انتخابات إيران.. ماراثون باهت!
ترجمة: حسن شعيب
قبل
أقل من أسبوعين على إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران, سعى المرشحون
الثمانية إلى تنشيط السباق الانتخابي الباهت, في المناظرة الأولى من هذه
المرحلة الانتخابية، حيث سعى كل منهم لإبراز تميزه عما سواه ليظهر استعداده
لموعد الاقتراع المحدد في 14 يونيو الجاري.
لقد
تبارَى المرشحون الثمانية في توجيه الانتقادات الحادة والقوية إلى
الحكومات الإيرانية الحالية والسابقة والحالية, خلال ماراثون النقاش الذي
استمرَّ طيلة أربع ساعات, تتعلق بموضوعات العدالة الاقتصادية وفقدان الثقة
في الأداء الحكومي, لكن دون أن يضع أي منهم خطط الخاصة لعدم الولوج في ذات
الأخطاء.
يبدو
أنَّ الرهانات على هذه الانتخابات عالية للغاية؛ حيث إنَّها الأولى بعد
انتخابات عام 2009 المثيرة للجدل، عندما خرج ملايين الإيرانيين إلى الشوارع
احتجاجًا على إعلان الفوز الساحق لأحمدي نجاد على المرشحين الإصلاحيين،
مما أدَّى إلى استمرار الاضطرابات والعنف في البلاد لأشهر وملاحقة لرموز
المعارضة, وقد بثّت المحطات التلفزيونية التابعة للدولة قبل وبعد المناظرة,
العديد من الفيديوهات للعددي من الناخبين في الانتخابات الماضية بالإضافة
إلى صور قديمة للمرشد السابق آيات الله الخميني، والمرشد الحالي الخامنئي
وهما يدليان بصوتهما في الانتخابات.
بيد
أنَّ ما كان ملفتًا للغاية, أنَّ المرشحين الثمانية, خلال حديثهم عن
الاقتصاد الإيراني المتعثر- القضية السائدة في الحملات الانتخابية- لم
يستخدم أي منهم عبارة التغيير، لكنهم اكتفوا أثناء استعراض عدد من المشاكل,
مثل ارتفاع معدل التضخم ونسبة البطالة العالية، والتي تفاقمت بسبب
العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالتعهد
بانتهاج أسلوب مختلف في إدارة البلاد., فضلاً عن مناقشتهم الفساد المتفشي
وانعدام المساواة والمعاناة اليومية للعديد من الإيرانيين.
من
جانبه, قال محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري والمرشح الرئاسي:
"إنَّه خلال زياراته المتعددة إلى المزارع والمصانع والأسواق في أكثر من
250 مدينة إيرانية خلال الأشهر الستة الماضية، شعر بخيبة الأمل التي كانت
موجودة في إيران قبل الثورة عام 1979، وأن وعودها ما زلت حبرًا على ورق,
مضيفًا "اكتشفت أنَّ المثل والأفكار التي كنا نتحدث عنها قبل ثلاثين سنة،
ما زالت بعيدة عن الواقع، وأنا هنا أتحدث عن الرشوة والتمييز المتفشيين في
النظام الإداري والقضائي، وهو ما لا يسمح بتوزيع عادل للثروة".
يذكر
أنَّ السباق الانتخابي كان قد اكتسبت بعض من الزخم, بسبب إعلان أكبر هاشم
رفسنجاني فجأة تسجيل اسمه في قائمة المرشحين؛ إذ جاء في اللحظات الأخيرة
قبل إقفال باب التسجيل, بالإضافة إلى ترشح رحيم مشائي، المقرب من الرئيس
الحالي, ونسيبه, لكن الرجلين كانا غير مؤهلين من قبل مجلس صيانة الدستور
المكلف بفحص الترشيحات والبتّ فيها، ليقتصر السباق الانتخابي على المرشحين
الثمانية, معظمهم من المحافظين, واثنين من المعتدلين.
منذ
عام 2009 , تسير السياسات في إيران نحو أقصى اليمين تحت قيادة خامنئي،
بعدما قمعت الحركة الخضراء التي خرجت إلى الشوارع واتهمت بإثارة الفتنة،
حيث وضع اثنان من أبرز قادتها وكبار مسئولين سابقين، هما مير حسين موسوي
ومهدي كروبي، تحت الإقامة الجبرية.
كما
ردَّد عدد من المرشحين موعظة خامنئي قالها سابقًا, حول اقتصاد المقاومة
لمواجهة العقوبات والضغوط من الغرب، إلا أنَّ المرشح حسن روحاني، رجل الدين
الوحيد الذي ترشح في الانتخابات وكان كبير المفاوضين الإيرانيين في
الموضوع النووي خلال رئاسة خاتمي, فقد انتقد التوجُّه الاقتصادي الحالي,
حيث اعتبر "أنَّ إيران تعتمد في الوقت الراهن على الاستيراد بدل بناء
قاعدتها الإنتاجية، وأنَّه ينبغي عليها استخدام ثروتها النفطية على نحو
أفضل".
من
جانبه, قال سعيد جليلي, المرشح الرئاسي والذي يتولَّى ملف المفاوضات مع
القوى الغربية حول البرنامج النووي الإيراني، وينظر إليه على أنه أكثر
المرشحين المحافظين والموالين لخامنئي، فقد قال: "إنَّ إيران يمكنها تجاوز
الانخفاض الكبير في الدخل النفطي بسبب الجهود الأمريكية والغربية لمنع
الصادرات الإيرانية".
كما
أضاف متسائلاً: "هل نسمي هذه العقوبات ونتعامل معها على أنَّها فرصة أم
تهديد؟ في واقع الأمر, يبدو أنَّها فرصة سانحة لتقليص اعتمادنا على النفط،
وفرصة أخرى ممكنة لاستخدام إمكانيات البلاد وطاقاتها".
أما
غلام حداد, المرشح المحافظ الآخر, رئيس البرلمان السابق، فقد قال: "ينبغي
على إيران تعزيز الصادرات الإيرانية غير النفطية, وتجنب إضاعة الأموال الذي
يجعلنا معتمدين كثيرًا على البترو دولار، من خلال تعزيز الانضباط المالي,
مشددًا على أن اقتصاد المقاومة هو الفكرة التي يمكن من خلالها تحصين
البلاد".
لكن
في العديد من الحالات تحدث المرشحون بلغة حماسية وفضفاضة وكأن إيران ما
زالت في سنواتها الأولى لثورة الخميني ولم تُتح لها الفرصة لتطبيق المبادئ
المؤسسة التي كانت تدعو إليها، مثل تصويب الاختلال الاجتماعية والاقتصادية
التي كانت موجودة في عهد الشاه، كما في حالة محمد غرازي، وزير النفط السابق
في الثمانينيات، والذي قال: "إنَّ أول ما ينبغي القيام به لتحقيق العدالة
هو رفع الحكومة يدها عن أموال الشعب، وأن تقطع الأيادي التي تمتد لسحب
المال من جيوب الفقراء الذين يكتوون بنار التضخم".
في
نهاية المطاف, يبدو أنَّ الانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة لن تكون
سوى نسخة بالكربون من مثيلتها قبل ثماني سنوات عندما انتخب أحمدي نجاد
كرئيس للبلاد في الفترة الأولى, حيث كانا في الفترة الأولى ظلاً للمرشد
الأعلى ثم حاول أن ينقلب عليه في الفترة الثانية, لكن تظل قبضة المحافظين
هي السائدة.
------------
طالع... المصدر
تعليقات