محاكمة "ملاديتش".. ظلم العدالة المؤجلة
ترجمة: حسن شعيب
رغم
كونه داخل محكمة الجزاء الدولية بمدينة لاهاي، يواجه 11 تهمة بالإبادة
الجماعية، وكوكتيل من جرائم الحرب، التي ارتكبها خلال حرب البوسنة (1992
-1995)، لم يتخلى السفاح راتكو ملاديتش, القائد العسكري السابق لصرب
البوسنة، عن غطرسته، وأشار بـ "الذبح" لإحدى الشاهدات الناجيات من مجزرته
بـسربرينتشا، في حضور أرامل وأمهات ضحايا المجزرة التي راح ضحيتها قرابة
ثمانية آلاف مسلم خلال حرب البوسنة.
هذا
الأسلوب الذي أظهره ملاديتش, ذو الـ70 عاما, أمام المحكمة يثبت ما قاله
الإدعاء أن "التصفية العرقية" التي قام بها ملاديتش في سريبرينيتسا لم تكن
وليدة الحرب في البلاد، بل جاءت بمثابة هدف شخصي, وأنه دوما ما يتعامل بهذا
الأسلوب في أموره, حيث ثار على القاضي في مثوله للمرة الثانية في يوليو
الماضي واصفا إياه بأنه يضغط عليه و"يمنعه من التنفس" ثم أخرج من القاعة
بعد أن رفض الرد على التهم الموجهة بحقه بارتكاب إبادة جماعية بالبوسنة.
جدير
بالإشارة أن ملاديتش تم اعتقاله في مايو من العام الماضي في صربيا ووجهت
إليه بشكل عام ذات التهم الموجهة إلى الزعيم السياسي لصرب البوسنة في ذلك
الوقت، رادوفان كرادجيتش ومنها ارتكاب "جرائم إبادة جماعية"، و"جرائم ضد
الإنسانية"، ضد ألبان البوسنة ثم مثل أمام المحكمة الدولية للمرة الأولى في
يونيو عام 2011.
من
جانبها علقت صحيفة إندبندنت البريطانية على محاكمة ملاديتش قائلة "إن حرب
البوسنة ستظل قائمة إلى أن تنتهي محاكمة مالاديتش ويتم النطق بالحكم" مضيفة
أن اللوم الأكبر بشأن المجازر في سربرينتشا والجرائم الأخرى يقع على من
ارتكبها ومن أمرهم بارتكابها، موضحة أن هذا ما يجعل من محاكمة ملاديتش تشكل
حدث العصر، بل وتجعل الكثيرين بالعالم وليس فقط في يوغسلافيا السابقة
يعلقون آمالهم على المحكمة الجنائية الدولية في تحقيق العدالة".
بدأت
محاكمة ملاديتش نهاية الأسبوع الماضي, وبعد قراءة المدعي العام للمحكمة
بيتر ماك كلوسكي لائحة الاتهام أمام الحضور، وصف ميلاديتش تلك التهم بأنها
"وحشية" وقال "لقد دافعت عن شعبي وسأدافع عن نفسي", وظل ميلاديتش يستمع إلى
مجريات المحاكمة بانتباه وتركيز لما يقوله القضاة، ويدوِّن من حين الى آخر
بعض النقاط من كلام القضاة.
وتحدث
المدعي العام قائلا "إن مذبحة سربرينيتشا التي تورط فيها ملاديتش لم تكن
يوما مثار جدل وأن جيش صرب البوسنة أثناء تلك الحرب لم يكن جيشا خارج إطار
السيطرة والتنظيم، بل إن ملاديتش كان يقوده في الميدان ويصدر له الأوامر"
ثم تحدث درموت جروم ممثل مكتب المدعى لدى افتتاح المرافعة التمهيدية قائلا
"تولى ملاديتش عملية التطهير الإثنى في البوسنة", مضيفا أن "الادعاء سيقدم
أدلة تثبت دون أن تترك أي مجال للشك على أن الجنرال ملاديتش كان وراء كل
واحدة من هذه الجرائم."
بيد
أن المحكمة الجنائية الدولية أرجأت المحاكمة لأجل غير مسمى بسبب مخالفات
في تسليم أدلة الادعاء إلى هيئة الدفاع, حيث قال القاضي الفونس اوري في
ثاني يوم من المحاكمة إن "الجلسة تأجلت إلى اجل غير مسمى"، مضيفا أن
المحكمة "قررت تعليق بدء عرض أدلة الادعاء", مؤكدا أن المحكمة الخاصة
بيوغوسلافيا السابقة في لاهاي ستعلن في أقرب وقت ممكن موعد استئناف
الجلسات.
من
المتوقع أن توجه للجنرال الصربي السابق راتكو ملاديتش على الأقل عقوبة
السجن مدى الحياة بسبب التهم الموجهة إليه في جرائم الحرب, لكن تأجيل
المحاكمة إلى أجل غير مسمى يعني أن حرب البوسنة ما زالت مستمرة وأن العدالة
لم تتحقق طالما أن هذا السفاح لم يحكم عليه بما يتناسب مع الجرائم التي
ارتكبها في حق مسلمي البوسنة.
-----------------
تعليقات