مسلمو بلغاريا.. الحياة تزداد "صعوبة"!


ترجمة: حسن شعيب
يبدو أنَّ الهجوم الأخير على الحافلة التي كانت تقلّ سياحًا من إسرائيل في شهر يوليو الماضي, جعَل حياة المسلمين في بلغاريا أكثر صعوبةً؛ حيث منحت السياسيين من اليمين المتطرف الفرصة في إذكاء  وتصعيد المشاعر المعادية ضد الأقلية المسلمة التي تزيد عن 15 % من أعداد السكان في بلغاريا, 7.3 مليون نسمة.
من جانبه يقول سعيد موتلو, إمام في مدينة سارنتيسا الواقعة في جنوب بلغاريا البعيد منذ 1998: "عندما تكون الأمور لا تسير على ما يُرام فإنَّهم يحاولون خَلْق توترات عِرْقية لتحويل الانتباه والاهتمام عن المشاكل الحقيقية", مضيفًا أنَّه يشعر أنَّ "التعايش الطويل السلمي في بلغاريا مُعَرَّض للخطر".
جدير بالإشارة أنَّ الأوضاع ازدادت صعوبةً بعد الهجوم الذي راح ضحيتُه خمسة سياح إسرائيليين وسائق بلغاري في ميناء بوغارس المطلّ على البحر الأسود خلال شهر يوليو الماضي, وهو الهجوم الذي اتَّهمت فيه إسرائيل إيران وحزب الله اللبناني بارتكابه, وقد نفت طهران هذا الادعاء.
وبرغم مرور أكثر من 4 أشهر على الحادث إلا أنه ما زال المسلمون يتكبدون عناء وتداعيات هذا الهجوم, ومن بين هؤلاء الإمام موتلو؛ حيث تَمَّ تقديمه للمحاكمة بتهمة إدارة فرع غير مُسَجَّل لمؤسسة الوقف الإسلامي بالإضافة إلى استخدام وظيفته كواعظٍ في الدعوة إلى الإسلام الأصولي, وفقًا لما قالته المحكمة.
بعد مصادرة كتب الأدب الإسلامي الخاصة بموتلو, يقول شهود عيان: "يزعم المدعون أنَّ موتلو و12 آخرين من القيادات الدينية والنشطاء الإسلاميين في جنوب غرب بلغاريا يتلقون رواتب شهرية من الوقف الإسلامي لنشر الأفكار المتشددة, وهذا ما نفاه موتلو وبقية المتهمين.
في تعليقه على المحاكمة, يقول موتلو, البالغ من العمر 49 عامًا: "يوجد بين الناس توتُّر كبير, كما توجد صدمة عميقة من المحاكمة", بينما نفى خيري شريفوف, أحد المتهمين ويدير نادي كرة القدم للشباب في رودزم, الواقع على بُعْد 10 كيلو متر من الحدود اليونانية- الاتهامات بتعليم الأطفال أفكارًا متطرفة.
من جانبه, أخبر مصطفى اليكانوف, عمدة سرنتيسا وكالة صوفيا نيوز البلغارية "بقدر معرفتي بالإمام سعيد موتلو, فإنَّ الرجل نظيف, هو إمام منذ أكثر 20 عامًا ولا يمكن لأحد أن يقول عليه شيء سيِّئ". مضيفًا "المدينة بأكملها ستقف بجانبه".
كما أضاف شريفوف, لدي في النادي ما يزيد عن 50 صبيًا يلعبون كرة القدم ويتدربون سويًّا في الملعب حيث يوجد المسلم والمسيحي دون تمييز ديني في الفريق أو النادي بشكل عام, مشيرًا إلى أنه "في المجتمعات المختلطة مثل رودزم, حيث يعرف الجميع بعضهم البعض, أعتقد أنَّه من الصعب تصعيد التوترات العِرْقية".
أمَّا المحللين فقد وجَّهوا انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء بويكو بوريسوف بسبب استغلاله للتوتُّر المتنامي داخل المجتمع للفوز بفترة رئاسية أخرى في منصبه, حيث قال ميخائبل إيفانوف, محاضر قضايا الأقليات في جامعة صوفيا البلغارية الجديدة: "لدينا عزلة وغربة, وهذه خيبة أمل توضع على رءوس البلغاريين".
من جهةٍ أخرَى استخدم بعض مؤيدي الأحزاب اليمينية المتطرفة هذه المحاكمة لتمرير بعض أهداف أجندتهم الخاصة ضد المسلمين, حيث نظَّموا مسيرات وتظاهرات يرفعون فيها شعارات "ديننا هو بلغاريا", "أحكام قاسية للمتعصبين", حيث قال بافل بيتكوف, مدرس متقاعد: "اليوم جلبوا إلينا الإسلام الراديكالِي, وغدًا سيطلبون الحكم الذاتِي الإسلامي, علينا أن ننتبه قبل فوات الأوان".
يشار إلى أنَّ هذه المحاكمة أحْيَت ذكرى الثمانينات, عندما أجبر آلاف المسلمين في بلغاريا على تغيير أسمائهم إلى أسماء بلغارية, مما دفع ما يقرب من 300 ألف مسلم لمغادرة البلاد هربًا من الحملة التي أطلقها الديكتاتور الشيوعي تودور جيكوف لإحياء التراث البلغاري الثقافي, حتى سقط في نهاية الثمانينات.
علاوةً على أنَّ المجتمع الإسلامي يشعر بالإهمال الرسمي لأكثر من عشرين عامًا منذ انهيار النظام الشيوعي, تجد أنَّ المناطق التي يعيش فيها المسلمون تميل لأن تكونَ الأفقر في البلاد, حيث يقول  ايفانوف: " التوازن غير موجود, فنحن نعيش في دولة غير مبالية بحوالِي مليون شخص من شعبها (المسلمين)". 
------------------
طالع..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء