أوباما في أفريقيا.. الأمل الذي تسرب!
ترجمة: حسن شعيب
في
يونيو 1966، بجامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا زمن نظام التمييز العنصري،
ألقى السيناتور بوبي كينيدي خطابا عظم فيه من شأن قوة الفرد وقدرته على
التغلب على أقوى أشكال الطغيان والاستبداد.
مخاطباً
الطلاب, قال السيناتور كينيدي "في كل مرة يدافع فيها المرء عن المثاليات
والقيم، أو يسعى لتحسين مصير الآخرين، أو يقاوم الظلم، فإنه يرسل موجة أمل
صغيرة, وتلك الموجات الصغيرة تشكل تيارا يمكنه إزاحة أقوى جدران القمع.
في
بداية هذا الأسبوع, قام أوباما، الرجل الذي اتخذ من الأمل شعارا، وكان
والده كينيا، جولة في أفريقيا تدوم أسبوعا, ومن بين برنامج الجولة الذهاب
إلى جامعة الجنوب أفريقية نفسها، حيث من المرتقب أن يلقي خطابا, والذي
ينتظره الأفارقة بشوق كبير.
جدير
بالذكر أن الأفارقة انتابتهم مشاعر فرح غامرة بسبب فوز أوباما في انتخابات
2008, حيث يكون أول أمريكي من أصل أفريقي للمرة الأولى رئيسا للولايات
المتحدة, وربما كان الكثيرون يمنون النفس وقتها بأن يساعدهم الرئيس الجديد
على تحويل تلك الموجات الصغيرة إلى تيارات من أجل معالجة مشاكل أفريقيا
المتجذرة.
وفي
هذا الصدد، يقول أوكتوبيتزو، مطرب "هيب هوب" صاعد من الأحياء الفقيرة في
العاصمة الكينية نيروبي, "فرح الشباب هنا لدرجة الجنون"، مشيرا إلى أن
أوباما يُنظر إليه كبطل حقيقي بالنسبة لأفريقيا لأنه غير الطريقة التي كان
ينظر بها الناس إليهم.
لكن
في الوقت الراهن, وبعد مرور خمس سنوات، هناك خيبة أمل إزاء غياب برامج
مساعدة جوهرية جديدة على صعيد القارة من الرجل الذي لقبه البعض في أفريقيا
ذات يوم المنقذ.
الغريب
في الأمر, أن, بوش الابن، سلف أوباما, كان قد أطلق مخطط تقدر قيمته
بمليارات الدولارات من أجل الإغاثة من الإيدز، وهو الذي يُنسب إليه الفضل
في تجنب 1٫1 مليون حالة وفاة من جراء الإيدز في أفريقيا, إلا أن أوباما خفّض تمويله بشكل فعلي في 2009.
أما
بيل كلينتون فقد كان يحظى بشعبية كبيرة بين الأفارقة العاديين, فضلا عن
أوساط رجال المال والأعمال الأفارقة بفضل قانون النمو والفرص في أفريقيا،
الذي قلل أو ألغى الرسوم على السلع المصدرة من أفريقيا إلى الولايات
المتحدة.
بيد
أنه لا تبدو أي مبادرات كبيرة مماثلة من أوباما، ابن عالم الاقتصاد الكيني
الذي كان فقيراً يرعى الماعز في صباه, وفي الأثناء، تقوم الصين وتركيا
والبرازيل ودول ناشئة أخرى باجتياح أفريقيا سعياً وراء النفوذ والعقود
المربحة.
يعلق
ستيفن فريدمان، أكاديمي جنوب أفريقي متخصص في دراسات الديمقراطية قائلا
"في الواقع أنه لم يفقد بريقه في بعض أجزاء القارة، ولكنه فقده في مناطق
عديدة", مضيفا "الأمر لا ينطوي على لغز كبير -ذلك أنه أول رئيس أمريكي من
أصل أفريقي - حيث كان والده كينياً - وربما ذلك هو ما زاد من التوقعات، بل
إن ذلك ربما جعله أكثر تردداً من أسلافه في أن يكون المنقذ الكبير
لأفريقيا".
بيد
أن الحقيقة تؤكد أن أوباما بالكاد زار القارة الأفريقية، حيث قضى 22 ساعة
فحسب في أفريقيا جنوب الصحراء خلال توقف قصير له بغانا في 2009, وقد تكون
الجولة الخيرة، التي تشمل السنغال وجنوب أفريقيا وتنزانيا، زيارته الكبيرة
الوحيدة إلى القارة كرئيس، أو بداية انخراط أكثر انتظاما من جانبه خلال
ولايته الثانية.
كما
أن الجيش الأمريكي انخرط في حروب أو تدخلات في كل من الصومال ومالي وليبيا
وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا. ومازالت الولايات المتحدة أكبر مساهم
عالمي في المساعدات الإنسانية لأفريقيا.
ومع
ذلك، فإن فريق أوباما يدرك جيداً ارتفاع سقف التوقعات المحيط بهذه الجولة.
وفي هذا السياق، قال بن رودز، نائب مستشار الأمن القومي، للصحافيين في
إيجاز بالبيت الأبيض مؤخراً: بصراحة، هناك خيبة أمل كبيرة لكون الرئيس لم
يسافر إلى أفريقيا حتى الآن، باستثناء توقف قصير في غانا، مضيفاً إن
أفريقيا منطقة مهمة جداً من العالم.
ولدينا
مصالح كثيرة جداً هناك. ولذلك، علينا أن نكون حاضرين في أفريقيا. الهدف
المعلن للزيارة، إلى غرب أفريقيا وجنوبها وشرقها، هو تعزيز التجارة
والاستثمارات الأمريكية، وتشجيع الديمقراطية، والنهوض بالأمن الغذائي
والصحة، وإلهام الشباب.
ولكن
بالنسبة لتشارلز دوكوبو، الأستاذ الباحث بمعهد الشؤون الدولية في لاجوس،
نيجيريا، فإن المتوقع من زيارة أوباما هو الأفعال، وليس الوعود, حيث قال
"إذا كان يريد أن يُحدث فرقًا في أفريقيا، فإننا نرغب حقاً في رؤية أفعال
تحسِّن البرامج الاجتماعية لسكان أفريقيا، وليست وعودا".
وفي
ذات السياق, قالت روزبل كاجومير, الناشطة الحقوقية الأوغندية, "ينبغي على
أوباما أن يكون دوما نموذجًا يُحتذى به, وخاصة بالنسبة لشباب أفريقيا",
مؤكدة على أنه يفهم القارة ولديه المزيد من الروابط أكثر من أي رئيس أميركي
آخر قبله, وأن منهجه يختلف كثيرا عن كونه إحدى الجهات المانحة التقليدية
الذي يأتي مع وعود لإصلاح كل شيء بالنسبة لنا".
-------------------
طالع ... المصدر
تعليقات