سوريا.. هل تستعيد تركيا "زمام المبادرة"؟
ترجمة: حسن شعيب
في الوقت الذي يتصاعد فيه الغضب ضدّ مجرزة "الحولة", لا يزال
هناك شعور متزايد باليأس لعدم اتخاذ أي إجراءات لمنع تكرار هذه الكارثة,
فكل يوم تقريبا تظهر أدلة جديدة على جرائم القتل التي تنفذها فرق الموت
المدعومة من قبل الحكومة السوريَّة والتي قد تدخل البلاد إلى حرب أهليّة
طائفيّة شاملة.
ربما
كان طرد الدبلوماسيين السوريين هذا الأسبوع مجرد لفتة رمزيّة, وقد تكون
فرض العقوبات الاقتصاديّة أكثر إضرارًا بالشعب السوري أكثر من قادته, ورغم
أن روسيا تعرب عن قلقها من دفع ثمن سياسي متزايد بسبب دعمها للنظام السوري,
فإنه من غير المرجّح أيضًا أن يتغير الجمود الذي أصاب مجلس الأمن في الوقت
الراهن.
بيد أن الجانب الأكثر إثارة للدهشة
في هذا المأزق هو فشل تركيا في التصرف على نحو فعال خلال الأزمة السوريّة,
حيث أنها دولة لها حدود طويلة ومشتركة مع سوريا إلى جانب علاقاتها الجيدة
السابقة مع الرئيس بشار الأسد, مما ساعد على سيطرة بضائع تركيا على السوق السوريّة قبل 2011 حتى أن بضائعها لا يخلو محل تجاري في جميع أنحاء سوريا منها.
في الواقع يبدو أن أنقرة تواجه, خلال الأزمة السوريّة, أول اختبار حقيقي وجاد لها باعتبارها قوة إقليميّة, وهو الاختبار الذي فشلت فيه حتى الآن, بل إن تركيا يتعين عليها أن تشارك في أي قرارات مستقبليّة لحل هذه الأزمة بوصفها أحد أهم دول الجوار لسوريا التي تستطيع استغلال نفوذها لممارسة الضغوط عليها.
في
بداية الثورة السوريّة قبل 15 شهرًا, بدت الحكومة التركيّة في وضع جيد
يؤهلها للقيام بدور همزة الوصل بين الحكومة السوريّة والمعارضة، إلا أن
حديث رئيس الوزراء التركي رجب طيب رجب أردوغان, للأسف, والذي أنهال بالمديح
والثناء على الثورة السوريّة بوصفها صعود "للعثمانيين الجدد" وبالغ
في ردود أفعاله وضغوطه القوية التي مارستها الحكومة التركيّة على دمشق,
بعد أن تحولت العلاقة الدافئة بين الجارتين إلى جليد بارد في ظلمة الليل
فور اكتشاف تركيا أن الأسد خدعهم ولا توجد لديه نية لإجراء أية إصلاحات أو تغيير.
كان
من الأفضل ألا تكسر تركيا العلاقات كليًا مع النظام السوري, ونتيجة لذلك
لم يعد هناك سوى دولة واحدة لها تأثير محوري على النظام في دمشق, إلا أن
تركيا ما زال أمامها متسع من الوقت لاستعادة زمام المبادرة من جديد وإذا
كان هناك دور إقليمي يمكن القيام به, فمن الأفضل أن تقوده تركيا في محاولة
للإطاحة بالأسد بسبب انتهاكات الحقوق المدنيّة والديمقراطيّة والإنسانيّة
للشعب السوري.
قد
يكون من الصعب في هذه المرحلة التخلص نهائيًا من النظام السوري وتنحيته عن
السلطة, فاحتمال مواجهة العالم لحرب عصابات طويلة ينذر بآثار إقليميّة
مخيفة, وهذا ما لن يؤدي في نهاية المطاف بفائز حاسم, وكذلك التدخل العسكري
أو حتى تسليح الثوار لن يكون له تأثير فعال كي يوصى به, حتى لو شاركت في
هذا التدخل روسيا, إلا أن هناك أمورًا أخرى كثيرة يمكن المجتمع
الدولي القيام بها، ومنها إنشاء ممرات إنسانيّة لتخفيف معاناة السكان
المدنيين في سوريا، وسيظل الأمر مطروحًا أمام أنقرة لاستعادة زمام
المبادرة.
----------------
طالع .. المصدر
تعليقات