مسلمو أوكرانيا.. نموذج للإيجابية!
ترجمة: حسن شعيب
في
نهاية الشهر الجاري من الْمُقرر إجراء الانتخابات البرلمانية الأوكرانية,
ونظرًا للإحساس بالمسئولية تجاه المجتمع والوطن بادرت المنظمات المجتمعية
الإسلامية بدعوة الشعب الأوكراني- وبخاصة المسلمين- إلى المشاركة الإيجابية
والفعَّالة في هذه الانتخابات، ولاسيما أنَّ مستقبل البلاد يعتمد بشكل
كبير على حجم هذه المشاركة الهامة.
شاركوا وتفاعلوا
وفي بيان أصدره منظمة "الرائد"، أكبر مؤسسة تُعنَى بشئون المسلمين في أوكرانيا، والإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة"- قالوا فيه:
"ندعو
الشعب الأوكراني عامة والمسلمين خاصة لممارسة حق المواطنة بفاعلية من خلال
المشاركة الإيجابية في الانتخابات المقبلة، والتصويت للأحزاب والمرشحين،
الأمر الذي يعزز الحياة الديمقراطية في البلاد، ويحمي الحقوق والحريات".
كما أضاف البيان:
"إنَّ
المشاركة في الانتخابات فرصة لتطوير وتنمية المجتمع، وينبغي علينا أنْ
نسعى جاهدين لهذا الأمر، ولنشر مفاهيم العدالة والحريات بين الجميع في إطار
مسئوليتنا وواجباتنا الدينية والمدنية. أيها المسلمون في المجتمع
الأوكراني، إنَّ في الانتخابات الديمقراطية خيرًا للمجتمع وجميع فئاته،
وحفظًا لحقوقهم، وعلاجًا لأي ظاهرة أو آفة قد تسيء لهم؛ لذا ندعوكم جميعًا
لممارسة حقكم الدستوري كمواطنين شركاء، وللعب أدوار إيجابية تعكس حرصكم على
تطوير وتنمية مجتمعكم".
حملة إنسانية
من
المعروف أنَّ كلتا المنظمتين تقوم بتدشين العديد من الحملات والفعاليات
التي تؤثر في المجتمع الأوكراني، وتُحَسِّن صورة المسلمين؛ حيث أطلق اتحادُ
المنظمات الاجتماعية "الرائد" بالتعاون مع "أمة"، والتنسيق مع فرع منظمة
الهجرة العالمية في أوكرانيا, في الشهر المنصرم- حملةً غير مسبوقة لجمع
الملابس الجديدة والمستعملة، والكتب، والأدوات الشخصية الضرورية؛ لإغاثة
المهاجرين غير الشرعيين في عدد من الأقاليم والمدن، إضافة إلى المحتجزين
منهم في "مراكز الاحتجاز المؤقت" على الحدود الشمالية والغربية للبلاد.
من جانبه، قال رئيس "الرائد":
"إنَّ
الحملة تأتي في إطار تحمُّل مسلمي أوكرانيا لمسئولياتهم كمواطنين في
المجتمع، فضلًا عن كونهم مسئولين عن العرب والمسلمين من عدة دول الموجودين
ضمن المهاجرين، وفي مراكز الاحتجاز المؤقت". مضيفًا: "إنَّ هذه الحملة تأتي
كذلك في إطار برنامج إغاثة يتبناه فرع منظمة الهجرة العالمية في أوكرانيا؛
يستهدف المهاجرين غير الشرعيين بمختلف أنواع الدعم والمساعدات".
وأثنت
مسئولةُ قسم المعلومات في فرع الهجرة, "فارفارا جلوكيتينكو", على البرنامج
لما يقدِّمه من مساعدات حقوقية وإنسانية، بالتعاون مع عدد من المنظمات
المجتمعية والدينية والخيرية, كما أزالت اللثام عن وجود نحو 13 ألف مهاجر
غير شرعي في أوكرانيا وفق إحصائيات عام 2011م.
مشيرة إلى:
أنَّ معظم المهاجرين هم من روسيا وباقي دول الاتحاد السوفيتي السابق؛ حيث
قالت: "إنَّ منظمة الهجرة العالمية ترحب بالحملة وتشجعها لأنَّها تساهم في
توفير الاحتياجات الضرورية للمهاجرين".
ارتباطٌ بالهوية
وفي أوائل الشهر الجاري أطلق "الرائد" حملةً لتوزيع نحو 4 آلاف من "دفاتر يوميات"
على طلاب المدارس المسلمين في أقاليم ومدن أوكرانيا، وهي دفاتر يُسجِّل
فيها الطلاب يوميًّا وظائفهم المنزلية، ويُسجِّل عليها المعلمون ملاحظاتهم
وتقييماتهم.
وتقول
"فاطمة عمرو اللايفا", رئيس قسم العمل النسائي في (الرائد): "إنَّ الهدف
من الحملة تعزيزُ ارتباط الطلاب المسلمين بدينهم وهويتهم، وأنَّها تُوجِد
بديلًا للدفاتر التي قد تسيء بصورها ورسومها إلى سلوكياتهم".
كما
أوضحت أنَّ الدفاتر تتضمن صورًا للمقدسات الإسلامية، وآيات قرآنية، وأحادث
نبوية، كما تحتوي على نصائح وتوجيهات صحية وتربوية، وجميعها وضعت على
صفحات الدفاتر بصورة مشوقة ومعبرة", مشيرة إلى أنَّ الحملة بدأت في إقليم
القرم، ونجاحها يرشحها لتعم معظم أرجاء أوكرانيا؛ حيث يشكو الكثير من
الآباء المسلمين صعوبة توفير دفاتر لائقة لأبنائهم".
ثمرة الإيجابية
يُذكَر
أنَّ مدارس اللغة العربية تنتشر في جميع أنحاء المدن الأوكرانية, وخاصة في
إقليمي شبه جزيرة القرم جنوب البلاد، وإقليم الدونباس شرقها؛ حيث يعيش
قرابة المليون مسلم, ويبلغ عدد المدارس قرابة الأربعين، وهي تتبع للمراكز
الثقافية الإسلامية والجمعيات التي يُشرف عليها اتحاد المنظمات الاجتماعية
"الرائد".
جدير
بالإشارة أنَّ بطولة كأس أمم أوروبا يورو (2012م) الماضية، التي استضافتها
أوكرانيا بالمشاركة مع بولندا- سلطت الضوء بشدة على نشاطات الجمعيات
الإسلامية في أوكرانيا, حينما أطلقت حملةً، لإرشاد ضيوف البطولة من العرب
والمسلمين، إلى المساجد والمراكز الإسلامية والمطاعم التي يتوفر بها الطعام
الحلال؛ حيث أطلق "الرائد" و "أمة" حملتهما الإرشادية بغرض مساعدة
الوافدين من العرب والمسلمين في هذا الصدد.
يبدو
أنَّ إيجابية المسلمين في أوكرانيا بدأت تؤتي ثمارها؛ حيث كانوا بمنأى عن
العنصرية المنتشرة في أوروبا, ولا تعد بعضها الذي يحدث هناك سوى أمر نادر
الحدوث في أوكرانيا، ولا يرقى إلى حجم ما يقع في مجتمعات أوروبية وغربية
أخرى.
يُقدَّر
عدد مسلمي أوكرانيا بحوالي المليون والنصف من أصل 46 مليون نسمة يسكنون في
جميع أنحاء أوكرانيا، ويقطن غالبيتهم شبه جزيرة القرم الجنوبية وإقليم
الدونباس الشرقي.
-------------
تعليقات