كندا .. وادي للنوابغ التكنولوجية!


ترجمة: حسن شعيب
بينما ما زال قانـون الهجرة الأمريكـي عالقًا في الكونجرس، لم تنتظر كندا حيث أطلقت برنامج نموذجي لجذب المقاولين العالميين، من خلال منحهم تأشيرات للإقامة الدائمة وطريقا للحصول على الجنسية, حيث قال وزير المواطنة والهجرة الكندي الجديد, كريس ألكسندر, "إن برنامج بلاده الذي يمنح 2750 تأشيرة للمقاولين الأجانب الشباب سيتم توسيعه في حال أثبت نجاحه".
كما اضاف "إذا نجحنا في جذب الأشخاص من النوع الذي نرغب في جذبه، فإنني واثق بأن الرقم سيزداد", وبذلك تنضم كندا إلى كل من أستراليا، وبريطانيا، وتشيلي، والبرازيل، وبلدان أخرى تأمل في خلق أقطاب تكنولوجية على غرار منطقة «سيليكون فالي» الأمريكية المشهورة بشركاتها العاملة في قطاع التكنولوجيا.
في الآونة الأخيرة, قامت كندا بوضع لوحة إعلانية عملاقة على جانب الطريق على إحدى الطرق السريعة في "سيليكون فالي" مفادها "هل تعاني مشاكل تأشيرة؟ انتقل إلى كندا إذن"، كما تفعل كل من تشيلي والبرازيل.
كما أشار ألكسندر إلى أنه بموجب البرنامج الكندي الجديد الذي أُطلق في أبريل الماضي، فإذا كنتَ شاباً في الثانية والعشرين من العمر في "سيليكون فالي" ولديك فكرة عظيمة، ولديك 75 ألف دولار من مستثمر فرد أو 250 ألف دولار من شركة في كندا، فإنك ستُمنح تأشيرة دائمة، وسيكون بإمكانك أن تصبح مواطن كنديا".
وأوضح أنه "عندما يُمنح المقاولون الأجانب تمويلا وتتم الموافقة عليهم من قبل المستثمرين أو اتحادات شركات في كندا، فإن العملية ستكون سريعة نسبياً، ونسبة الموافقة ستكون مرتفعة للغاية وتتجلى الفكرة في السماح لأفضل شركات القطاع الخاص بانتقاء الفائزين، وليس الحكومة".
في ذات السياق, تعرض تشيلي، التي بدأ برنامجها المدعوم من الحكومة لدعم الشركات المبتدئة قبل ثلاث سنوات، 40 ألف دولار من المساعدات الحكومية، إضافة إلى مساحات مكتبية بالمجان وتأشيرات عمل، على الشركات المبتدئة الأجنبية التي تستوفي الشروط. وقد تقدم حتى الآن أكثر من 7200 مقاول أجنبي بطلب الاستفادة من هذا البرنامج وتم اختيار قرابة 700 منهم، من بينهم أكثر من 160 شركة مبتدئة من الولايات المتحدة.
كما أعلنت البرازيل في وقت سابق من هذا العام عن برنامجها الخاص بالشركات المبتدئة الذي يعرض على الشركات المبتدئة المحلية والأجنبية العاملة في قطاع التكنولوجيا العالية قرابة 100 ألف دولار من المساعدات الحكومية، إضافة إلى فضاء مساحات مكتبية بالمجان. غير أن برنامج البرازيل موجه بشكل خاص إلى الشركات المحلية، وحوالي 25 في المئة فقط من الفائزين من المتوقع أن يكونوا من الخارج، كما يقول مسؤولو البرنامج.
وعلى سبيل المقارنة، فإن مشروع قانون الهجرة الأمريكي الذي مُرر مؤخراً في مجلس الشيوخ الأمريكي – ولكنه مازال يصطدم بمعارضة «الجمهوريين» في مجلس النواب بسبب مواضيع أخرى – لا يعرض سوى «تأشيرة مستثمر غير مهاجر» التي تبلغ مدتها ثلاث سنوات. وإذا كانت هذه التأشيرات قابلة للتجديد، فإن على المتقدمين بالطلبات أن يستوفوا شروطاً صارمة من أجل تحويلها إلى تأشيرات دائمة مع طريق صعب للحصول على المواطنة، من قبيل خلق عائدات سنوية تبلغ 750 ألف دولار على الأقل.
والواقع أن شركات التكنولوجيا الأمريكية باتت جد محبطة بسبب القيود المفروضة على الهجرة التي تمنعها من توظيف العلماء والمهندسين الأجانب الذين يتخرجون من الجامعات الأمريكية لدرجة أن الكثير منها، ومن بينها شركة «مايكروسوفت»، قامت بإنشاء مختبرات بحث في «فانكوفر» في كندا لإرسالهم إلى هناك، بل إن مجموعة من المقاولين قامت بإطلاق مخطط يقضي بإنشاء مجموعة من الشركات المبتدئة العائمة على متن سفينة في المياه الدولية على بعد 12 ميلاً من ساحل سان فرانسيسكو. المشروع، الذي يدعى «بلوسيد»، يتيح للمقاولين الأجانب إمكانية أن يكونوا قرب «سيليكون فالي» دون الحاجة إلى تأشيرة عمل أمريكية، مع إمكانية الذهاب يومياً إلى اليابسة بواسطة العبارة. ويشار إلى أن أكثر من 1400 مقاول من 68 بلداً عبَّروا حتى الآن عن اهتمامهم بالعيش على متن السفينة.
وشخصياً، أعتقدُ أن «جمهوريي» مجلس النواب يستحقون النصيب الأكبر من اللوم في فشل الولايات المتحدة في إصلاح نظامها الخاص بالهجرة – حتى وإن كانوا يدعمون توسيع برنامج التأشيرة للمقاولين الأجانب - وذلك لأنهم يعرقلون كل مشروع قانون إصلاح الهجرة الذي وافق عليه مجلس الشيوخ. غير أن اعتراضاتهم على مقتضيات مشروع قانون مجلس الشيوخ المتعلق بإتاحة طريق مشروط جداً للحصول على المواطنة بالنسبة لملايين المهاجرين الموجودين في البلاد أصلا مضحكة وغريبة، وذلك لأن المهاجرين كانوا دائماً يمثلون قيمة إضافية بالنسبة لهذا البلد. وبالنظر إلى أن الهجرة غير القانونية توجد اليوم في أدنى مستوى لها منذ أربعين عاماً، فإن فهمَ دواعي رفضهم تمرير مشروع قانون مجلس الشيوخ يصبح أصعب من أي وقت مضى، في الواقع.
إن الولايات المتحدة مازالت تتمتع بتفوق تكنولوجي ضخم على بقية العالم في ما يتعلق بالتكنولوجيا، غير أنه إذا لم يعجِّل مجلس الشيوخ بإصلاح نظام الهجرة الأمريكي البالي الذي عفا عليه الزمن، فإن كندا وبلداناً أخرى -وربما حتى سفينة في المياه الدولية - ستلحق بها وستعمل على سد تلك الهوة.
----------------------------
طالع .. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء