسمة من المسلمين، مما يجعلها أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان, حيث قالت أندي ينترياني، مفوضة باللجنة الوطنية لمواجهة العنف ضد المرأة بإندونيسيا، "إن مثل هذه المسابقات تضع معياراً للجمال", زاعمة "أن كلًا من مسابقة ملكة جمال العالم ومنظمة مسلمة العالمية تستغلان الجمال كسلعة للترويج لنوع من المرأة المثالية".
يشار أن مسابقة ملكة جمال العالم, التي بدأت في عام 1951، قد نالت كذلك نصيبها من الجدل من قبل, حيث احتجت جماعات نسائية في السبعينيات والثمانينيات على مرحلة البكيني في المسابقة، ومن ثم فقد ألغي هذا القسم من المسابقة في الأعوام الماضية. وفي ذات السياق, نجح الإسلاميون في إندونيسيا في طمس بعض الأحداث السابقة باعتبار كونها غير إسلامية، بما في ذلك حفل لبعض الغنائيين العالميين الذي قام منظموه بإلغائه لاعتبارات أمنية.
--------------------------------------
طالع .. المصدر
تعليقات