الإعلاميون في سوريا.. مهمة مستحيلة!
ترجمة: حسن شعيب
بعد
عمليات القتل والاختطاف في صفوف الإعلاميين الأجانب, وضع الثوار قواعد
جديدة من أجل ضمان سلامة التغطية الإعلامية, لكن ما زال بعض المراسلين
يشتكون من فقدان السيطرة بسبب الضربات الجوية والهجمات المدفعية، مما يزيد
من مخاطر التغطية الإعلامية حتى دنت من المستحيل.
في
الوقت الراهن, زاد من معاناة الإعلاميين ما فعله الجيش السوري الحر أو
كتائب الثوار على المعبر الحدودي الرئيس بين سوريا وتركيا, بسبب مطالبتهم
الصحفيين الأجانب الراغبين في الدخول إلى سوريا بأن يصطحبوا معهم مترجمين
وسائقين من جانبهم, حيث قال "المتمردون": إنَّهم يريدون حماية الصحفيين
بالإضافة إلى التخلص من "سياح الحرب", والذين- حسب قولهم- أصبحوا مشكلة
بالنسبة لهم.
من
جانبه يقول محمود محمود, الذي يشرف على مركز الثوار الإعلامي على الحدود:
قبل ثلاثة أسابيع جاء أحدهم إلى سوريا وقال: يمكن أن تعتبروني سائحًا؛ حيث
كان يود الذهاب إلى حلب, ولكننا منعناه من ذلك, وربما نكون قد أنقذناه من
الاختطاف أو القنص. ويضيف: الثوار من خلال تزويد الإعلاميين الأجانب
بالمترجمين والسائقين, يمكنهم تقديم حماية أفضل لهم من الولوج إلى البلاد
التي مزقتها الحرب.
مع
ذلك, كانت لدى بعض المراسلين الحربيين شبهات تجاه دوافع الثوار؛ حيث يرون
أنهم يحاولون كسب النقود من الصحفيين والسيطرة على كيفية التغطية الإعلامية
الدولية للحرب في سوريا. وفي الأشهر الأخيرة, وجه المدنيون الذين يعيشون
في المناطق التي يُسيطر عليها الثوار شمال سوريا انتقادات للجيش الحر, بسبب
تشتت كتائب المتمردين, كما ذكر الصحفيون الذين يغطون الحرب الأهلية التي
مضى عليها عامان, بأنهم لاحظوا مزيدًا من محاولات الثوار للسيطرة على
التقارير الصحفية.
من
جانبهم, يخشى المراسلون أن يكون المترجمون المعينون في واقع الأمر
مرافقين, يعملون على التحكم بالوصول إلى أماكن معينة وكتابة التقارير, حتى
لو لم يقوموا بالرقابة بصورة مباشرة, فإنَّ الصحفيين يخشون من أن المدنيين
الموجودين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار سوف يمتنعون بصورة متصاعدة
من الحديث بصورة منفتحة عن الجيش الحر في حضور السائقين والمترجمين
المعينين من قبل الجيش السوري الحر.
بينما
زعم مصور صحفي أوروبي - والذي رفض الكشف عن اسمه خوفًا من عدم سماح
المتمردين له بالعودة إلى المناطق التي تقع تحت سيطرتهم- قائلاً: إن سلامة
الصحفيين دافع فيه شك كبير ليقوموا بوضع مثل هذه الإجراءات, لكني أرى ما
يجري عبارة عن عمل تجاري, ومحاولة للسيطرة على المعلومات.
لا
شك أنَّ تغطية الحرب الأهلية السورية أمر خطير، ويزداد خطورة مع ظهور
عصابات الخطف ذات الذهنية الإجرامية, لذلك فإنَّ القتال الشرس بين قوات
الحكومة السورية ومجموعات المتمردين ذوي والأيدلوجيات المتعددة يعني عدم
وجود مناطق آمنة للصحفيين.
في
الوقت الحاضر, أكثر من عشرة صحفيين في عداد المفقودين, من بينهم: أوستن
تايس, صحفي حر يعمل لصالح "واشنطن بوست", ويُعتقد أنَّه محتجز من قبل
النظام, كما اختطف "جيمس فولي" من "جلوبال بوست" في نوفمبر الماضي شمال
سوريا, كما توفِّي المصور الصحفي الفرنسي الحر "أوليفر فويجن" في 25 فبراير
داخل أحد المستشفيات التركية جراء شظية أصيب بها بينما كان ينقل التقارير
من سوريا قبل ثلاثة أيام من إصابته.
ووَفقًا
للجنة حماية الصحفيين, قُتل في سوريا منذ بداية الثورة عام 2011م ما لا
يقل عن 23 صحفيًّا من بينهم 6 أجانب, مما يجعل البلاد من أكثر المناطق
خطورة في العالم بالنسبة للصحفيين في الوقت الحالي؛ حيث أصبحت سلامة
الصحفيين معرضة لخطر أكبر بعد أن أعلن رجل أعمال موالٍ للأسد على أحد
التلفزيونات الكويتية أنَّه يعرض مبلغ 140 ألف دولار أمريكي لأي شخص يعتقل
مراسلاً أجنبيًّا ويسلمه لقوات الأمن الحكومية, وَفقًا لصحيفة إسبانية.
ومن
المؤكد أن هذه المخاطر جعلت الصحف أكثر حرصًا وحذرًا فيما يتعلق بإرسال
الصحفيين لتغطية الحرب, كما قررت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية في بداية
هذا العام التخلي عن استخدام صحفيين أحرار, حيث قال "سيان رايان", المحرر
الأجنبي في "صنداي تايمز": إنَّ أحد أسباب اتخاذنا لمثل هذا الموقف هو
اختفاء "أوستن تايس" و"جيم فولي", إلى جانب فقدان صحفيين آخرين, فإنَّ
علينا حقيقة أن نفكر بجدية حول إرسال أشخاص لا نعرف حقًّا مدى خبرتهم هناك.
أما
"خافيير إسبينوزا", مراسل صحيفة "إلميندو", فقد قال: إنَّ 80٪ من الصحفيين
الذين يغطون سوريا هم مراسلون يعملون لحسابهم الخاص, وهناك قلق متزايد ما
بين الصحفيين الذين يغطون الحرب من العدد المتزايد من الصحفيين الشباب
الأحرار الذين يدخلون إلى البلاد التي تمزقها الحرب.
قد
تبدو متطلبات الجيش الحر الجديدة مرهقة ماديًّا بالنسبة للمراسلين الذين
يعملون لحسابهم الخاص, مما يزيد من احتمال انعدام ذهاب الصحفيين الأحرار
إلى سوريا واضمحلاله؛ بسبب المخاطر الجمة واستحالة المهمة.
------------------
طالع.. المصدر
تعليقات