هولاند.. بعد عام في الإليزيه!
ترجمة: حسن شعيب
بينما
تحل الذكرى الأولى على تولِّيه زمام الأمور في الإليزيه, يواجه فرانسو
هولاند سابقة, حيث يعتبر, بعد عام, الرئيس الأقل شعبية في تاريخ الجمهورية
الخامسة، ذلك أنَّ ثلاثة أرباع الفرنسيين غير راضين عن أدائه خلال عامه
الأول, حيث تجمع الآلاف منهم في شوارع باريس مؤخرًا ليبعثوا بهذه الرسالة.
صحيح
أنَّه حينما انتُخب العام الماضي، كان هولاند أول رئيس فرنسي اشتراكي
للبلاد يدخل قصر الإليزيه منذ عقدين تقريبًا, لكنَّه يبدو أنَّه عازم على
أن يندم الشعب الفرنسي على ذلك, ومن بين السياسات التي عارضها اليساريين
الغاضبين بقوة هي سياسة التقشف، الذين يقولون إنَّ هولاند لم يقم بما يكفي
للدفاع عن الفرنسيين من تقليص ميزانية الاتحاد الأوروبي.
جدير
بالإشارة أنَّ هولاند، الذي انتخب رئيسًا للتغيير ولقب بـ"السيد العادي"؛
حيث نظر إليه الفرنسيون على أنه مناهض للرئيس السابق نيكولا ساركوزي صاحب
النزعة اليمينية والجلبة العارمة ومنها زواجه من عارضة أزياء، بينما كان
هولاند يؤكد على بالتقليل من الكلام والتركيز على العمل، والإبقاء على أزمة
الديون الأوروبية بعيدًا عن فرنسا، مع حماية نظام الضمان الاجتماعي الذي
يفخر به الفرنسيون.
ليس
ثَمَّة شك أن الأزمة الاقتصادية قوضت شعبية الرؤساء عبر العالم, حتى أضحى
خلاف ذلك أمرًا استثنائيًا, لكن مع تصاعد الدين العام واستمرار البطالة في
الارتفاع، اكتسب هولاند سمعة، في أفضل الحالات بأنَّه غير فعال، وفي أسوأها
عديم الكفاءة, أما ما يدعيه من إنجازات حققها خلال العام الأول، مشيرًا
إلى تدخله العسكري في مالي، فقد كساه تشاؤم مستمر يفضي إلى أن فرنسا تسير
على طريق غير واضح.
في
هذا الصدد, يقول جاي كاركاسون، أستاذ القانون بجامعة غرب باريس نانتير
لاديفونس: "إنَّ المهمة الرئيسية بالنسبة لرئيس الدولة أن يصبغ فترة رئاسته
بالمغزى والتوجه" مضيفًا "قد يتفق الفرنسيون مع ذلك الاتجاه أو يختلفون,
كما أنَّهم يعلمون حدود الرئاسة، خاصة بعد عام فقط في السلطة", لكنهم –على
حد قوله- "لا يغفرون هذا الشعور بأنَّ رئيسهم لا يعرف إلى أين ينبغي
الاتجاه".
وفي
استطلاع للرأي أجرته مؤخرًا مجموعة بي في إيه، قال 24 % فقط من المستطلعين
إنهم راضون عن أداء هولاند في عامه الأول في السلطة، وهو معدل يعتبر دون
معدلات الرؤساء السابقين خلال الخمسين عامًا الماضية بكثير، بما في ذلك
معدل ساركوزي المثير للجدل نفسه.
من
نافلة القول, يلعب الاقتصاد دورًا محوريًا في المزاج المصحوب بالقلق في
فرنسا، حيث يقول 80 % إنهم أحسوا شخصيًا بتأثيرات الأزمة الاقتصادية، حسب
استطلاع آخر للرأي.
لا
يخفى على أحد أن مشاكل فرنسا الاقتصادية بدأت قبل انتخاب هولاند في مايو
2012، لكنه فشل في تقويض البطالة المتصاعدة، التي تزداد شهرًا بعد آخر منذ
قرابة عامين، حيث وصلت نسبة البطالة في فرنسا, وفقًا لمنظمة العمل الدولية،
إلى 10.6 بالمائة, حيث انخفض مستوى الإنتاج المحلي ثلاث نقاط هذا العام,
في وقت يتوقع فيه صندوق النقد الدولي أن تشهد فرنسا ركودًا جديدًا.
