مصر.. كبوة أم انهيار!
ترجمة: حسن شعيب
بينما
خطفت أحداث الاشتباكات الأخيرة بين مسلمين ومسيحيين في مصر الأنظار، مرجحة
اندلاع مزيد من أعمال العنف في البلاد التي تشهد حالة استقطاب على جميع
الأصعدة سياسيًّا واجتماعيًّا منذ ما يقرب العام, أصبح انتظار وجود انفراجة
في الأزمة أمرًا ملحًا للنظام الحالي ولمصر بأسرها حتى تتمكن الدولة
العربية الأقوى أن تنهض من كبوتها.
بين
تفاقم الأوضاع في البلاد بعد تأجيل الانتخابات التشريعية وإصرار بعض قوَى
المعارضة على عدم المشاركة في الانتخابات وإعتصامات وإضرابات شلَّت حركة
البلاد, واتهام للنظام الحاكم بالاستئثار بالسلطة, حتى وصل الأمر إلى
اشتعاله بسبب برنامج ساخر مِمَّا استدعى توجيه انتقادات لاذعة للرئيس
المصري محمد مرسي من قبل الإعلامى الأمريكى جون ستيورات بسبب التحقيق مع
مقدم البرنامج.
في هذا السياق, تقول مجلة "ذا أتلانتك"
الأمريكية: "إنَّ حالة الاستقطاب السياسى الذى تشهده مصر منذ العام
الماضى، واستمرار العنف فى الشارع على مدار أشهر، يثير القلق بأنَّ النظام
السياسى الحالي لا يستطيع التوصل إلى التوافق", واصفة ردّ فعل الولايات
المتحدة على هذه المشكلة، سواء من خلال سفارتها فى القاهرة أو تصريحات
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فى واشنطن، بالمرتبك، حيث قالت: "إنَّ
الكثير من المصريين قالوا إنَّهم لا يعرفون ما الذى تريده واشنطن، بسبب تلك
الإشارات المختلطة القادمة منها".
كما
قالت المجلة الأمريكية: "على الرغم من أنَّه من الأفضل تجنب قطار السياسة
المحطم فى مصر ما بعد الثورة، لكن لا يوجد دولة عربية أكثر أهمية منها
بالنسبة للولايات المتحدة", مشيرة إلى أهميتها من خلال كونها العاصمة
الثقافية للشرق الأوسط، وموقع للصراع على السلطة بين المحافظين
والليبراليين، وهو ما سيؤثر على السياسات فى المنطقة، وأيضًا على الثقافة
والإيمان على مدار عقود".
بينما
علَّقت صحيفة واشنطن بوست قائلة: "إن مصر أصبحت أكبر صداع فى رأس الرئيس
الأمريكي باراك أوباما, بسبب جدال الانتخابات التشريعية ووقفها؛ حيث قال
جون الترمان المسئول السابق بالخارجية الأمريكية: "إنَّ الأزمة السياسية
المصرية تشبه العاصفة الشديدة, وأن قدرة الولايات المتحدة على التحرك
الدبلوماسى وتقديم حلول للخلافات السياسية المصرية قليلة إن لم تكن
منعدمة".
لم
يكن ينقص مصر إلا إشعال الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين برغم
أنَّ ما بها من أزمات كفيلة بأن تأذن بانهيارها ودخولها نفقًا مظلمًا
لسنوات, فحتى هذه اللحظة لم تكن أزمة الخصوص في إحدى محافظات مصر كله هذا
الصخب فمن الذي أشعل هذه الأزمة, حيث تقول صحيفة الجارديان البريطانية "إن
شهود عيان قالوا نهم فوجوا بمسلحين بسكاكين، ومولوتوف يأتون إلى
الكاتدرائية ويلقون الزجاج والحجارة مما أدَّى إلى احتراق الأشجار بجانب
الكاتدرائية.
من
المؤكد أنَّ اللعب بالفتنة الطائفية هي الورقة التي تبقت لإحداث سقوط في
جدار الدولة المصرية؛ حيث إنَّ المصريين على أرض الواقع لا يُوجد بينهم
خلاف كي تحدث فتنة طائفية ولا يهدف من يسعى لنشر تلك الفتنة إلا لبث
الفوضَى في الشارع المصري, مما يرجح أن تكون هذه الأزمة مدبرة لإحراج
النظام المصري الحاكم الذي يأتِي على رأسه الإسلاميون.
برغم
مناداة المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين بضرورة التهدئة الفورية من
قبل جميع أطياف الشعب المصري، مشددًا على ضرورة أن تقوم مؤسسات الدولة
بسرعة اتخاذ اللازم لإنقاذ الأمور, لا زالت بعض جبهات المعارضة توجه
الاتهام للجماعة وحزبها بمسئوليتها عن الأحداث, حيث قال أحمد عارف المتحدث
باسم الجماعة: "هناك من يحاول استغلال الأزمات مثل أحداث الكاتدرائية
ويستخدم أساليب الإشعال وجر البلاد لحرب أهلية، وهم من المستفيدين من
النظام البائد، حيث يطرحون أقاويل هدامة أثناء الظروف الصعبة".
كما
أضاف: "أن أعداء الوطن فشلوا في زرع الفوضى في البلاد عندما استغلوا أحداث
الاتحادية والمقطم وضرب أقسام الشرطة وتسييس حادثة تسمم طلاب الأزهر
وأحداث الخصوص، مشيرًا ألى أن أحداث اليوم في العباسية ستكون محاولة فاشلة
أيضًا منهم لجرّ البلاد في حرب أهلية".
يبدو
في نهاية المطاف أنَّ الأمور في مصر لا تبشر بخير, لكن في الوقت ذاته قد
تكون الأحداث في البلاد طبيعية للغاية بعد ثورة على نظام, متجذر الفساد,
طالما لعب على الانقسام بين المسلمين والمسيحيين طيلة العقود الماضية,
وربما لا تكون الأزمات المتوالية في مصر سوى كبوات ستنهض منها لتضع أسس
الاستقرار والنهوض.
------------------
تعليقات