التدخّل في سوريا.. الرأي والرأي الآخر
ترجمة: حسن شعيب
طالع...المصدر
طرَحت
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكيّة رؤيتين متضادتين للتدخل العسكري في سوريا,
اختلفتا في جدوى التورّط الدولي، واتفقتا على إبقاء الدعم المسلح للمعارضة
السوريّة، ومضاعفة الجهود الدبلوماسيّة الضاغطة على النظام السوري، وتشديد
العقوبات الاقتصاديّة.
الرؤية الأولى:
الرؤية الأولى طرحها جيمس روبن مساعد وزير الخارجيّة الأمريكيّة الأسبق تحت عنوان "السبب الحقيقي للتدخل في سوريا"،
وهو حماية إسرائيل وقطع أي صلة لإيران بالبحر الأبيض المتوسط وهذا ما
يستحق المغامرة, مشيرًا إلى أن البرنامج النووي الإيراني والحرب الأهليّة
في سوريا قد يبدوان غير متصلين, إلا أنهما في الحقيقة مرتبطان ارتباطًا
وثيقًا.
وقال
روبن: "نظرًا لأن المفاوضات الحالية مع القوى الغربيّة العظمى لم تؤثر في
البرنامج النووي الإيراني, فهناك احتمال لوقوع هجوم إسرائيلي ضد إيران
والتهديد بذلك مجددا في وقت لاحق من هذا العام", مشيرًا إلى أن "الخطوة
الهامّة التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة لتغيير حسابات إسرائيل, هي
مساعدة الشعب السوري في معركته ضدّ نظام الأسد".
حصّنوا إسرائيل
واستطرد
الكاتب قائلا: إن خوف إسرائيل من فقدان احتكارها النووي وبالتالي قدرتها
التقليديّة في منطقة الشرق الأوسط هو العامل غير المعترف به في صنع القرار
الإسرائيلي تجاه إيران, وبالنسبة لزعماء إسرائيل فهم لا يخشون امتلاك إيران
لأسلحة نووية وبالتالي شنّ هجوم نووي على إسرائيل قد يؤدي إلى إبادة
الدولتين, بقدر ما يخافون من ذلك لأنه سيقوض نفوذ الجيش الإسرائيلي في
لبنان وسوريا, لأنه سيشجع قادة إيران على دعوة وكلائهم في لبنان, جماعة حزب
الله, للهجوم على إسرائيل, بعد علمهم أن خصمهم –إسرائيل- سيفكر مليًا قبل
الرد.
ويضيف
الكاتب: "وقتئذ يأتي دور سوريا, فالعلاقة الاستراتيجيّة بين إيران ونظام
الأسد تمَّكن إيران من تقويض أمن إسرائيل, فعلى مدى عقود ثلاثة من العداء
بين إيران وإسرائيل دون مواجهة عسكريّة مباشرة, أثبتت إيران قدرتها على
تهديد المصالح الأمنيّة الإسرائيليّة من خلال "حزب الله" الذي تموله وتدربه
إيران عن طريق سوريا".
لذلك
– على حد قول روبن- فإن انهيار نظام الأسد من شأنه أن ينهي هذا التحالف
الخطير بين سورية وإيران, كما قال إيهود باراك إن سقوط نظام الأسد سيكون
ضربة قويَّة للمحور التطرف، وضربة قوية لإيران والقضاء على البؤرة
الاستيطانيّة من النفوذ الإيراني في العالم العربي".
الدعم وحده لا يكفي
ويردف
الكاتب: "بعد مرور أكثر من عام على الثورة السوريّة, لم تستطع المعارضة
هناك تحقيق أي تقدم, وصار واضحًا أن الضغوط الدبلوماسيّة والعقوبات
الاقتصاديّة لن تجبر الأسد على قبول حل تفاوضي للأزمة" مضيفًا: "أما إذا
شعر أن حياته وأسرته ومستقبله على المحك, وهذا لن يتم سوى بالتهديد للجوء
لاستخدام القوة وبالتالي سيغير الدكتاتور السوري موقفه", مشيرًا إلى أنه
إذا ظلّ التدخل الأجنبي غائبًا, فإن فرص استعار الحرب الأهليّة في سوريّة
تزداد سوءًا".
