"شين بيت".. "خرق القانون" برؤية سينمائية!

ترجمة: حسن شعيب

"إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية لا يختلف كثيرًا عما قام به الألمان في الحرب العالمية الثانية" هكذا يستنتج أحد زعماء "شين بيت" السابقين أو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي, في إشارة إلى تكتيكات الجهاز التي كانت تستند إلى حرب لا أخلاق لها, وذلك خلال فيلم "حراس البوابة" الوثائقي الذي يبرز قسوة ووحشية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ناهيك عن الاغتيالات وعمليات التعذيب التي نفَّذها جهاز "شين بيت".
خلال حديثهم مع مخرج فيلم "حراس البوابة", انفتح رؤساء الجهاز الإسرائيلي "شين بيت" (مزيج من وكالة المخابرات الأمريكية ومكتب تحقيقات فدرالي يعمل بسرية تامة) بشكل لم يسبق من قبل لتقديم تقييم قاسٍ لدور الجهاز في (الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني), والذي تحدثوا فيه خلال الفترة الممتدة من (1980 إلى 2011) عن نجاحاتهم وإخفاقاتهم وعن تفاصيل العمليات الأمنية السرية.
يبدو جليًا الاختلاف السياسي والشخصي وربما المهني بين هؤلاء ورؤساء الجهاز السابقين، حيث يقول المخرج درور موريه: "لا أعتقد أن أحدًا منهم يحمل الكثير من الود للباقي", لكنهم جميعًا اتفقوا على أنه "حتى لو كانت إسرائيل تنتصر في كافة المعارك, فإنها أساسًا تخسر الحرب، حيث لا يمكن تقدير حساب الثمن الأخلاقي الذي يتكبده الاحتلال".
من جانبه يقول أبراهام شالوم, الذي ترأس "شين بيت" من عام 1980- 1986, "إنَّ ما كسبناه خلال عملنا هو علامة في غاية السلبية، حيث أصبحنا قساة القلوب", وكان شالوم قد أمر باغتيال فلسطينيين اختطفَا حافلة إسرائيلية حيث قال لقوات الأمن "اضربوهما حتى النهاية".
كما عرض هؤلاء المديرين السابقين لـ "شين بيت" عدد من الأحداث الهامة التي قام هذا الجهاز بتنفيذها سواء مؤامرة يهود متطرفين لتفجير مسجد قبة الصخرة في القدس ومخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين عام 1995 والدور الذي لعبه شين بيت في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
من جانبه يقول ريتشارد كوهين, في مقال له في واشنطن بوست: "إن الفيلم (مدته 97 دقيقة)  يُشكل لائحة اتهام قاسية للسياسات الإسرائيلية، وخاصة ما تمثل في استمرار الاحتلال للضفة الغربية، وفي الاستمرار بتوسيع المستوطنات" مشيرًا إلى "أنهم أجمعوا على أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام هو الذي يتمثل في العمل من أجل صالح الفلسطينيين وليس في العمل ضدهم".
في أعقاب حرب 1967, أُنشأ جهاز "شين بيت", عندما استطاع الاحتلال الإسرائيلي احتلال الكثير من الأراضي الفلسطينية، والذي أستخدم فيه الكثير من الممارسات السيئة سواء التجسس والاستجوابات القاسية التي قد تصل إلى حد التعذيب.
لا شك أنَّ هذا الفيلم الوثائقي "حراس البوابة", الذي عرض في الولايات المتحدة في أواخر العام المنصرم والمرشح بقوة لنيل جائزة الأوسكار أذهل وأثار اهتمام الكثير من الأمريكيين, ولا سيما اعترافات مديري جهاز الأمن الداخلي، كما عززت الانتقادات لسياسة الحكومة اليمينية في إسرائيل التي تهدف إلى توسيع الاستيطان في الضفة الغربية في الوقت الراهن.
في هذا الصدد يقول مخرج الفيلم: "الغريب في الأمر هو ما يكشفه هؤلاء من اعتزاز وبلا خجل عما قاموا به من التحقيقات الوحشية والعمليات الدموية، حتى إنَّ أحدهم أشار إلى إحدى عمليات الاغتيال واصفًا إياها أنَّها "كانت خالية من العيوب ومنسقة", فكيف يكون هؤلاء دعاة للسلام ومن بينهم من يتولى مناصب قيادية في الحكومة الحالية, مثل آفي ديختر, وزير الجبهة الداخلية, أو ياكوف بيري الذي انتخب عضوًا للكنيست مؤخرًا.
أما آمي أيالون, أحد الذين شاركوا في "حراس البوابة" الفيلم وترأس " شين بيت" من (1996 – 2000) فقد أكَّد أنَّ هذا الفيلم لن يترك إلا القليل من الانطباع السيئ لدى الإسرائيليين, لأن معظمهم عندما يصل الأمر إلى مرحلة معقدة، فإنَّ أسهل الطرق للتعامل معها هو إغلاق عيوننا ووقر آذاننا".
وكما يقول أحدهم "في الحرب تُغفل الأخلاقيات", يبدو أنَّ جهاز "شين بيت" تَمّ تأسيسه بشكل رسمي لانتهاك القانون والعمل بشكل لا أخلاقي, حيث يقول مخرج الفيلم: "أعتقد أنه في نهاية المطاف يتعين على أي جهاز سري لديه مثل هذه القوة الهائلة "شين بيت" و"سي أي إيه" الأمريكية والموساد أن يجعل القانون نصب عينيه وأن يتلقى منه التوجيه.
لا ريب أنه عندما يغيب القانون وسلطة القضاء والمحاسبة على هذه المؤسسات فإنَّها تتصرف كما لو كان القانون غير موجود فيما يتعلق بحياة أو موت الأشخاص دون مراعاة لآدمية أو أخلاق, من المؤكد أن "شين بيت" أحد الأجهزة التي دأبت على ممارسة ذلك والولوغ فيه ضد الفلسطينيين. 
---------------
طالع.. المصدر

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء