مرسي يُغير ميزان القوى في جنوب آسيا!
ترجمة: حسن شعيب
صحيحٌ
أنَّ الطغاة لديهم شغف شديد بالسلطة, ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط, ومن
أجل التمسُّك بهذه السلطة يُمْكِنه فعل أي شيء، ولا يتركونها بسهولة حيث
يظلّون في الحكم بغير صفة شرعية فهم لم يأتوا من خلال صناديق اقتراع أو
الانتخابات النزيهة, إلا أنَّ الأمر يختلف مع الرئيس المصري محمد مرسي,
الذي لم يمضِ على اعتلائه سُّدة الحكم سوَى خمسة أشهر.
في
الآونة الأخيرة, تعالت الأصوات التي تصف مرسي بأنَّه ديكتاتورًا جديدًا
يجلس على عرش مصر, خاصةً بعد قراراته الأخيرة أو الإعلان الدستوري الذي
يُخوِّل له حيازة سلطات جَمّة منها تحصين قراراته منذ انتخابه, والتي نفَى
مرسى أن يستغلها ضد شعبه أو حتى معارضيه، فضلاً عن اقتصارها على الفترة
التي سيأتِي خلالها سلطة تشريعية سواء بانتخاب مجلس الشعب الجديد أو
الانتهاء من إعداد الدستور الجديد.
من
جانبه قال الموقع الإعلامي الإلكتروني الأمريكي "هافينجتون بوست" : "يعرف
الشرق الأوسط بطغاته ومُسْتَبدِّيه سواء معمّر القذافي في ليبيا، أو بشار
الأسد في سوريا، أو بالطيع مبارك في مصر", مشيرًا إلى أنَّ "مرسي ليس
فرعونًا ولا يمكن تشبيه بمبارك أو الأسد؛ فهو أول رئيس مصري منتخب بشكلٍ
حقيقيٍّ, ولا زال حتى الوقت الراهن يواجه بقايا النظام السابق الذين يعوقون
مرسي ويفعلون أي شيء لإسقاطه والقضاء على الديمقراطية وسيادة القانون".
كما
أضاف الموقع الإلكتروني قائلاً: "إنَّ مرسي, بوصفه قياديًا سابقًا في
جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي "الحرية والعدالة", يحمل عبئًا
خاصًا ووازعًا دينيًا يمنعه من التحول إلى طاغية, بالإضافة إلى أنَّ الشعب
المصري لم يَعُد من الممكن أن يسمح باستنساخ طاغية آخر أو مستبد".
أما مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية
فقد اعتبرت إصدار الرئيس مرسي هذا الإعلان الدستوري أمرًا عاديًا في ظلّ
مرحلة انتقالية مختلّة"، مشيرةً إلى أنَّ ردود الفعل كانت متعجلة وقاسية،
مما أدَّى إلى اندلاع العنف في سبيل تقديم مرسي تنازلات سريعًا, مؤكدة أنَّ
التراجع الكامل عن المرسوم ربما يضرّ بمصداقية الرئيس المصري".
بدورها
أكَّدت "نيويورك تايمز" الأمريكية أنَّ أساس المشكلة التي تكمن في الإعلان
الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري "محمد مرسي" في الأسبوع الماضي أنه
يكبح جماح السلطة القضائية التي لا تزال تعلن ولاءها للنظام السابق, مما
ينذر بدخول البلاد في تحدٍّ جديد بين السلطتين التنفيذية والقضائية، لاسيما
بعد أن أعلن القضاة إضرابًا كاملاً عن العمل في المحاكم.
وأضافت
الصحيفة الأمريكية أنَّ القضاة الذين تَمّ تعيينهم من قبل الرئيس المخلوع
"مبارك" انضمَّ إليهم في اعتراضاتهم بعض القادة السياسيين الليبراليين
والعلمانيين ليشكِّلوا جبهة معارضة ضد هذا الإعلان الدستوري الذي يرون
أنَّه يقلص سلطاتهم, التي يفسرها الرئيس "مرسي" بأنَّه قد اتخذ هذه
القرارات من مبدأ الوصول إلى فترة استقرار من خلال منع المحاكم التي يقوم
عليها رجال النظام السابق من حلّ اللجنة الدستورية المكلفة بصياغة الدستور
الجديد والتي قامت بحلّ نظيرتها في وقت سابق، فضلًا عن حل البرلمان
المنتخب".