كما
زعم مساعد وزير الخارجيّة الأمريكيّة الأسبق أن إدارة الرئيس أوباما
تتفادى الانخراط في عمليّة جوية في سوريّة على غرار الحملة على ليبيا
لثلاثة أسباب رئيسة: وهي أن المعارضة السورية تفتقد إلى الاتحاد والسيطرة
على بعض المناطق, إلى جانب عدم دعوة جامعة الدول العربية للتدخل العسكري
الخارجي كما فعلت مع ليبيا, ومعارضة روسيا, التي ظلت ترعى نظام الأسد لفترة
طويلة, للتدخل العسكري.
بيد
أن جيمس روبن أكد أنه برغم صعوبة التدخل العسكري في سوريا, فإنه سيمثل
تحولا هامًا في الشرق الأوسط, حيث أنه لن يسقط نظام دكتاتور وحشي آخر فحسب,
لكنه كذلك سيمنع إيران أن يكون لها موطئ قدم في البحر الأبيض المتوسط
والذي قد تستخدمه لتهديد إسرائيل وزعزعة استقرار المنطقة.
الرؤية الثانية:
أما النظرية التي عارضت التدخل في سوريا فقد قدم لها الكاتب جوشوا لانديز تحت عنوان " ابقوا بعيدا عن سوريا"
محذرًا من تكرار سيناريو الفشل في العراق وأفغانستان, حيث قال "إن ما
ينبغي على الولايات المتحدة فعله فحسب حيال الثورة السوريّة هو استمرارها
في تشديد العقوبات الاقتصادية على النظام السوري ودعم المعارضة بالسلاح حتى
تتمكن من تغيير النظام ولا ينبغي عليها أن تفكر مطلقا في التدخل العسكري".
عراق جديد
وأوضح
قائلا: "إن الرئيس باراك أوباما لا يريد التدخل مباشرة في سوريا لأسباب
واضحة، ولديه الحق فيها الأوضاع الاقتصاديّة والعلاقات مع العالم الإسلامي
لن تسمح له بالدخول في حرب بسوريا ثم الانسحاب والرحيل عن دولة أخرى في
المنطقة دون إعادة إعمارها البلاد وتوحيدها واحتواء الفوضى العارمة بها
التي ستنتج بعد إسقاط نظامه كما لم تتحمّل ذلك في العراق وأفغانستان".
علاوة
على ذلك, يضيف الكاتب، "إن فرصة أن تتمكن الولايات المتحدة لوضع حدّ
لعمليات القتل في سوريا من خلال القوات الجويّة وحدها تعتبر متضائلة, إذا
منا قورنت بالعمليات الجويّة التي استخدمتها الناتو في الأراضي الليبيّة"
مشيرًا إلى أن تدخل الولايات المتحدة في سوريا قد يؤدي إلى نشوب الحرب
الأهلية وتصاعد التطرف وهو ما لم تستطع الولايات المتحدة تفاديه في العراق
أو أفغانستان أيضًا".
وهم بناء الديمقراطيّة
وقال
لانديز: "إياك أن تصدق أو تستمع لمن يقول لك إنهم ذاهبون لبناء
الديمقراطيّة في سوريا, فهذا غير وارد قريبًا, كما أن أي شخص يقول لك أنه
يؤمن بأن سوريا لن تستدرج إلى الإفراط في أعمال العنف كما حدث في العراق
بعد حلّ الجيش والوزارات الحكوميّة فهو يحلم", مضيفا "فضلا أن حكام سوريا
الجدد سيواجهون أيضًا مجموعة هائلة من التحديات بعد استيلائهم على السلطة
في دمشق".
ويتوقع
الكاتب في طرحه "أن أي محاولة أمريكيّة لإسقاط النظام السوري بالتدخل
العسكري والقوة فإنها ستكون باهظة الثمن وقد تبوء بالفشل بسبب الانقسامات
الداخلية والفوضى التي ستخلفها" مؤكدًا أن الحل الوحيد للوصول بسوريا إلى
برّ الأمان هو أن يقود السوريون أنفسهم التغيير في بلادهم, وأن ينتزعوا
السلطة من بين أيدي النظام القمعي لأن الولايات المتحدة لن تقدّمها لهم على
دون ثمن أو مقابل"
----------------
تعليقات