النفاق الغربي وحريّة التعبير!

ترجمة: حسن شعيب
يبدو للعيان أن الإعلام الغربي يسعى حثيثًا لتغطية جريمة إنتاج الفيلم المسيء للنبي محمد, حيث يقوم بتسليط الأضواء على حوادث وقضايا تمسّ المسلمين لتشويه صورتهم, ومن ثمّ الكف عن الدفاع عنهم وعن محمد صلى الله عليه وسلم, ولكن هيهات فقد ظهر ازدواج معاييرهم للجميع.
في الوقت الذي تستمر فيه موجات الغضب العارمة داخل العالم الإسلامي وغير الإسلامي بسبب الفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم, تقوم محكمة بريطانيّة في مدينة برادفورد بإدانة شاب مسلم بسبب كتابته رسائل هجوميّة بحق جنود بريطانيين لقوا حتفهم في أفغانستان، حيث كتب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك", "كل الجنود البريطانيين لابد أن يموتوا ويذهبوا للجحيم".
ليس ثمة شك أن هذه القضيَّة لم تكن تستحق أن تصل إلى جريمة ولم يُعنَ بإثارتها في الوقت الحالي سوى محض لعبة سياسيَّة, فعلى الأقل هكذا لابد أن يبدو المسلمون أمام العالم عقب الفيلم الذي تمَّ إنتاجه ويسيء لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وذلك من أجل أن تأخذ هذه الإساءة مسارًا آخر, وهذا ما يبدو جليًا حينما نعلم أن قضية الشاب المسلم أظهر أحمد تعود لشهر مايو الماضي, ولكن إدانته تتمّ في هذا الوقت بالذات.
حسنا, لم يكن مقتل ستة جنود بريطانيين في أفغانستان أمرًا يستحق الاحتفاء به من قبل أي شخص, ولكن ما الذي قاله الشاب بالفعل حتى تتمّ إدانته, فلا توجد في الرسالة التي كتبها أي تهديدات أو شتائم بحق أسماء بعينهم, لكنه ببساطة قال إن هؤلاء الجنود لابد أن يموتوا ويذهبوا للجحيم أليس هذا ما تقوله الكنائس للنصارى ليل نهار منذ قرون؟
أليس هذا ما قاله الكتاب المقدس, إذا ما قتلت شخصًا ما فإنك ستذهب إلى الجحيم؟ أليس هذا ما فعله الجنود وماذا عن قادتهم جورج دبليو بوش وتوني بلير وفي الوقت الراهن باراك أوباما, الذي يلعب بالطائرات بدون طيارين ليقتل بها المدنيين وغيرهم.
عندما نضع تبجّح الشاب المسلم إلى جانب الفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وموجة الأفلام الكرتونيّة المسيئة للإسلام قبل عدة سنوات, والتي دافع عنها العديد على أساس حرية التعبير, لا يمكن أن يبدو ما فعله أحمد بهذا السوء أليس كذلك؟ ومن السهل أن يفسرها حتى السذّج على أنها ازدواج للمعايير.
هل من الممكن تصور أن منشورًا كتابيًا على الفيسبوك من هذا النوع يستحق تحقيقًا جنائيًا بل إنه وصل إلى الإدانة الجنائيّة؟ وإذا ما افترضنا أنه من الممكن, ألم يكن من الأجدر تجريم كل من تهكم وأساء إلى رسول الإسلام وأنتج هذا الفيلم الذي أثار ضجيجًا وصخبًا في العالم بأسره.
في الولايات المتحدة, قام أعضاء من الكنيسة المعمدانيّة البغيضة في ويست برو بممارسة الجنازات الاعتصاميّة, وقام الليبراليون بالدفاع عنهم على أساس حرية التعبير, لكن أظهر أحمد لم يفعل ذلك, لكنه تم تجريمه بسبب معارضته المشروعة للحرب في أفغانستان والعراق.
المفارقة الكبرى أن الغالبيّة العظمى من البريطانيين والأمريكيين يتفقون مع الشاب المسلم فيما ذهب إليه, فينبغي أن تتوقف القوات الأمريكيّة وحلفاؤها عن القتل ومن ثم لن يتعرضوا للقتل بعد أن يعودوا لديارهم, ولندع الأفغان والعراقيين وأي شخص آخر يحدد مصيره بنفسه دون تدخل أو تواطؤ من الحكومات الغربيّة.
-------------
 طالع...المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء