حرب على المخدرات في أمريكا الوسطى!


ترجمة: حسن شعيب
في الآونة الأخيرة, تصدرت عناوين الصحف في نيكاراغوا قيام الرئيس دانييل أورتيجا، بإحياء العلاقة الثورية القديمة مع روسيا، التي وعدت رفيقتها السابقة بملايين الدولارات على شكل أسلحة, ومروحيات وسيارات مدرعة وتدريب, لكنها هذه المرة ليست لاستهداف المتمردين السياسيين ولكن لملاحقة تجار المخدرات.
حتى الولايات المتحدة التي أنفقت المليارات من الدولارات لوقف توسع النفوذ الروسي في أمريكا الوسطى في الثمانينات، أصبحت تُرحب بعودتها؛ حيث قال وليام براونفيلد, مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون مكافحة المخدرات الدولية وتطبيق القانون, تعليقًا على زيارة رئيس جهاز مكافحة المخدرات الروسي فيكتور إيفانوف إلى نيكاراغوا "في الواقع, نريد التعاون، وإذا كان التعاون يأتِي من روسيا في نصف الكرة الغربي أو ما إذا كان من الولايات المتحدة في نصف الكرة الروسي، فأنا أعتقد أن هذا أمر  إيجابي".
صحيحٌ أنَّ مشاركة روسيا في أمريكا الوسطى لا تزال مصدر قلق في واشنطن، إلا أنَّ الولايات المتحدة تواجه مشاكل أكبر بكثير في المنطقة, حيث أصبحت حرب المخدرات, في جواتيمالا وهندوراس (الأكثر عنفًا على وجه الأرض)، التي تقودها الولايات المتحدة مهمة تزداد صعوبتها والنجاح فيها بات عسيرًا.
على سبيل المثال, أرغم الفساد المستشري في هندوراس، التي تحصل على 36 مليون دولار من مجموع  85 مليون دولار من المساعدات الأمريكية السنوية لجهود مكافحة المخدرات في أمريكا الوسطى، الولايات المتحدة على تجاوز سلسلة قيادة الشرطة والعمل مع وحدات متخصصة من الوكلاء, حيث أنَّ الولايات المتحدة ترفض العمل مع رئيس الشرطة في هندوراس خوان كارلوس بونيلا، ولا سيما تحرِّي بعض المسئولين الأمريكيين بشأنه في جرائم القتل خارج نطاق القضاء وغيرها من الاتهامات والانتهاكات، مع  20 من مفوضي الشرطة الأعلى تحت قيادته.
كما يقول براونفيلد: "إنَّ الولايات المتحدة ستحافظ على سياسة البعد خطوتين" عن قادة الشرطة المشبوهين في البلاد حتى يتم تطهير الجهاز كله من  الفساد, الأمر الذي يُعتقد أنَّه قد يستغرق من خمس إلى 10 سنوات.
لا تقتصر عقبات الولايات المتحدة في هندوراس على علاقتها بقوات الشرطة فحسب؛ حيث ثبت تورط بعض وكلاء أمريكان في إطلاق النار على مدنيين في بلدة نائية في منطقة البحر الكاريبي والتسبب بوفاتهم, وذلك في يوليو الماضي، أثناء عمليات الولايات المتحدة المشتركة المثيرة للجدل في حرب المخدرات على ساحل البعوض في هندوراس الذي ينعدم فيه القانون.
كما تواجه الجهود التي تقودها أمريكا لمكافحة المخدرات في جواتيمالا تحديات كثيرة؛ حيث إنَّ الرئيس أوتو بيريز من أكثر المعارضين للحرب على المخدرات, ويطالب بأسلوب جديد، مثل التشريع, والتي حظيت ببعض الدعم من قادة كوستاريكا والسلفادور، وهي المشاكل التي نالت قسطًا كبيرًا من قمة زعماء أمريكا الوسطى في كوستاريكا بحضور الرئيس الأمريكي.
وتعليقًا على هذه القمة يقول مايكل شيفتر، رئيس مركز أبحاث حول أمريكا اللاتينية "عندما يزور الرئيس أوباما المنطقة، فإنه سيحتاج إلى رسالة أخرى غير الرسالة التي تقول نحن نهتم ونحن على استعداد للاستماع إلى أفكار بديلة لسياسة الحرب على المخدرات", مضيفًا: "يتعين على واشنطن القيام بالمزيد من التفكير وبشكل أكثر جدية بشأن هذه المسألة، وإلا كانت التكاليف السياسية باهظة".
حتى كبار المسئولين الأمريكيين بدأوا بالاعتراف أنَّ الحرب على المخدرات لم تكن ناجحة تمامًا؛ حيث يقول براونفيلد "في هذه اللحظة, أود أن أقول عن  جهودنا في أمريكا الوسطى، بأننا في الدور الثاني أو الثالث، وقد بدأت اللعبة ورغم أننا سجلنا أهدافًا في بداية اللعبة ولكن لسوء الحظ حقق الفريق الآخر فوزًا", مؤكدًا "ليس علينا إقامة جنة في أمريكا الوسطى لكي نحقق النجاح في الجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالمخدرات".
من جانبه يقول إيثان نادلمان, المدير التنفيذي لتحالف سياسة المخدرات: "مدهش أن نستمع إلى اعترافه بأن جهود الولايات المتحدة في مكافحة المخدرات فشلت حتى الآن وأن الطريقة الوحيدة التي سوف تنجح هي دفع المشكلة إلى مكان آخر، وربما إلى منطقة البحر الكاريبي", مشيرا إلى "أن اعتراف براونفيلد كذلك يعتبر دعوة لإيقاظ دول البحر الكاريبي، فكلما نجحت حرب أمريكا على المخدرات في أمريكا الوسطى، انتقلت إلى منطقتهم",  “
----------- 
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء