أردوغان في ضيافة أوباما
ترجمة: حسن شعيب
في
نهاية الأسبوع الماضي, استضاف الرئيس الأمريكي باراك أوباما رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان لإجراء محادثات رسمية وتناول عشاء غير عادي في
البيت الأبيض, حيث أن العشاء نفسه (في الواقع شرط في البروتوكول عند زيارة
رؤساء الدول، وليس لرؤساء الحكومات) مما يؤكد على الأهمية التي يوليها
أوباما لضيفه التركي.
وبرغم
الصعود والهبوط في العلاقات التركية الأمريكية على مدى السنوات الخمسين
عاما الماضية أو نحو ذلك، ظلت واشنطن حليفا هاما للغاية لتركيا التي تطمح
أن تكون الأخ الأكبر أو على الأقل واضعة شروط اللعبة في جوارها الإقليمي،
بينما أنقرة كذلك شريك رئيسي للقوة العالمية العظمى الولايات المتحدة
الأمريكية.
بطبيعة
الحال, كان أمام قادة البلدين جدول أعمال مزدحم كلما التقيا معا, لكنه هذا
الموعد الأخير, الذي تم تحديده بعد أشهر من الجهود المكثفة للدبلوماسية
التركية, يتضمن جدول الأعمال مجموعة واسعة من البنود الهامة، من اتفاقية
التجارة الأمريكية والاتحاد الأوربي إلى المستنقع السوري، ثم الحديث عن
مشاكل الأقليات غير المسلمة في تركيا وكذلك مسألة قبرص الشائكة, كما يبدو
جليا أنه سيتم مناقشة مبادرة الانفتاح الكردي وقضايا الديمقراطية في تركيا
خلال الزيارة.
ربما
نجد صعوبة في قبول ذلك، ولكن (كما نقول بالتركية) فان الذهاب إلى الفراش
مع دب ليس مزحة, نحن حلفاء للولايات المتحدة، وهي القوة العظمى التي لها
مصالح واسعة في منطقة تركيا, وبالتالي، حتى لو كانت الحجة من الذي يحتاج
الأخر أكثر ، فان هناك مسألة الترابط التي تمليها المصالح, فإن حجم التجارة
بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي هو تقريبا أكثر من ثلث التجارة
العالمية.
كما
أن تركيا لديها اتفاق الوحدة الجمركية مع الاتحاد الأوربي وأيا كان
الاتفاق الذي يوقعه الاتحاد الأوربي فانه سيكون له تأثير ملزم على تركيا
حتى لو كانت -كما كان الحال منذ الآن – تتعرض للتوبيخ في المفاوضات في مثل
هذه الصفقات, حسنا، بوصفها البلد الوحيد مع اتفاق الاتحاد الجمركي دون
عضوية الاتحاد الأوربي الفعلي، تستحق تركيا مثل هذه المعاملة.
هل
يمكن لأردوغان إقناع أوباما بالموافقة على قبول تركيا في المحادثات
التجارية بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة؟ هل يمكن للولايات المتحدة
قبول شيء نيابة عن الاتحاد الأوربي؟ بأي حال من الأحوال! من حق رئيس
الوزراء التركي وفريقه البارع يحلمون بذلك.
أما
سوريا فهي, بطبيعة الحال, مسألة ملحة للغاية ينبغي أن تناقش بين القادة
الأتراك والأمريكيين, فهل سيؤدي الانفجار الذي وقع مؤخرا والتي قتل فيها 52
شخصا إلى المساعدة في إقناع أوباما بالسير في الطريق العسكري ضد الأسد؟
لكنه على الأرجح، سيفضل أوباما المكوث بعيدا عن الرمال المتحركة في سوريا
على الرغم من جهود أردوغان لكسب دعم الولايات المتحدة للمعارضة من السنة في
سوريا.
بدون
شك, ستساعد الديمقراطية في تركيا والتوصل إلى حل للمشكلة الكردية, الدولة
العثمانية على التألق لكي تصبح القوة المهيمنة الإقليمية التي يطمح أردوغان
لإنشائها, لكن حتى الآن بدأت تعقيدات سوريا، من جهة، إلى جانب الهلوسة
المتزايدة من الانفصاليين من ناحية أخرى، في إفشال ما يرنو إليه أردوغان,
فهل يمكن لتجديد الالتزام مع الولايات المتحدة بتقديم الدعم والمساعدة في
وضع العملية على المسار الصحيح؟ نحن نتمنى ذلك.
من
جانب آخر, تعرضت آمال أنقرة في عقد صفقة مع قبرص قبل نهاية العام لضربة
بسبب الأزمة الاقتصادية في جنوب قبرص, وربما يكون تقديم تركيا مساعدة من
جانب واحد لإنقاذ القبارصة اليونانيين سببا في إحياء المحادثات، لكن يظل
خوف القبارصة اليونانيين بأن تركيا قد تشتريهم في هذا الوقت من الأزمة يشكل
تحديا خطيرا للغاية, فهل يمكن أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة في هذا
الوقت؟
تعليقات