وفي
هذا الصَّدَد نقلت جريدة "الاندبندنت" البريطانية عن محللين قانونيين
أنَّه إذا ما رأت المحكمة الدستورية العليا أنَّ الرئيس ليس مخولاً له
تعديل الدستور، فإنَّها قد تبطل قراراته التي اتخذها قبل أشهر الخاصة
بتجريد الجيش من سلطته, حيث يقول إيليا زروان، الخبير السياسي بالمركز
الأوروبي للعلاقات الخارجية: "في الأساس تشهد العلاقات بين مرسي والمحكمة
الدستورية العليا مواجهة مبارزة شرعيات".
وأوضح
زروان، قائلاً: "إنَّ مرسي ورث دولة بها عدد كبير من المشكلات الخطيرة
التي لا يستطيع أحد أن يواجهها ويعالجها على مدار أشهر أو حتى سنوات, حيث
جاء إلى السلطة في وقتٍ تُواجِه فيه مصر والمنطقة كلها أزمة, وقد كان
تعامله مع بعض هذه القضايا مثل الحرب في غزة فعَّالاً، وبارعًا".
بعد هذه القرارات وصف مرسي من قبل الكاتب البريطاني "إيان بلاك" في جريدة الجارديان البريطانية
بأنَّه قائد ماهر وداهية, مشيرًا إلى أنَّ استيلائه على السلطة ووساطته في
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ليس سوى مناورتين من شخص كان يوصف خطأ
بأنَّه "احتياطي".
حسب
الصحيفة البريطانية قالت: "إنَّ التناقض الرئيسي والمعضلة الرئيسية تكمن
في أنه كيف يمكن لمرسي الانتقال إلى الديمقراطية وإرساء احترام القانون
والفصل بين القوة التشريعية والقضائية عن طريق الانقلاب على القانون وإعلاء
كلمته عليه".
وأشارت
الجارديان إلى أن المسوِّغات التي ساقها مرسي ومؤيدوه لتمرير هذا الإعلان
الدستوري صحيحة إلى حدّ ما، سواء أن القضاء ليس مستقلاً، حيث يحاول بعض
الموالين للنظام السابق إعاقة مساعي التحول الديمقراطي, كما أنه بمجرد وضع
دستور جديد، فإنَّه سيقلِّص من سلطات مرسي بشكل كبير, وبهذا لن يكون مرسي
فرعونًا جديدًا".
وإزاء
هذه الأوضاع لم يتوانَ الدكتور البرادعي المعارض البارز ورئيس حزب الدستور
عن الاستقواء بالخارج ودعوتهم للتدخل في الشؤون المصرية الداخلية, حيث
قال: "أنتظر أن أرَى بيانات إدانة قوية للغاية من الولايات المتحدة ومن
الاتحاد الأوربي ومن أي شخص يهتم حقًا بكرامة الإنسان وأتمنَّى أن يكون ذلك
سريعًا".
واستجابة
لهذه الدعوة, سارع السيناتور جون ماكين عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب
الجمهوري لانتقاد الإعلان الدستوري الجديد في مصر بوصفه بأنه "سيطرة
للرئيس على مقاليد السلطة بمصر", كما طالب الإدارة الأمريكية باتخاذ موقف
إزاء هذه التطورات بمصر, كما أشارت إلى ذلك صحيفة نيويورك تايمز حينما قالت
إنَّ واشنطن يمكنها في الوقت الراهن استخدام بعض نفوذها على مرسي من خلال
المليارات التي تتلقاها مصر في صور مساعدات أمريكية ودولية.
--------------------
طالع.. المصدر
تعليقات