سوريا.. لم يفُت الأوان بعد!


ترجمة: حسن شعيب
"أخلاقيًا كيف يمكن وعلى مدى سنتين أن يُقتل عشرات الآلاف من المدنيين ولا يتحرك أحد سواء في العالم أو الولايات المتحدة لوقفه مباشرة", كان هذا أحد الأسئلة التي وُجّهت لأوباما في المؤتمر الصحفي الذي عقده أثناء زيارته لإسرائيل مع بنيامين نتينياهو حول سوريا.
وتابع السائل قائلاً: "قلتم من قبل إنَّ استخدام السلاح الكيماوي سوف يكون عبورًا للخط الأحمر, ومن الناحية العملية, على ما يبدو تَمَّ تجاوز هذا الخط, فما الذي تنوون القيام به حيال ذلك؟
بدوره, حاول أوباما بكل السبل رفض الاتهام الموجه له بأنَّه لم يقم بأي شيء, مشيرًا إلى عدم وجود دليل على استخدام السلاح الكيماوي فعليًا؛ حيث قال "ليس صحيحًا القول إنَّنا لم نقم بأي شيء, فقد ساعدنا في الحشد لعزل نظام الأسد دوليًا, كما قدَّمنا يد العون وقمنا بإعادة تنظيم المعارضة, وأنفقنا مئات الملايين من الدولارات لتقديم المساعدات الإنسانية".
بدت إجابة أوباما على السؤال ناقصة, فالسؤال كان يتعلَّق بما يجب القيام به "لوقف ما يجري مباشرة", ولا يلوح في الأفق أي شيء يقوم به الغرب يمكنه عمل ذلك, وفي واقع الأمر فإنَّ ذلك السؤال الصحفي يعتبر ممثلاً للمزاج العام الذي يسود في الولايات المتحدة أيضًا؛ حيث تتصاعد الدعوات الموجهة لأوباما للتدخُّل في سوريا بسرعة حيث يبدو أنَّ الحكمة من مثل هذا التدخل تتلاشَى شيئًا فشيئًا.
صحيح أنَّه كان هناك مساحة في بداية هذا الصراع قدم للولايات المتحدة فرصة لتشكيل البديل القادم وكيف سيكون شكله, لكن إدارة أوباما اقترفت إثم الركون وفسحت المجال فحسب لتوزيع الأموال والأسلحة على الثوار.
من جانبه ادَّعى مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن إيران أنشأت ميليشيا مماثلة للجيش, تتكون من خمسين ألف رجل مع وجود خطط لزيادة هذا العدد إلى مائة ألف, وإذا نجحت إيران في تحقيق سيطرة, فإنّها سوف تتمكن من السيطرة على قوات أخرى محاذية للحدود الإسرائيلية مما سوف يمنحها هيمنة على طول البحر المتوسط.
وكما قال, المؤرخ الأمريكي المخضرم, والتر راسل ميد, فإنَّ هذا سوف يشجع إيران على الحصول على السلاح النووي من خلال إقناع الملالي بأنَّ أوباما لا يعني ما يقول وهو غير قادر على تنفيذ تهديداته باستخدام القوة.
أما كارل ليفن, الرئيس الديمقراطي للجنة التسليح في مجلس الشيوخ, وجون ماكين فقد وجّهها رسالة مفتوحة مشتركة للرئيس أوباما اليوم يدعونه فيها لدراسة قضية إنشاء منطقة حظر طيران وملاذ آمن داخل سوريا, إضافة إلى زيادة المساعدات للمتمردين.
وفي ذات السياق قال راسل ميد: "على الرئيس أن يتحرك, فليس هناك أي خيار جيد على وجه الخصوص في هذه المرحلة, وعلى خصومه السياسيين أن يُخففوا من ضغطهم عليه, حيث إنَّ أي جهد أمريكي لن يكون عملاً جراحيًا يستفيد منه الناس الصالحون فحسب, ويمكن أن يكون إرسال قوات أمريكية خطأ فادحًا؛ لذا فإن القيام بتسليح جماعات متمردة مختارة هو الخيار الأفضل.
ربما يعلم راسل ميد أنَّ تقديم السلاح الأمريكي للمتمردين سوف يؤدي إلى أن تستخدم بعض من هذه الأسلحة بشكل مروّع, لكنه أضاف: "إن منع إيران من تعزيز نفوذها والسيطرة على دولة إستراتيجية يعدّ جائزة كبرى تكفي في هذه المرحلة من تاريخ الشرق الأوسط لتبرير تحمل بعض المخاطر والقبول ببعض التكاليف".
لكن من جهة أخرى تبدو القوة الإيرانية التي أنشأت, وفقًا لمزاعم المخابرات الإسرائيلية, ليست جزءًا من الجيش السوري, لكنها تبدو كجيش موازٍ, مما يعني أنَّها لا تهدف إلى منع الإطاحة بالأسد, على الرغم من أنها تُفضّل بقاءه, لكنها تستعد لاحتمالية سقوطه والتخطيط لما بعد ذلك.
من الواضح أنه لن يكون هناك غزو أمريكي لسوريا, وبالتأكيد لن يكون هناك قوة احتلال بقيادة الناتو تفعل في سوريا ما قامت به في العراق, وربما كان الذين يطالبون بتقديم السلاح والمساعدات للثوار على حق, مما سيؤدّي إلى قلب الموازين, ولكن من الواضح للعيان أنَّه كان هناك عواقب وخيمة لأسلوب الانتظار والترقب والمشاهدة عن بُعْد, لكن دون إمعان الحسابات في إمكانية التأثير على هذه العواقب.
----------------------
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء