نقابـ فوبيا.. ما خفي كان أعظم!


ترجمة: حسن شعيب
"أشعر وكأنني عارية بدون برقعي.. لا أستطيع نزعه.. سأشعر وكأن الجميع ينظرون إليَّ".. هكذا قالت رقية من كابل،  لتضيف "نعيمة بي روبرت" من بريطانيا: "لن أسمح لهؤلاء الذين يجهلون حقيقتي أن يُصوِّروني كامرأة مضطهدة، خاضعة، من مخلّفات عصور الظلام، ذلك أن تفكيري ليس نمطيًّا (تعميميًّا)، وإن شاء الله لن أكون كذلك أبدًا"، قبل أن تُنَبِّه: "لقد تحوَّلت "قضية البرقع" إلى محاولة متعمَّدة لصرف الانتباه (عن القضايا الكبرى)".
في مواجهة ذلك يشعر  الغربيون بأن انتشار مظاهر الإسلام في مجتمعاتهم، ما هي إلا "إرهاصات الخطر القادم، الذي ينبغي التصدي له بأي ثمن"، وهكذا بدأ الرهاب (فوبيا) ينتشر كالنار في الهشيم: فوبيا الإسلام الذي يرونه "عدوًّا تجب محاربته بشراسة"، وفوبيا المساجد التي يرون مآذنها تشبه الحراب، وفوبيا اللحوم الحلال، التي يرون انتشارها يعني تسلُّل الإسلام إلى أدق تفاصيل حياتهم، وفوبيا الحجاب والنقاب- الذي يحاولون إقناعنا بأنه رمز التخلف- التي انتشرت في الكثير من الدول الأوروبية والغربية, بدءًا بفرنسا مرورًا ببريطانيا وبلجيكا وكندا وصولًا إلى الدنمارك وإيطاليا وغيرها.. تعدّدت المسميات والنتيجة واحدة.
فرنسا
"النقاب غير مُرحَّب به في بلادي".. هكذا أطلق ساركوزي الحملة العدائية ضد النقاب في أوروبا, وأخذت الدول الغربية تحذو حذوَه، وسارعت في سنِّ القوانين لإضفاء الشرعية على هذه الحرب غير المبرَّرَة.
وقد تبنَّى البرلمان الفرنسي دعوة ساركوزي لحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة, فيما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن الناخبين يرغبون في فرض حظر على ارتداء النقاب، رغم قلة عدد النساء اللاتي يرتدينه هناك، وحسب مشروع قانون جديد يُتوقع أن تواجه أي امرأة ترتدي النقاب عقوبة التغريم بمبلغ يُقدّر بـ 750 يورو.
كندا
وعلى غرار فرنسا تعالتْ في كندا أصوات تطالب بحظر ارتداء النقاب عندما أعلنت الحكومة الكندية شعار أن "النقاب في كندا.. لا هو مرحب به ولا هو محظور"، وذلك استجابة لحملات العداء المتزايدة في دول الغرب ضد المسلمين، وتقنينًا لممارسة شعائرهم والحدّ من تمسّكهم بمظاهر إسلامهم، ومؤخرًا أظهر استطلاع للرأي دعم معظم الكنديين لمشروع قانون حظر النقاب، والذي ينصُّ على أن تكون جميع موظفات القطاع العام مكشوفات الوجه، وكذلك في كافة المؤسسات الحكومية والرعاية الصحية والمدارس, حيث وافق ثلاثة من أصل أربعة على هذا القانون.
الدنمارك وهولندا
وفي الدنمارك, أعلن رئيس الحكومة "أنه لا مكان للنقاب في الدنمارك"، مشيرًا إلى أن حكومته تدرس حاليًّا وسائل الحدّ من ارتدائه", زاعمًا "أن النقاب يجسِّد مفهومًا يتعارض جذريًّا مع الإنسانية، وهو ما نريد الوقوف بوجهه في مجتمعنا".
أما هولندا, فيسعى فيها اليمين المتطرف بزعامة جيرت فيلدرز حثيثًا منذ عدة أعوام إلى حظر ارتداء النقاب, وإصدار قانون يقضي بحظر ارتدائه في المدارس والمكاتب الحكومية العامة.
بريطانيا
وبرغم ما ينعم به المسلمون في بريطانيا من حرية, إلا أن بعض النواب البريطانيين قاموا بتقديم مشروع قانون يقضي بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة, حيث قال فيليب هولوبون, نائب عن حزب المحافظين المعارض, أمام البرلمان: "نحن لسنا دولة إسلامية، لذلك فإن تغطية الوجه في الأماكن العامة أمرٌ غريب، ويعتبره الكثير من الناس مخيفًا وهجوميًّا", وزعم هولوبون: أن ارتداء النقاب "قمعي ورجعي، ويعرقل نهوض المرأة، وغير ملائم ومسيء للكثيرين في القرن الحادي والعشرين".
بلجيكا
وفي الأسبوع الماضي, صوّتت جميع الكتل السياسية في مجلس النواب البلجيكي لصالح مشروع قانون ينصُّ على الحظر التام لارتداء النقاب في الأماكن العامة، وقد صرَّح أحد النواب الليبراليين "إنها إشارة قوية جدًّا تُوجّه إلى الإسلاميين"، معربًا عن "اعتزازِه" بأن تكون بلجيكا أول بلد أوروبي يحظر ارتداء النقاب بشكل تام ويتجرأُ على سنِّ قوانين في مثل هذه المسألة الحسَّاسة".
إيطاليا
وأخيرًا وليس آخرًا, تأتي إيطاليا, حيث قام عدد من النواب البرلمانيين المعارضين بتقديم مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وينصُّ على فرض غرامة على المخالفات تتراوح بين خمسمائة إلى ألفي يورو, حيث قال عضو لجنة الشئون القانونية في مجلس النواب: إن مشروع القانون يحظر صراحة استخدام أي غطاء لتغطية الوجه جزئيًّا أو كليًّا بشكل يمنع التعرُّف على الهوية دون مبرِّرات، أو للإشارة إلى الانتماءات الدينية".
ذرةُ ضَوء
وبرغم اشتعال هذه الحملة العدائيَّة إلا أنها وجدت مَن يعارضها, فقد أعلنت أعلى هيئة قضائية في فرنسا، استبعاد فرض حظر عام على ارتداء النقاب, كما انتقد مسئول حقوق الإنسان في مجلس أوروبا توجُّه بعض الدول الأوربية لحظر النقاب، مشددًا على أنّ "حظر ارتداء النقاب لن يكون مجديًا، وإن حظرًا عامًّا على مثل هذه الملابس قد يشكِّل انتهاكًا للخصوصية الفردية", كذلك اعترض جاك سترو وزير العدل البريطاني بشدة على إصدار قانون يحظر ارتداء النقاب للمسلمات في بلاده.
يبقى السؤال: على أي من الرموز الإسلامية ستكون الحرب القادمة؟! 
-----------------
طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء