1433..إطلالة على مسلمي العالم!
ترجمة: حسن شعيب
برغم
كثرة الاضطهاد والقمع, لم يكن الكادر الخاص بصورة المسلمين في العالم عام
1433 هـ كله اكتئابًا ومريعًا, لكنه كذلك كان فيه من الآمال والدلالات
الإيجابية التي تستحق الذكر وتسليط الضوء عليها, كما لن ننسَى أن نشعل ضوء
في وضع حلول لمشاكلهم في البقاع التي يتعرض فيها المسلمون للمكافحة
والملاحقة وربما الإبادة.
بورما الأبرز
ربَّما
كانت مأساة مسلمي بورما الأبرز هذا العام؛ فبرغم أنَّ الدولة التي تقع في
قارة آسيا, وعاشت ردحًا من الزمن تعانِي من انتهاكات حقوق الإنسان والحكم
العسكري, شهدت مع بداية هذا العام تجربة ديمقراطية ناضجة إلى حدّ ما, إلا
أنّها كانت منقوصة لأنَّ هذا التغيير والإصلاح لم يَطَل المسلمين بل إنَّ
محنتهم اشتدت وزادت معاناتهم على المستوى الشعبي والرسمي.
في
منتصف العام المنصرم تعرّض مسلمو بورما لحرب شاملة, وخاصة في ظل انشغال
العالم العربي بالمستجدات والثورات على الساحة, انطلقت حملات إبادة َضد
مسلمي الروهينجيا ببورما وتعرضوا إلى حالةٍ من الاضطهاد غير المسبوقة في
تاريخ هذه البلاد، برغم أنَّ حملات الاضطهاد متواصلة ضدَّهم منذ عقود
عديدة، لكنها تصاعدت بقوة في عام 1433, حتى وصلت الحصيلة إلى عشرات الآلاف
من القتلى والمشردين في صفوف المسلمين.
وأمام
هذه المجازر والإبادات الجماعية, اكتفى بعض قادة العالم بالصمت, بينما لم
يصدر حكام العالم الإسلامي سوى انتقادات واستنكارات، ولم تترجم هذه
الانتقادات والاستنكارات في صورة مواقف واضحة على الأرض بسحب السفراء، أو
توجيه انتقاداتٍ شديدة اللهجة إلى المذابح الدمويّة التي يتعرَّض لها
المسلمون في بورما.
البوذيون يعيثون فسادًا
ولم
يكد البوذيون في بورما يفرغون من جريمتهم البشعة بحق المسلمين, حتى أخذ
أقرانهم في الهند يبدأون بنفس الطريقة حملة قمعية جديدة ضد المسلمين أيضًا
بولاية آسام فيُقتل المسلمون ويُذبحون ويتعرضون لأبشع الجرائم ولا يتحرك
أحد, وقد راح ضحية لهذه المجزرة العشرات وأصيب 400 بحسب إحصائيات أولية،
فيما نزَح أكثر من 50 ألف مسلم إلى مناطق هندية داخلية وإلى معسكرات
الإغاثة هربًا من المواجهات بعد حرق 500 قرية.
من
الواضح أنَّ 1433 كان عام اضطهاد البوذيين للمسلمين, حيث شنّ بعض البوذيين
الهجمات ضد المسلمين في سريلانكا, فغدت ضاحية "دهيولا" في كولومبو, موقعًا
للاحتجاجات الشرسة والاحتقان الطائفي والتوتر, حيث قام 200 محتج, في وضح
النهار, بقيادة عشرات من الرهبان البوذيين بالتجمع أمام المركز الإسلامي
الصغير وبدأوا بإلقاء الحجارة وقطع اللحم الفاسد على بوابة المسجد.
كما
أخذ البوذيون يردّدون هتافات تطالب بإغلاق المسجد زاعمين أنه يقوم بذبح
الحيوانات يوميًا, ولم تكن هذه الحادثة الوحيدة ولكنها الأحدث في مسلسل
الحوادث الخطيرة التي يشيعها المتطرفون البوذيون ضدّ المسلمين في سريلانكا,
حيث قام عدد من الرهبان البوذيين كذلك من قبل بتعطيل صلاة المسلمين في
قرية دامبولا, حيث زعم المهاجمون أنَّ المسجد, الذي بني في عام 1962, غير
قانوني, وبعد عدة أسابيع قام الرهبان بصياغة رسالة تهديد تستهدف المسلمين
في المدن القريبة من كورونيجالا مطالبين بوقف أداء الصلوات هناك.
