رمضان في بورما .. قمعٌ وإبادة!
ترجمة: حسن شعيب
في الوقت الذي يستقبل فيه المسلمون بشتى بقاع العالم شهر رمضان بالبهجة والسرور, يتعرض مسلمو الروهينجا في بورما لأبشع الجرائم الوحشيَّة والمروّعة من قبل البوذيين المتطرفين, حتى صارت حياتهم أقرب للخوف والإبادة والقهر والمعاناة الشديدة.
أكثر
الأقليّات المضطهدة في العالم -حسب وصف منظمة الأمم المتحدة لمسلمي
الروهينجا- شعب مسلم يعيش في ولاية راخين، في غرب يورما, ويبلغ عدد سكانها
3 ملايين نسمة، يحدها من الغرب خليج البنغال وغالبيَّة سكانه من ثيرافادا
البوذيين والهندوس, ويعود تاريخ القمع الذس يتعرض له مسلمي الروهينجا في
منطقة أراكان إلى الحرب العالميّة الثانية, حيث ذبح 5ألاف مسلم عام 1942،
بوحشية على أيدي قوميي راخين.
ومن
يومها كان المسلمين في المنطقة عرضة للمضايقات من قبل الحكومة البورميَّة
التي رفضت حتى الآن منحهم الجنسيّة الرسميّة, ووفقًا للمفوضية العليا للأمم
المتحدة لشئون اللاجئين، الذي قال: "إن هذا النقص في حقوق المواطنة
الكاملة يعني أن مسلمي الروهينجا ينبغي عليهم تحمل غيرها من الانتهاكات،
بما في ذلك القيود على حريتهم في التنقل، والقيود التمييزيّة في الوصول إلى
التعليم، والمصادرة التعسفيّة للممتلكات".
نتيجة
للظروف المعيشية القاسية والمعاملة التمييزيّة من جانب الحكومة، تفيد
تقارير عدة أن نحو 300 ألف من مسلمي الروهينجا هاجروا إلى بنجلاديش وحوالي
24 ألف فروا أيضًا إلى ماليزيا بحثا عن حياة أفضل, فضلا عن العديد منهم
الذي هرب إلى تايلاند، بيد أن الرهينجيون لا يجدون ترحيبا في بنجلاديش,
التي تتفاوض مع الحكومة البورميّة لإعادة الروهينجا, أو تايلاند, التي ترفض
اللاجئين البؤساء, بل إنها سمحت بغرق سفينة كان على متنها بعض منهم في عرض
البحر.
ووفقا
لما قالته منظمة هيومن رايتس ووتش: "إن السلطات الحكوميّة البورميّة لا
تزال بحاجة إلى مسلمي الروهينجا لا لشيء ولكن لأداء أعمال السخرة", مضيفة
"إذا ما حاول أحد أن يرفض أو يشكوا لما يصيبه فيكون مهدد فعليًا للقمع
والتعذيب وأحيانا للموت" مؤكّدة أن أفراد المنظمة شاهدوا أطفالا لا تتجاوز
أعمارهم سبع سنوات يعملون في فرق العمل القسري".
وفي
ذات السياق, عدد أحد المدرسين بجامعة واترلو كندا, المصاعب المختلفة التي
تعرض لها مسلمي الروهينجا تاريخيًا, حيث يقول "أنهم تعرضوا لشتي أنواع
التعذيب والقمع والابتزاز وفرض الضرائب التعسفية ومصادرة الأراضي, والإخلاء
القسري وتدمير المنازل, بالإضافة إلى استخدامهم بشكل متواصل كعمال بالسخرة
على الطرقات وفي معسكرات الجيش.
لسنوات
عدة, ظلّ نشطاء حقوق الإنسان ينتقدون الإجراءات التعسفية الموجّهة ضدّ
مسلمي الروهينجا في بورما من قبل الحكومة والبوذيين المتطرفين, حيث أصدر
إلين بيرسون, نائب مدير هيومن رايتس ووتش في آسيا بيانًا احتجاجيًا على
تدهور أوضاع مسلمي الروهنجيا، داعيًا رابطة أمم جنوب شرق آسيا الضغط على
الحكومة البورميّة إلى وضع حدّ للممارسات الوحشيّة.
يبدو
أن الصراع وموجة القمع ضد مسلمي الروهينجا في ولاية الراخين تصاعدت بشدة
في الوقت الراهن, ليشهد مسلمو بورما أيامًا عسيرة من جديدة لتلقي بظلالها
على موجات العنف والاضطرابات الماضية, حتى تبدأ موجات القتل في صفوف
الروهينجيون, فوفقًا لمجموعة من المنظمات غير الحكوميّة في بريطانيا فقد
ذبح 650 من مسلمي الروهينجا من 10-28 يونيو, كما تقدر الأمم المتحدة تشرد
ما بين 50 -90 ألف منهم منذ اندلاع أعمال العنف.
وبينما
وصفت منظمة العفو الدوليّة الهجمات الأخيرة ضد أقلية الروهينجا من
المسلمين وغيرهم في بورما بمثابة خطوة للخلف في تقدم البلاد في مجال حقوق
الإنسان، مشيرةً إلى تزايد العنف والاعتقالات غير القانونية في أعقاب إعلان
حالة الطوارئ قبل ستة أسابيع, فإن مسلمي بورما لا يتعرضون –على ما يبدو-
للقمع والتقتيل من البوذيين فحسب, ولكنهم كذلك يعانون من التعتيم الإعلامي
لمأساتهم, حيث لا يهتم أي وسائل الإعلام بهم, لذلك فمن المستحيل التحقق من
أعداد القتلى والنازحين.
من
الواضح أن الإعلام الغربي, الذي يتباهى بكونه مستقلا ومهنيًا, ظلّ صامتًا
إلى حد كبير عن تناول مذبحة المسلمين في بورما, والمحنة التي حلت بهم,
ووجدوا أن هناك مواضيع أخرى مثيرة للاهتمام تستحق التغطية, ليظهر ذلك
التعصب الأعمى ضد المسلمين, كما صمتت الحكومات الغربيّة بشكل مخجل، حتى
يتخلوا عن المسئوليّة الأخلاقيّة ويغضوا الطرف عن إراقة دماء مسلمي بورما
لا لشيء إلا لأنهم مسلمون.
------------------------
طالع
المصدر------------------------
تعليقات