نشاط صيني ملحوظ بالشرق الأوسط
ترجمة: حسن شعيب
من
المؤكَّد أن إبداء الصين استعدادها في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط,
لفت الأنظار إلى تركيز بكين في الآونة الأخيرة على المنطقة ومحاولة توسيع
نفوذها السياسي والمالي, والذي من شأنه أن يثير حفيظة الكثيرين مثل
الولايات المتحدة, وفي هذا الصدد كتب ديفيد شنكر, مدير برنامج السياسة
العربية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى, حول النشاط الصيني في المنقطة
وهذه ترجمة المقال:
في
الشهر الماضي، نُصّب لي كيجيانج رئيسًا للوزراء الصين, التي ينتابها القلق
في هذه الآونة بشأن الاستقرار الداخلي، لكنَّها مع ذلك, تزايدت شهيتها إلى
نفط الخليج العربي, وهو الذي يبرزه هذه الاهتمام الصيني غير المسبوق
بالشرق الأوسط، كما يغذّي هذا الشعور لدى الصينيين تركيز واشنطن الجديد على
محور آسيا، وتراجع الاعتماد الأمريكي على نفط الخليج العربي.
أثناء
زيارتي الأخيرة إلى الصين، وإجراء حوارات مع محللين حول الربيع العربي
ودينامكية الإستراتيجية المتغيرة في الشرق الأوسط, وخلال هذه النقاشات
الصريحة بشكل مستغرب, أشار خبراء صينيون متخصصون في منطقة الشرق الأوسط,
الذين يتحدثون العربية بطلاقة, إلى وجود وجهة نظر متطورة بشأن انخراط الصين
في جزءٍ مضطرب من العالم, تجنبت المشاركة فيه طويلاً.
من
الملفت للنظر أنَّ الصين تستورد حوالي 55% من نفطها من الخليج العربي،
واستفادت كثيرًا من المظلة الأمنية الأمريكية هناك, حيث وصف أحد المحللين
الصينيين وجود حاملة الطائرات الأمريكية الطويل بأنَّها مصلحة عامة, إلا
أنَّ الصين تبدو خلال هذه الأيام قلقة فيما يتعلق بتعهُّد إدارة أوباما
تقليص التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط بالنسبة للأمن الإقليمي وأمن
الطاقة.
من
جانبهم, اعترف الخبراء الصينيون أنَّ الجيش الصيني ليست لديه الجاهزية
للعب دور أمني في الشرق الأوسط, وحتى إذا كان الجيش الصيني قادر على إرسال
جنود إلى المنطقة، فإنّ واشنطن لن تفسح المجال أمام للصين في الخليج, لكن
الصينيين أقروا بأنَّ الجمهورية الشعبية ستضطر في النهاية للشروع في لعب
دور أكبر في الشرق الأوسط؛ حيث قال أحد الخبراء: "إنَّ الصين دولة قوية
ولكنها لا تتصرف على ذلك النحو".
ربما
لن تسهم الصين في الوقت القريب بطريقة مهمة في الحالة الأمنية في منطقة
الشرق الأوسط, لكنها تعمل بوضوح على زيادة وجودها هناك، ومنها المساهمة
بجنود لحفظ السلام ضمن قوات الأمم المتحدة في السودان ولبنان, فضلاً عن
وضعها لأساس للوجود العسكري الإقليمي الأكثر قوة، حيث أنشأت ما تسميه شبكة
عقد اللؤلؤ التي تضمّ قواعد بحرية تمتد من آسيا إلى الخليج العربي.
كما
تسعى بكين لتعزيز حضورها في المنطقة بوسائل أخرى، حيث عيَّنت أول مبعوث
خاص في الشرق الأوسط عام 2009، كما لا يغفل دورها في استخدام الصين حقّ
الفيتو ضد ثلاثة قرارات في مجلس الأمن الدولي تندّد بالنظام السوري, كما
قدرت الصين العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران بهدف وقف طهران
عن تطوير سلاح نووي.
بالإضافة
إلى ذلك, تستخدم بكين القوة الناعمة في الشرق الأوسط؛ حيث تسعى لزيادة
التجارة والاستثمارات، ولاسيما في قطاع الطاقة, حيث تتفاوض الصين في الوقت
الراهن مع دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة،
كما تقوم شركات صينية تابعة للدولة ببناء مصاف في السعودية؛ فضلاً عن عقود
لبناء مساجد في الجزائر الغنية بالنفط.
بدون
شك لا يعزو هذا النشاط الصيني الجديد إلى الإيثار؛ حيث إن الأولوية التي
تبتغيها الصين هي تأمين طرق الوصول إلى الطاقة في الشرق الأوسط, وفي الوقت
نفسه، فإنها لا ترغب في تحول إيران إلى قوة نووية, ولكن الأهم من ذلك,
رغبتها في تفادي مواجهة واشنطن بسبب العقوبات.
ربما
يكون من غير المحتمل أن تساهم الصين قريبًا في منطقة أكثر استقرارًا,
فعوضًا عن ذلك يحتاج الشرق الأوسط، إلى يد العون من قوة عظمى مسئولة
وبنَّاءة مثل واشنطن, لذلك تظلّ الصين لاعبًا ثانويًا في الشرق الأوسط حيث
إنَّها لن توفر المساعدة المالية للدولة العربية المضطربة دون إقناع
الأمريكان لهم بذلك بالإضافة إلى دعم مجلس الأمن الدولي.
بعد
كل شيء, تدرك الصين أنَّ التزامات أمريكا تجاه اليابان وكوريا الجنوبية,
اللتان تعتمدان على طاقة الخليج العربي, ستلزم واشنطن توفير الأمن في الشرق
الأوسط, وبالتالِي، فحتى في وقت يثير فيه الربيع العربي مخاوف الصين بشأن
الاستقرار وأمن الطاقة، فإنَّ بكين راضية عن دورها الحالي في المنطقة.
---------------
طالع .. المصدر
تعليقات