تدخُّل وتجسس
أما
مسلمو فرنسا فقد كانوا ضحية للصفقات الانتخابية حيث استخدم ساركوزي،
الرئيس المهزوم, "اللحوم الحلال", المذبوحة وفقًا للشريعة الإسلامية,
قربانًا يقدمه على مذبح اليمين المتطرف لاستقطاب أصواتهم, مما أثار سخط
الجالية المسلمة, فهذه عادته كما استخدم ذات الورقة التي صعدت به إلى سُدّة
الرئاسة، كما فعل سلفه جاك شيراك من قبل، لاستقطاب أصوات اليمين، في
الماضي عبر حظر النقاب في الأماكن العامة، وكذا الحجاب في المدارس, لكنه
ذهب إلى مزبلة التاريخ.
كما
هزّ المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام ما كشفته وسائل
الإعلام في مدينة نيويورك, عن دسّ الشرطة مخبرين في المساجد, والأحياء
المأهولة بالسكان المسلمين, ونوادي الجامعة الإسلامية في نيويورك وضواحيها,
للتجسس على المشاركين في الصلاة وموضوعات الخطب والمحاضرات, والأغذية التي
تباع في المطاعم، والحوارات التي تناقش حول السياسات والأحداث العالميّة.
وفي
أثيوبيا, ذات الأغلبية المسيحية, احتدت الاشتباكات والمواجهات بين
المسلمين الذين ينظمون احتجاجاتهم مع الشرطة, بعد تصاعد مخاوف الأقلية
المسلمة هناك من الحكومة لأنْ يكونوا ضحية جديدة للحرب على الإسلام, حيث إن
المسلمين يتهمون الحكومة بالتدخل بشكل غير قانوني في الشئون الإسلامية؛ من
خلال رصد وثيق لأنشطتهم داخل المساجد، وإجبار رجال الدين على ممارسة شعائر
طائفة الأحباش- التي تدعي الإسلام بينما تقوم بتكفير المسلمين، وإشاعة
الفتنة بين الأمة، والعمالة في مقابل المال للحكومات- في الوقت الذي يحظر
دستور الحكم الإثيوبي التدخل في الممارسات الدينية.
مبشرات وآمال
بيد
أن الله لم يرضى أن يمر العام دون وجود مبشرات وأمال تبعث على السرور
والبهجة في نفوس المسلمين, حيث انتخبت عميرة بابيتش أول مسلمة محجبة تنتخب
كرئيسة لبلدية في البوسنة, كما تبدى في الأفق شعاع نور في دولة "النمسا"
ذات الأغلبية الكاثوليكية، حيث تشير الإحصائيات والأرقام الرسمية إلى تزايد
إقبال غير مسبوق في اعتناق الإسلام في النمسا والخروج من المسيحية.
وبينما
تشتد الحملة العدائية، ويزداد التمييز العنصري والاعتداء على الحرية
الدينية للأقليات الإسلامية في العديد من الدول الأوربية, تكبَّدت
التحالفات اليمينيَّة المتطرفة في أوروبا خسارة كبيرة في الدنمارك هذا
العام بعد فشل سعيهم لنشر الكراهية ضد المسلمين, وخيبة مسعاهم لتدشين "جبهة
الدفاع الإنجليزيّة" المعروفة بمناهضتها للأجانب والمسلمين خاصة لحشد
تأييد أقرانها في أنحاء أوروبا من أجل مسيرة تنظمها في الدنمارك لمناهضة
المسلمين.
كما
ضرب مسلمو بريطانيا نموذجا جادا في الاندماج, برغم هؤلاء, من غير المسلمين
البريطانيين, الذين ما زالوا ينظرون إلى المسلمين كعدوٍّ محتمَل, حيث تؤكد
استطلاعات الرأي المتتالية بما لا يدع مجالًا للشكِّ أنَّ المسلمين
البريطانيين أكثرُ ولاءً لبريطانيا من الجاليات الأخرى بما فيهم البيض, حتى
إنَّ البعض يرجع الفضل للمسلمين فيما تبدو عليه المملكة المتحدة في الوقت
الراهن كأفضل مثالٍ على التعددية؛ بعد تمكنهم من الاندماج في المجتمع،
ويشعرون أنَّهم في وطنهم بريطانيا.
---------------
تعليقات