نصر الله.. يؤجج صراع الطائفية!
ترجمة: حسن شعيب
"إن لم تشعر بالارتباك حول ما يحدث في سوريا, فأنت إذًا لا تفهم ما يجري هناك", هكذا يُعلق مراسل (BBC ) في دمشق بكل يأس على ما يجري في سوريا, فقد كان هذا الأسبوع تحديدًا في غاية الاضطراب عقب سيل من الأحداث والتطورات.
لقد
بدأ الأسبوع باعتراف حسن نصر الله, الأمين العام لحزب الله, أنَّ رجاله
يقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري, على أساس طائفي معلن وذلك من أجل منع
المعارضة من السنة من تحقيق النصر, وبعد ذلك, قامت بريطانيا وفرنسا بلَيّ
ذراع الاتحاد الأوروبي لإنهاء حظر تصدير السلاح إلى المعارضة السورية, ما
دفع موسكو بالإعلان عن إرسالها صواريخ (إس-300) المتطورة المضادة للطيران
إلى سوريا من أجل تحقيق التوازن, وهذا ما أثار تهديدات بأعمال وقائية من
قبل إسرائيل.
أما
الائتلاف الوطني السوري, جسم المعارضة الجديد, فقد فشل في زيادة عدد
أعضائه كما طلب منه الداعمون الدوليون, ودخل في حالة من الفوضى, إلى الدرجة
التي وبخهم بها السفير الفرنسي قائلاً: "ألا تخجلون من أنفسكم؟, ثم ظهرت
أدلة مقنعة في صحيفة اللوموند الفرنسية, على استخدام الجيش السوري لعناصر
كيماوية ضد السوريين, لكن هذا لم يستثر العالم الخارجي, ولا سيما أوباما
الذي لم يعلّق على تصريحه بأنَّ استخدام الأسلحة الكيماوية سوف يكون بمثابة
"خط أحمر".
حتى
طلبت واشنطن أخيرًا من مقاتلي حزب الله الانسحاب من سوريا, حسبما قال
المتحدث باسم وزارة الخارجية, إلا أنَّ البيان لم يكن مدعومًا بأي تهديد
باتخاذ إجراء عملي, وهكذا فإنَّ من الممكن تجاهله, تبدو النتيجة الواضحة هي
أنَّ الأسد يزداد ثقة, وهكذا فإنَّه سيركز جهوده على تعزيز قبضته على
العاصمة والممر الواصل إلى الساحل الذي يتضمن أجزاء من اللاذقية وطرطوس
وجبال العلويين, معقل طائفته العلوية؛ ولهذا نشهد هذا التصميم الكبير على
إخراج المتمردين من مدينة القصير القريبة من الحدود مع لبنان والتي تحتل
موقعا استراتيجيا قرب طريق (حلب- حمص- دمشق) الدولي.
من
المؤكد أنَّ حسن نصر الله يُشارك الأسد هذه الثقة, حتى مع احتمالية عدم
عودة الأسد لحكم البلاد بأكملها, إلا أنه قد يتحول إلى أقوى أمراء الحرب في
سوريا, وداعموه- إيران وروسيا- أكثر انخراطًا وعنادًا من الدول الغربية
التي لا زالت تبحث عن المعتدلين والأكثر فعالية في صفوف المتمردين.
على
ما يبدو أنَّ الهدف الحقيقي من وراء رفع الحظر الأوروبي على السلاح هو
لزرع الخوف في قلب النظام ولدفع الأسد للموافقة على التنحي والسماح بالتالي
للمعارضة بأن تحضر مؤتمر جنيف للسلام المقترح عقده في الأشهر القليلة
القادمة.
بيد
أنَّ دول الاتحاد الأوربي ليست مستعدة بعد لإرسال أي أسلحة في أي وقت
قريب, وحتى لو قاموا بذلك, فإنَّ هذه الأسلحة لن تكون من ذلك النوع الذي
يؤدي إلى تغيير في التوازن على الأرض. ما أن تصبح القوى الخارجية منخرطة
رسميًا, فإنها من الصعب أن تتوقف.
هل
يمكن أن يكون الوضع مشابها للوضع في العراق؟ القوى الغربية دافعت عن
الأكراد من صدام حسين لأكثر من عقد حتى أرسل جورج بوش أخيرا القوات لإنهاء
المهمة, كما رآها من وجهة نظره, برغم أن كل ما فعله كان مجرد كتابة فصل
جديد في مأساة العراق, على الأرجح, تريد كلا من بريطانيا وفرنسا دفع أوباما
ليقوم بعمل ما, ولكنه ليس جورج بوش.
مع
كل التقارير الإعلامية حول تحضير الولايات المتحدة للتدخل بقوة في سوريا,
فإن الحقيقة هي أن واشنطن لا ترى أي مصلحة حيوية هناك, حيث لا يرى أوباما,
داخليا, إلا المخاطر المترتبة على التدخل في سوريا, الإدارة لا زالت تعاني
من هواجس مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريس ستيفنس في سبتمبر الماضي, من
قبل مسلح لم يظهر أي امتنان لأمريكا التي ساعدت في تحرير ليبيا من
دكتاتورية القذافي.
ومع
ادعاء الأسد أنه استلم أول شحنة من صواريخ (إس -300) المضادة للطائرات,
فإن ذلك يقدم مزيدا من الأسئلة وليس الإجابات, حيث يرى المحللون في موسكو
أنهم لا يتوقعون تصاعدا في انخراط الكرملين مع الأسد بصورة سريعة أو
دراماتيكية, وليس واضحا كذلك متى يمكن دمج هذه الأسلحة مع نظام سوريا
المضاد للطائرات, أو كيف سوف يتم تشغيلهم.
إن
ما نشهده هو أن قوى ثانوية بريطانيا وفرنسا وتركيا وروسيا (رغم أن
الكرملين لن يكون سعيدا بوضعه ضمن هذه القائمة) تعمل على سد الفجوة التي
تركتها الولايات المتحدة, ومع ابتعاد أوباما عن الصراع, فإن هذه الدول ترى
أن لديها لحظة حاسمة في مسرح الأحداث – بريطانيا وفرنسا تستعيدان فترة
العشرينات عندما حكموا دول المشرق العربي وروسيا تتصرف كقوة عظمة مرة أخرى
وتركيا تتبع مصالحها التجارية شمال العراق دون الالتفات إلى حليفها القديم.
---------------
طالع .. المصدر
تعليقات