مسلمو أثيوبيا .. التهميش لا يزال مستمرًّا!
ترجمة: حسن شعيب
لم
يجد المسلمون في أثيوبيا أفضل من عيد الأضحى لكي يعبّروا عن غضبهم ورفضهم
للممارسات التي تنتهجها السلطات الأثيوبيَّة معهم سواء بالتجاهل والتهميش
أو التدخل في شئونهم وفرض أفكار إسلاميّة معينة على الأغلبيّة المطلقة من
المسلمين الموجودين في البلاد, لذلك خرج مئات الآلاف من مسلمي إثيوبيا في
العديد من المدن الإثيوبيّة بعد أداء صلاة العيد في مظاهرات واحتجاجات ضد
السياسة التي تتبعها الحكومة معهم.
بأيادٍ متشابكة في بعضها كرمز للوحدة, واصطفوا بالآلاف تحت لهيب الشمس بعد صلاة الجمعة, رافعين أكفهم إلى السماء خارج مسجد "أنور الكبير"
في أديس أبابا, تجمع مئات الآلاف ليحتجوا على ما يرونه تدخلا سافرًا وغير
دستوري من قبل السلطات الأثيوبيَّة في شئونهم الدينيَّة, كما طالبوا
بالإفراج عن قياديين إسلاميين معتقلين, ومحاسبة المسئولين عن مقتل أربعة
مواطنين مسلمين في شمال إثيوبيا الأسبوع الماضي.
جديرٌ
بالذكر أن هذه المظاهرات تأتي في خضمّ الاحتجاجات التي تنظمها الجاليات
الإسلاميَّة منذ أكثر من عشرة أشهر على محاولات الحكومة لفرض فكر الأحباش,
ولا سيما عقب انتخاب المجلس الأعلى للمسلمين في الشهر المنصرم ويرون ذلك
تخطيطًا حكوميًّا لاختيار قادة للمسلمين ضدّ إرادة غالبيَّة مسلمي إثيوبيا.
وفي
هذا الصدد يقول زينو لوبسيو, تاجر إثيوبي مسلم شارك في المظاهرات "نطالب
بإجراء انتخابات ديمقراطيَّة وسليمة وهذا لم يحدث" وكان زينو أحد الرافضين
للإدلاء بصوتهم في انتخابات المجلس الأعلى للشئون الإسلاميَّة في البلاد
التي أُجريت في أوائل الشهر الماضي.
كما
عارض زينو إجراء الانتخابات بعدما سجنت الحكومة 17 قياديًا إسلاميًا في
يوليو الماضي, لكي يفوز من يمثلها, حيث قال "لقد اخترنا هؤلاء الذين تمَّ
سجنهم, لأنهم يمثلون المجتمع المسلم وأبرياء مما نسب إليهم وليسوا إرهابيين
ونطالب الحكومة بإطلاق سراحهم جميعًا".
وردًا
على المظاهرات العارمة التي اجتاحت معظم مدن البلاد عقب صلاة الجمعة وعيد
الأضحى للمطالبة بإنهاء "تدخل الحكومة في شئون المسلمين", قامت محكمة
إثيوبيَّة بتوجيه الاتهامات لـ 29 قياديًا إسلاميًا للإعداد لما أسمته "أعمالا إرهابيّة"
زاعمة أنهم متهمون بالعزم على التخطيط والإعداد والتآمر والتحريض ومحاولة
ارتكاب أعمال إرهابية إلى جانب محاولتهم الدفع بقضايا سياسيَّة ودينيَّة
وأيديولوجيَّة من خلال اللجوء إلى القوة.
وفي
الوقت الذي أكَّد فيه هايلي مردام, رئيس الوزراء الإثيوبي, أنه يحترم حرية
المعتقدات، لم يتمكن العشرات من ذوي المتهمين- الذين بينهم تسعة من زعماء
المسلمين البارزين ومنهم حبيبة محمود زوجة وزير الخدمة المدنيَّة السابق
المتهمة بتمويل التطرف الديني كما زعموا- من دخول قاعة المحاكمة التي كانت
مليئة بقوات الشرطة.
جدير
بالإشارة أن مسلمي إثيوبيا يتهمون حكومة أديس أبابا بأنها مسئولة عن
الاضطرابات الجارية، من خلال تشجيعها جماعة الأحباش المعروفة باسم "جمعيَّة
المشاريع الخيريَّة الإسلاميَّة" وترويج أفكارها الموصوفة بالهدامة وسط
مسلمي إثيوبيا، بينما تنفي الحكومة ذلك.
كما
رفض المتظاهرون فرض الحكومة عليهم أساتذة وأئمة في المدارس والمساجد
وإجبار رجال الدين على ممارسة شعائر طائفة الأحباش التي أسّسها في
الخمسينات في لبنان الشيخ عبد الله الهرري الحبشي وتدعي الإسلام بينما تقوم
بتكفير المسلمين، وإشاعة الفتنة بين الأمَّة، والعمالة في مقابل المال
للحكومات.
وفقًا
للأرقام الرسميَّة, يمثِّل المسلمون 34 % من الإثيوبيين الذين يبلغ عددهم
83 مليون نسمة, بينما يشارك 7.5 مليون مسلم في انتخابات المجلس الأعلى
للشئون الإسلامية في إثيوبيا, كما يؤكّد الدستور الإثيوبي على علمانيَّة
الدولة ويمنع تدخل الحكومة في الشئون الدينيَّة.
وبينما
يرفض مسلمو إثيوبيا جميع التهم الموجَّهة إليهم من قبل السلطات الرسميَّة،
أو تهميشهم وإقصاءهم, أكّدوا على تشبثهم بدينهم الإسلامي, كما شددوا كذلك
على عزمهم مواصلة الاحتجاجات السلمية في مختلف المدن والقرى الواقعة في
مناطقهم حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم المشروعة والمنصوص عليها في الدستور
الإثيوبي.
-------------
طالع... المصدر
تعليقات