من
جهة أخرى, أحبطت أحد أهم الموضوعات الرئيسية في برنامج هولاند الانتخابي،
وهي ضريبة 75 % على الأغنياء، من قبل المحاكم، وأدَّت إلى كارثة علاقات
عامة، حتى قرَّر الممثل جيرارد ديبارديو الفرار من البلاد, فضلاً عن
المشاكل المحلية التي تركت هولاند بدون صوت قوي في الاتحاد الأوروبي، بعد
أن كان العديد من الفرنسيين يأملون أن يشكل ائتلافًا مضادًا للتقشف ضد
ألمانيا.
نتيجة لذلك, أضحى العديد يشعرون بأنَّ من يقودهم شخص لا يعرف الاتجاه الذي ينبغي أن يسير فيه، حيث يقول دان كاسترو، صاحب متجر لبيع الملابس في باريس، "إنَّه يخطو خطوة إلى الأمام، ثم خطوتين للخلف لذا يخشى الفرنسيون أن يكون رئيسهم بدون اتجاه".
نتيجة لذلك, أضحى العديد يشعرون بأنَّ من يقودهم شخص لا يعرف الاتجاه الذي ينبغي أن يسير فيه، حيث يقول دان كاسترو، صاحب متجر لبيع الملابس في باريس، "إنَّه يخطو خطوة إلى الأمام، ثم خطوتين للخلف لذا يخشى الفرنسيون أن يكون رئيسهم بدون اتجاه".
برغم
اعتراف هولاند بتدني شعبيته, دافع بقوة عن عامه الأول, حيث قال: "إنني
أدرك مدى خطورة الموقف, ولكن ينبغي على الرئيس مواصلة النهج نفسه, وهذا ما
يعني المثابرة", مضيفًا "يستطيع الناس انتقاد قراراتي، أو الاعتقاد بأنني
أسير في الاتجاه الخطأ، أو بأنني لم أسلك الطريق الصحيح، لكن إذا كان هناك
شيء متأكد منه، فهو اتخاذي لقرارات هامة للغاية خلال 10 أشهر قد تكون أكثر
بكثير مما اتخذ خلال 10سنوات".
يبدو
أنَّ هولاند نال قسطًا من الدعم في هذا العام، بعد التدخل في مالي في مارس
الماضي, كما حقق نجاحًا في الدفع ببعض قوانين العمل إلى الأمام, إلا أنَّ
هذين الانتصارين تلاشيَا بعد الاحتجاجات التي اندلعت على قرار تقنين زواج
المثليين، الأمر الذي أثار غضبًا غير متوقع ودفع الكثيرين للخروج إلى
الشوارع.
من
جانبه يقول ألكسندر كاتب, أستاذ الاقتصاد, "كما أبرزت فضيحة وزير المالية
السابق, جيروم كاهوزاك, أن الحكومة مصابة بهشاشة حقيقة, وتواجه صعوبات
وأوقات عصيبة, كما يسري شعورًا بأن هولاند يفتقد الإقناع والسلطة".
وفي
الأثناء، أخذ الحديث عن الثورة يُسمع على نحو متزايد في الشوارع، وبالنسبة
لكاسترو (بائع الملابس)، فإن الخيار الوحيد الممكن حالياً يكمن في تنحي
هولاند عن الرئاسة قبل نهاية ولايته إذ يقول: إذا كان يحب فرنسا، فهذا ما
سيفعله... تماما مثلما فعل البابا من قبله.
أما
المحلل الفرنسي دومينيك مويسي فيقول "إن هولاند يشبه إلى حد كبير لويس
السادس عشر الجديد, الملك الذي أعدم من قبل الثوار, عندما نفذ صبر
الفرنسيين بعد تأزم البلاد اقتصاديا واجتماعيا, ودخولها نفق مظلم".
-----------------
طالع.. المصدر
تعليقات