الجنائية الدولية .. ريبة "الكيل بمكيالين"!
ترجمة: حسن شعيب
وسط شكوك متنامية في المنطقة حول مدى عدالة المحكمة، وإنصافها في التعامل مع أفريقيا, طالبت خمسة دول إفريقية الأسبوع الماضي السماح لنائب الرئيس الكيني بتجاوز بعض جلسات المحاكمة، التي يخضع لها في مقر محكمة الجنايات الدولية بلاهاي، لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
بعد أيام قليلة فقط على مثول نائب الرئيس الكيني، ويليام روتو، أمام المحكمة وإصراره على البراءة من التهم المنسوبة إليه, قدمت الدول الأفريقية الالتماس, لا سيما أن كلاً من نائب الرئيس الكيني والرئيس، أوهورو كينياتا، يمثلان معا أمام محكمة الجنايات الدولية، ويواجهان تهماً مرتبطة بالعنف الذي اندلع في كينيا بعد الانتخابات الرئاسية للعام 2007، الأمر الذي يطرح عدداً من الإشكالات السياسية والدستورية في كينيا، مع احتمال غياب المسئولين معاً عن البلاد في وقت واحد.
جدير بالإشارة أن أعمال العنف التي شهدتها كينيا في 2007, أثارت حفيظة المجتمع الدولي، وحازت على تنديدات واسعة من القوى الغربية، بعدما خلفت أكثر من 1300 قتيل، ونزوح ما لا يقل عن 600 ألف من منازلهم، وكان المسئولان قد فازا في الانتخابات الأخيرة.
بيد أن كلاهما تعهدا بالدفاع كذلك عن نفسيهما أمام المحكمة الدولية، مؤكدين أنهما سيواصلان القيام بمهامهما السياسية، وإدارة شؤون البلاد حتى لو تطلب الأمر التواصل عن
بعد عبر الإنترنت، هذا ويمثل الطلب الذي تقدمت به كل من رواندا، وتنزانيا، وبروندي، وأوغندا، وإريتريا، إلى محكمة الجنايات الدولية والقاضي بعدم مثول المتهمين أمام القضاة لظروفهما السياسية، الحلقة الأخيرة في سلسلة ممتدة من إجراءات المقاضاة.
في ذات السياق, ما زالت أغلب البلدان الأفريقية تنظر إلى المحكمة بعين الريبة لما يعتبرونه تركيزا خاصا من قبل قضاتها على القادة الأفارقة، فيما يظل سياسيون آخرون حول العالم دون محاكمة, وتصاعد الغضب الأفريقي تجاه المحكمة الدولية، حيث صوّت البرلمان الكيني في الأسبوع الماضي على قرار يقضي بانسحاب البلد من محكمة الجنايات الدولية.
لكن ذلك لم يمنع نائب الرئيس من التوجه بعد أيام على ذلك إلى هولندا للمثول أمام قضاة المحكمة، وأشارت البلدان الأفريقية الخمسة في طلبها إلى المحكمة أن فعاليتها ومصداقيتها ستتعزز أكثر في أعين الأفارقة لو منحت استثناء لنائب الرئيس روتو بالنظر إلى المهام الملقاة على عاتقه داخل البلاد، لا سيما وأن الرئيس أيضاً يقف أمام المحكمة، وتنظر الغرفة المختصة في المحكمة طلب البلدان الأفريقية وإمكانية السماح لروتو بالتغيب عن بعض الجلسات مع حضوره عدداً قليلاً منها حتى يتمكن من ممارسة مهامه الحساسة.
يذكر أن المطالب الأفريقية أثارت انتباه المحكمة إلى ضرورة حصول الرئيس كينياتا، الذي من المتوقع أن يمثل أمامها خلال شهر نوفمبر المقبل، باستثناء مماثل حتى يتسنى له حضور اجتماعات مهمة، واتخاذ قرارات حيوية متعلقة بقوات حفظ السلام الإقليمية المنتشرة في عدد من البلدان المجاورة، وهو ما لا يستطيع القيام به من هولندا.
جدير بالذكر أن محاكمة نائب الرئيس بالإضافة إلى الإذاعي، جوشوا أراب سانج، قد انطلقت في العاشر من سبتمبر الجاري بمقر المحكمة بلاهاي، حيث يواجه الرجلان تهماً بالقتل والتهجير القسري للسكان، واضطهادهم إبان العنف الذي اجتاح البلاد في, حيث
أكد المتحدث باسم محكمة الجنايات الدولية، فادي العبدالله، تلقي المحكمة للطلب الأفريقي، لكنه امتنع عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
خلال ذلك, طالب مجمل الاتحاد الأفريقي بتعليق المحاكمة حتى تعالج الإشكالات القانونية والدستورية الناشئة عن وجود رأسي الدولة الكينية خارج البلاد للمثول أمام المحكمة, حيث أشارت التقارير الإعلامية إلى أن الاتحاد الأفريقي طلب كتابة من القاضي رئيس المحكمة، القاضي سنج هيون سونج، النظر في الموضوع، علماً بأن الدستور الكيني لا يتعامل مع الحالات التي يتغيب فيها الرئيس ونائبه عن البلاد في وقت واحد.
في هذا الصدد, أوضحت الرسالة التي كتبها رئيس الاتحاد الأفريقي ووزير الخارجية الإثيوبي أنه في الوقت الذي تعاونت فيه كينيا على الدوام مع محكمة الجنايات الدولية، وأكدت على التزامها الاستمرار في هذا التعاون، إلا أنه يتعين عليها القيام بذلك في إطار المقتضيات الدستورية.
ت خلال الأسبوع الماضي أثيرت العديد من الأسئلة التي تعبر عن غضب الكينيين، حيث تساءلوا عما إذا كان الرئيس ونائبه سيمثلان أمام المحكمة في وقت واحد، وكيف يمكن إدارة البلاد في هذه الحالة، وهو ما سارعت المحكمة بالرد عليه قائلة إن المحاكمتين لن تتم في وقت واحد.
ويُشار إلى أن المحاكمة بدأت بنائب الرئيس يوم الثلاثاء الماضي، لتكون الأولى من نوعها لمسؤول كبير ما زال في منصبه، حيث افتتح القاضي تشيلي أبوي-أوسوجي الجلسة بالترحيب بالجميع، قبل أن يدعو الأطراف إلى التعريف عن أنفسهم.
وجلس روتو البالغ من العمر 46 عاماً مرتدياً بدلة رسمية رمادية وربطة عنق حمراء ذات خطوط بيضاء، كما جلس المتهم معه في القضية مقدم البرامج الإذاعية جوشوا أراب سانج بعدما حضرا من كينيا خصيصاً للدفاع عن نفسيهما وتفنيد التهم الموجهة لهما.
-----------------------------
طالع .. المصدر
تعليقات