مسلمو بورما.. متى تنتهي المعاناة؟


ترجمة: حسن شعيب
 خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، وبالاعتماد على الشائعات غالبًا, لم تنطفئ جذوة التوتر بين البوذيين والمسلمين في بورما، ولم تتوقف أحداث الشغب الدامية التي يذهب ضحيتها في معظم الأحيان المسلمين الذين ينظر إليهم من قبل البوذيين على أنهم ليسوا من أهل البلاد.
في الأسبوع الماضي, وقعت حادثة قتل لم تكن سوى حلقة من اضطهاد المسلمين هناك, حيث لقي أكثر من عشرة مسلمين في تاونجوك في ولاية الراخين المحاذية لبنغلادش حين هاجم حشد من أثنية الراخين ذات الأكثريّة البوذيّة حافلة وانهالوا بالضرب على عشرة من  المسلمين حتى الموت بدعوى أن فتاة من الراخين اغتُصبت وقُتلت على أيدي مسلم.
من جانبها أصدرت السلطة البورميّة بيانًا نشر على الصحيفة الرسميّة والذي أوضح "وقعت في ولاية راخين أحداث منظمة، خارجة على القانون وفوضويّة قد تعرض للخطر السلام والاستقرار ودولة القانون, مضيفًا أن الجنرال كوان زان نائب وزير الداخلية، سيرأس للجنة للكشف عن الحقيقة والتحرك على الصعيد القضائي" موضحا أن السلطات تنوي تثقيف "الناس على احترام الممارسات الديمقراطيّة في الحياة اليوميّة".
يواجه المسلمون في بورما عداء لدينهم ربما يكون أحد أسس المجتمع البورمي, وهذا ما يبدو جليًا في تصريحات بعض المسئولين البورميين, حيث يقول شوي مونج مستشار حزب الأغلبيّة في البرلمان المحلي: "إن المسلمين ليسوا إلا مهاجرين غير شرعيين أقاموا على أراضينا", مضيفًا: "سيأتي يوم نواجه فيه مشكلة خطيرة" زاعما أن المسلمين "أثاروا مشاكل في تايلاند وأوروبا والولايات المتحدة ويحاولون إثارة مشاكل في ولاية راخين".
كما علق كو أونج من جمعية مسلمي بورما على الحادث قائلا: إن "العلاقات اليوميّة مع البوذيين جيدة طالما أنك تلزم موقعك ولا تتخطى حدودك", مشيرا إلى أن "الجريمة تظلّ جريمة بنظر أي كان، لكن إن كان فاعلها مسلمًا، عندئذ قد تصبح مبررًا لإثارة اضطرابات وأعمال الشغب".
أما أبو تاهاي ممثل طائفة الروهينجيا المؤلفة من 750 ألف شخص, مسلمون لا يحملون أي جنسية يقيمون في شمال ولاية راخين وتعتبرهم الأمم المتحدة من الأقليّات الأكثر تعرضًا للاضطهاد في العالم, فقد ندد بالحادث قائلا: "لقد قتلوا وكأنهم حيوانات, إن لم تكن قادرة على السيطرة على الوضع، فقد تمتد الأحداث".
جدير بالإشارة أن عشرات المسلمين نظموا تظاهرة في مدينة رانغون أمام أحد المساجد للمطالبة بالعدالة, كما استنكر آخرون بتعرضهم للتشويه مما قد يؤثر على تنقلاتهم وحياتهم العامة أو الإساءة إليهم مما يقلّل فرصهم في الوظائف العامّة والتعليم والقضاء.
يشار أن جاك ليدر أحد المؤرخين في المعهد الفرنسي كان قد أوضح أن "المواطن البورمي ينظر إليه من قبل الغالبيّة العظمى من البورميين على أنه بوذي تحديدًا، حيث أنهم يرون البوذية جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية, مضيفا "العداء للأجانب هو من طباع البورميين بصورة عامة, وأنهم يستخدمون كلمة "كالا" بطريقة سلبيّة للإشارة إلى المسلمين" مؤكدًا أن العلاقات سيئة ولن تتحسن كثيرًا .. يكفي أن تحصل شرارة لتتحول من التوتر إلى الاشتباك".
جدير بالذكر أن السلطات البورمية قامت بتعزيز الإجراءات الأمنية في غرب البلاد, كما فُرض منع للتجول، فيما قال مسئول في الشرطة، إنه "تم تعزيز" الوجود الأمني والعسكري في المنطقة، بعد تصاعد التوتر الديني فجأة بعدما قتلت جموع بوذية غاضبة في غرب بورما 10 مسلمين في أعمال عنف في جنوب ولاية راخين, كما دعت زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي الأكثريّة البوذية في البلاد إلى إبداء "التعاطف" مع الأقليات.
حسب الإحصاءات الرسمية يمثل المسلمون في بورما 4% من الشعب البورمي, 60 مليون نسمة, أما البوذيين فيقدرون بحوالي 89%, كما تعتبر بورما إحدى أكثر دول جنوب شرق آسيا من حيث التنوع العرقي ويظل التوتر الطائفي والعرقي منتشرًا بها ولا سيما ضد المسلمين هناك.
---------------
طالع...المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء