ربيع سوداني أم مجرد "زوبعة" أسعار؟!
ترجمة: حسن شعيب
ما
زالت احتجاجات السودانيين على إجراءات التقشف بعد أكثر من عشرة أيام
مستمرة حتى الآن، برغم تصدي قوات الأمن للمحتجين بالقوة واستخدام الهراوات
والغاز المسيل للدموع, وقد انتقلت التظاهرات من أم درمان إلى العاصمة
الخرطوم, فهل تشتعل نيران الغضب العام بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض الإنفاق
الحكومي كي تتحول إلى انتفاضة تودي بالرئيس البشير؟
هذا السؤال أجابت عنه صحيفة" تايم" الأمريكية قائلة:
"أولئك الذين ينشدون التغيير في السودان الدولة القمعية المتهمة بتفشي
الفساد، يأملون أن تكون هذه الاحتجاجات البذرة الأولى لثورة تطيح بالنظام
الاستبدادي كتلك التي أطاحت بحكومتي تونس ومصر".
وأشارت
الصحيفة الأمريكية إلى أن "الاحتجاجات التي ينظمها الطلبة في السودان
مرشحة بقوة لأن تتحول لثورة بعدما بدأ المحتجون يطالبون بإسقاط الرئيس
السوداني عمر البشير", مضيفة أن السودانيين يتظاهرون منذ أكثر من أسبوع
لرفض رفع الدعم الحكومي عن الوقود والإجراءات التقشفية التي اتخذتها
الحكومة السودانية".
كما
أضافت "تايم" الأمريكية أن الغضب يجتاح الطلبة السودانيين والطبقات
الفقيرة التي تئن أصلا تحت وطأة ارتفاع أسعار الغذاء والحاجات الضرورية،
وأنه لم يتوقف برغم المبررات التي ساقتها الحكومة السودانية حين قالت: "إن
الخطوات التقشفية اتخذت لأنها ضرورية لمواجهة المصاعب الاقتصادية التي نتجت
عن انفصال الجنوب وتوقف تصدير النفط الجنوبي عبر أراضي الشمال، الأمر الذي
حرم حكومة السودان من الرسوم التي كانت تتقاضاها لقاء استخدام أراضيها
وبنيتها التحتية في تصدير النفط الجنوبي".
بيد
أن الاحتجاجات –حسب "تايم"- التي بدأت سلمية مرددة لبعض الهتافات التي
تندد بسياسة التقشف ورفع الأسعار سرعان ما تم التعامل معها بعنف ووحشية من
قبل الشرطة السودانية التي استفزها الهتاف بإسقاط البشير, كما ألقت القبض
على بعض من المعارضين من الصحفيين والمدونين.
أما صحيفة "الجارديان"
البريطانية فقد قالت: إن هذه الاحتجاجات لا يمكن اعتبارها ثورة جماهيرية،
ولكن من المرجح أن تشهد انهيار حكومة البشير المفلسة من الداخل, حيث جاءت
هذه الاحتجاجات الطلابية في وقت غير مستقر بالمرة للحكومة السودانية",
مضيفة: "منذ بدء الاحتجاجات كانت استجابة القوات الأمنية وجهاز الاستخبارات
الوطني وقوات الأمن, مفرطة للغاية، حيث قامت بحملة واسعة من الاعتقالات
والاستجوابات والتخويف ثم الإفراج عن المعتقلين".
بينما
ذكرت الصحيفة البريطانية أنه "برغم أن هذه الاحتجاجات قد تشبه التظاهرات
التي تحولت إلى ثورات في المنطقة العربية إلا أن الأمر هنا يختلف, فليس
بالضرورة أن تترجم هذه الاحتجاجات إلى ثورة شعبية تطيح بالنظام الحالي"،
مشيرة إلى أن قيمة الاستقرار لا تزال تحمل مشاعر قوية داخل الجماهير
السودانية, وأن هذه الاحتجاجات لا تزيد عن كونها ضغوطًا على الحكومة بسبب
أدائها السيئ".
وأضافت
الجارديان "أن الحكومة السودانية فشلت في ضخ دماء جديدة وتجديد هياكلها،
ولا يوجد لديها خطة خلاقة للبلاد أو ذات مغزى للتحالف مع القوى السياسية
الأخرى, كما تركزت السلطة في أيدي عدد قليل من النظام من بطانة الرئيس
البشير", برغم هذا قالت الصحيفة البريطانية: "من الصعب وجود تعبئة جماهيرية
بسبب عدم وجود بدائل، أو ثقل معنوي، سواء في شكل معارضين سياسيين أو حركة
واضحة من النشطاء البارزين".
برغم
هذا, فما زال لدى شباب السودان في الأفق أمل أن تؤدي هذه المظاهرات في
نهاية الأمر إلى تغيير جذري, كما يتوقع كثير من المراقبين والناشطين, والذي
قد يفضي إلى نهاية الحكومة الحالية, بينما يرى آخرون أن تغيير النظام لن
يتم بهذه الصورة إذا لم تكن هناك مشاركة فعالة من القوى السياسية المعارضة
في المظاهرات.
في
نهاية المطاف تظل الأيام وحدها كفيلة بالإجابة على ما ستسفر عنه هذه
الاحتجاجات التي سادت البلاد في البداية اعتراضًا على ارتفاع الأسعار
وتدهور الاقتصاد الوطني، وما إذا كان البشير سيرضخ هو وحكومته للمحتجين أم
يخطئ كأسلافه من الحكام العرب الذين أطاحت بهم شعوبهم على إثر احتجاجات
شبيهة بالتي تجري في بلاده.
----------------
تعليقات