حروب غير مشروعة!


ترجمة: حسن شعيب
عقب "الفضائح الثلاث" للبيت الأبيض, صار باراك أوباما في مرمى الهجوم؛ حيث استغل خصومه تلك الفضائح لتحقيق مكاسب سياسية, والتي تضمّ تجسس وزارة العدل الأمريكية على بيانات هواتف صحفي وكالة أسوشيتد برس، إضافة إلى ممارسات جهاز الضرائب ذات الدافع السياسي, وأخيرًا تعامل وزارة الخارجية مع الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي بليبيا, والتي سلط عليها الكاتب مايكل كوهين الضوء حول ما أطلق عليه "حروب أوباما غير المشروعة" وهذه ترجمة المقال:
يبدو أنَّ واشنطن وصلت إلى ذروة الهستيريا في الآونة الأخيرة، بعد ذيوع ثلاثة فضائح, ليس فضيحة واحدة أو اثنتين، من بينها قيام البيت الأبيض، عمليًا، بتجاهل برقيات وودوارد – برنشتاين التي كشفت عن أكاذيب إدارة أوباما.
ومع ذلك, فإنَّ المفقود بالفعل هو الدليل على ارتكاب الأخطاء؛ حيث إنَّ فضيحة الوكالة الفيدرالية المسئولة عن إدارة وتنفيذ قوانين واردات وزارة المالية، هي الفضيحة الأشد سوءًا من الناحية السياسية، ولكن يبقى من غير الواضح فيما إذا كان أي مسئول داخل إدارة أوباما يعرف ما كان يجري داخل هذه الوكالة الفيدرالية، أو ما إذا كانت بأنَّها كانت تستهدف المجموعات المحافظة لأسباب سياسية حزبية ضيقة، مذكرات الاستدعاء الصادرة من وزارة العدل حول التسجيلات الهاتفية، لعاملين في الأسوشيتيد بريس تثير القلق بسبب ما تسلط من أضواء على الحماس للمقاضاة، والتي حددت تحقيقات دوج المتعلقة بالتسريبات من داخل إدارة أوباما.
أما فضيحة بنغازي فهي الأكثر حدة من بين الفضائح الثلاثة، ومن المؤكَّد أنَّه أصبح من المستحيل بالضبط معرفة العنصر الذي يجعل من بنغازي فضيحة بهذا الحجم، فهل الموضوع يتعلق برفض الإدارة إرسال القوات الخاصة أو الطائرات للمساعدة في إنقاذ الرهائن؟ معتمدين على الحجة التي أطلقها وزير الدفاع السابق بوب جيتس وتقول بأن هناك الاستيعاب الكارتوني في كيفية استخدام القوات المسلحة.
أم أن السبب لأن البيت الأبيض قلل من احتمال وقوع هجوم إرهابي في ليبيا، برغم أن أوباما وصفها على هذا النحو بعد أيام من الهجوم؟ أو أن البيت الأبيض يتلاعب بنقاط الحوار حتى يستمر الشعب الأمريكي في رؤية الرئيس الأمريكي كشخص قوي في مواجهة الإرهاب وقبل شهرين من إعادة انتخابه، وما يعتبر غريبا حول هذا الزعم أن أوباما لم يستطع خلال حملته الانتخابية أن يقلل من حجم التهديد الإرهابي, حيث أطلق عليه التهديد الأكثر خطورة على الأمن القومي في المناظرة التلفزيونية الثالثة, وهي جملة بلاغية غير محددة وتبالغ بشكل كبير من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الولايات المتحدة من الإرهاب الدولي.
كما أن الأمور تتعلق كذلك بالشخصية المحورية التي تراجع ما يصدر من تصريحات من وزارة العدل، وهي الشخصية التي يقال أنها تدفع في اتجاه حذف أية إشارة للإرهاب في البيانات العلنية بالهجوم وهي فيكتوريا نولند, التي عملت تحت إدارة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، وهي اختيار غريب, حيث يبدو أنها تستخدم حيلة ضرورية في العلاقات العامة لتزيد من فرص إعادة انتخاب أوباما.
في الواقع, لم يتطرق في الحديث عن موضوع للسعي وراء أو الوصول إلى الحقيقة، لكنه استخدمت الكارثة في اللعبة السياسية لمهاجمة أوباما، وفي الوقت الراهن يبدو أنها ستستخدم أيضا في عملية الإعداد لخوض هيلاري كلينتون انتخابات 2016.
