ما أشبه دمشق بمقديشو.. صوملة سوريا!
ترجمة: حسن شعيب
مرت
فتاة يتملكها الرعب مسرعة, عقب انفجار سيارة مفخخة في وسط العاصمة السورية
دمشق, كما كان هذا حال معظم المارَّة, لكن بدا معظم الناس وكأنهم اعتادوا
على العنف بعد أن أصبحت دمشق منخرطة بقوة في الصراع.
في
الأسابيع الأخيرة, أطلق نظام الأسد أكبر صواريخه على الأحياء المتمردة,
بينما دمر المتمردون أكثر نقاط التفتيش على الطرق التي تقود إلى المدينة
وأطلقوا المزيد من قذائف الهاون تجاه أهداف حكومية في قلب العاصمة, معركة
دمشق تختمر, برغم أنَّه لا أحد يعلم متى ستبدأ تحديدًا, يقول أحد العمَّال
الشباب: "نشعر أننا نعيش الأيام الأخيرة قبل هبوب العاصفة".
منذ
بداية الانتفاضة قبل عامين, كانت عيون النظام والمعارضة المسلحة تُركِّز
على دمشق, مقر السلطة العسكرية والسياسية, حيث بدأت في الأسابيع الأخيرة
العديد من التحضيرات لخوض القتال في قلب العاصمة, كما يناقش قادة المتمردين
الخطط الموضوعة لذلك ويتحدثون عن مخزون السلاح وخلايا المقاتلين النائمة
بانتظار أوامر التحرك.
في
هذه الأثناء أعادت حكومة الأسد نشر قواتها في دمشق وحولها, كما قام النظام
بوضع المزيد من نقاط التفتيش وحذَّر في الصحف الرسمية من "الموت المحقق"
للمتمردين إذا تجرأوا على الدخول أو التفكير في الدخول إلى العاصمة.
قبل
عام, كان الكثيرون يعتقدون أنَّ الحرب وصلت إلى قلب دمشق, وأنَّ الصراع
سوف يحسم سريعًا, لكن سرعان ما تبددت هذه الآمال, حيث يخشى المتمردون أن
يتورطوا في العاصمة كما حصل معهم في مدينة حلب, حيث سادت حالة الجمود هناك
منذ يوليو الماضي, مما مكن نظام الأسد من قصف مناطق المتمردين وتحويلها إلى
ركام, بينما تصاعدت في الوقت ذاته حدة الخلافات بين المجموعات المتمردة
نفسها.
أما
في دمشق, فقد تكون الأمور أسوأ بكثير؛ لأنَّ قوات الأسد مترسخة على جبل
قاسيون, حيث يُوفر ارتفاعه منصة يمكن للنظام من خلالها شنّ هجمات جوية
وصاروخية, كما أنشأ الأسد ميليشيا موازية غامضة جديدة تُعرف باسم "قوة
الدفاع الوطني", والتي تتدرب بعض عناصرها في إيران, حسب التقارير التي تفيد
ذلك.
في
الآونة الأخيرة, ركَّز أنصار المعارضة على المنطقة الجنوبية؛ حيث يحاول
المتمردون هناك تمهيد الطريق للعاصمة من خلال منع النظام من الوصول إلى
قواعده العسكرية قرب الحدود مع إسرائيل والأردن, حيث يأمل أصدقاء الخارج في
تمكينهم من دعم المتمردين في الجنوب لمنع حالة التشرذم التي ابتليت به
المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في الشمال.
وبدلاً
من تكرار الوضع على الحدود مع تركيا, حيث تسير حركة المتمردين والسلاح
بحرية, يؤكّد المتمردون في الجنوب أنَّ عددًا قليلاً من الإمدادات والسلاح
يأتِي من خلال الحدود الأردنية التي تخضع لسيطرة قوية من قبل الأردن,
والسلاح الذي يعبر يكون موجهًا للجماعات التي تتلقى الدعم من السعودية
وأمريكا.
وفي
الوقت الذي قد يرافق فيه هجمات مضادة للنظام في الشمال غارات جوية متكررة
على نحو متزايد, مما أسفر عن سيطرة المتمردين على مواقع إستراتيجية في حلب
في الأسابيع الماضية, يواصل المتمردون في الجنوب قطع الطرق والسيطرة على
القرى والهجوم على القواعد العسكرية, لكنَّه من السابق لأوانه التكهُّن
بأنهم سيعملون بصورة أكثر تماسكًا من رفاقهم في الشمال.
وبينما
لا تزال التوترات ما بين مجموعات المتمردين آخذة في الازدياد, تبدو قيادة
المعارضة داخليًا وخارجيًا حائرون, حيث بدأ غسان هيتو, مدير تنفيذي يعمل في
الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا والذي اختير رئيسًا للحكومة المؤقتة
في المنفى, في تشكيل حكومته, والتي كما يقول سوف تدير المناطق المحررة,
ولكن عددًا من معارضي الأسد يشعرون بالقلق من أنَّ جماعة الإخوان المسلمين,
التي دعمت هيتو, تريد السيطرة على المعارضة.
مع
تصاعد حدة القتال, ويومًا بعد يوم تتفاقم الكارثة الإنسانية في سوريا,
التي فرَّ بسببها ما يزيد عن ربع سكانها من بيوتهم, بعد أن اقترب عدد
القتلى من 80 ألف, وما زال عداد الموت مستمرًا, حتى أصبح الصراع في سوريا
بدون أدني شك يضع تحديات رهيبة أمام المجتمع الدولي برمته, والذي يُهدد
بتكرار السيناريو الصومالي في سوريا بل وما هو أبشع من ذلك.
---------------------
طالع.. المصدر
تعليقات