في الواقع, قد يتكون السخرية الأشد وقعا في فضيحة بنغازي هو تجاهل الكونجرس حقيقة خوض الرئيس أوباما حربا في ليبيا قبل عامين, والتي تمثل توسع وقح لقدرات الرئيس في شن الحروب, في عام 2011, أصدر الرئيس الأمريكي أوامره للطائرات الحربية الأمريكية بالقيام بالعمليات في الأجواء الليبية، ولم يكترث بالحصول على تصريح من الكونجرس، فالرؤساء الأمريكان يسمح لهم للقيام بمثل هذه العمليات، ولكن وفق شروط القرارات الخاصة بالحروب، وهي مطلوبة لإشعار الكونجرس خلال ثمان وأربعين ساعة وقبل الشروع في شن العمليات العسكرية، وبعد ذلك سيكون أمامهم ستين يوما للحصول على تخويل رسمي من الكونجرس، وإذا ما فشلت محاولة الرئيس في الحصول على مثل هذا التخويل، عليه إيقاف العمليات خلال ثلاثين يوما.
قديما, كان الرؤساء الأمريكان يعانون من عقبات الحصول على الموافقة، ولكنهم كانوا يمنحون مثل هذا التخويل في كثير من الأحيان، لكن الرئيس أوباما وجد منفذا في القانون، وهو انه يستطيع تجاهل متطلبات الحصول على التخويل إذا لم تكن الولايات المتحدة في مواجهة عدائية فعلية مع بلد آخر، وهذا كان بالضبط موقف البيت الأبيض، ورغم أن الطائرات الحربية الأمريكية كانت في ذلك الوقت تقصف ليبيا من الساحل.
ووفقا لما ذكره بعض المراسلين فإن العملية كانت تتم بالتنسيق مع أنظمة السيطرة البريطانية المتقدمة، كما أن مثل هذه العمليات لم تكن تُصنف على أنها نشاط معادي، برغم أن دائرة المجلس الاستشاري القانوني لإدارة أوباما حددت تلك النشاطات بأنها تقع ضمن النشاط المعادي والذي يتطلب موافقة الكونجرس للاستثمار فيه.
ما هو أسوأ من ذلك, أن الإدارة وسعت المهمة في ليبيا بشكل صارخ, من هدف منع وقوع كارثة إنسانية إلى السعي الحقيقي لتغيير النظام والإطاحة بالقذافي.
حتى إن صدق أحدهم هذه الحجج المبدعة لإدارة أوباما حول ما هو النشاط المعادي فإن المهمة نفذت على عكس الروح التي كان يبثها أوباما في 2007، حول مفهوم تصرف السلطة التنفيذية واستخدامها للقوة العسكرية من جانب وحد حيث قال المرشح أوباما "لا يملك الرئيس الأمريكي السلطة بموجب الدستور لاتخاذ قرار منفردا باستخدام القوة العسكرية إن لم يكن ينطوي ذلك على تهديد فعلي أو خطر وشيك".
في الشهر الماضي كشف جوناثان لاندي من وكالة أنباء ماك كلاش، بالاستناد إلى تسريبات لتقارير استخباراتي بأن البيت الأبيض لا يزال يحتفظ بأسرار بالغة الأهمية عن هجمات الطائرات المسيرة في باكستان التي لا تستهدف زعماء القاعدة بقدر ما تستهدف الميليشيات التي تعبر الحدود إلى أفغانستان.
وهذه مشكلة لسببين رئيسيين: الأول أنها تناقض التأكيدات المستمرة لإدارة أوباما بأن هجمات الطائرات المسيرة لا تستهدف سوى عناصر القاعدة أو الذين يمثلون تهديدا محتملا لأمن الولايات المتحدة إلى جانب مقاتلي طالبان, في حين أن استخدامها كان بعيدا عن الفئتين.
أما السبب الثاني فهو أن استهداف مقاتلي طالبان من المشاة في باكستان لا يتم تغطيته بموجب التخويل باستخدام القوة العسكرية الذي  مرره الكونجرس في 2001, لذا فهي غير مشروعة ليس وفقا لقانون الولايات المتحدة  فحسب لكنه وفقا للقانون الدولي كذلك. 
----------------
طالع... المصدر


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء