الجزائر.. انتخابات للتصدير الخارجي


ترجمة: حسن شعيب
أبت الجزائر أن تلحق بركب الربيع العربي عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية التي جاءت نتائجها على غير المتوقع, بفوزٍ كاسح لحزب جبهة التحرير الوطني "حزب الرئيس بوتفليقة"؛ إذ كان يتوقع أن تتمخض صناديق الاقتراع عن فوز عريض للإسلاميين على نسق دول الربيع العربي.
من الواضح أن نتائج هذه الانتخابات لم تختلف عن سابقتها في عام 2007, وبذلك لم تهب رياح التغيير على الجزائر, لكنها استطاعت حسب "واشنطن بوست" الأمريكية أن تلمع صورة البلاد ديمقراطيا أمام حلفائها الغربيين، غاضة الطرف عن احداث التغيير الفعلي في الداخل.
بدأت الانتخابات الجزائرية باقبال ضعيف, وانتهت بنتيجة لم تغير شيئا يذكر سوى تعزيز سلطة وشرعية الجاثمون على السلطة في الجزائر، الذين استطاعوا أن يهيئوا للعالم عبر هذه الانتخابات وجود ديمقراطية حقيقية طالما حلم بها المواطنون في خضم حملة التغيير المنتشرة على مستوى المنطقة.
في هذا الصدد أشار هيو روبرتس، خبير في شؤون الجزائر بجامعة توفتس في بوسطن الأمريكية، إلى أن  "الجزائر لديها علاقات مرضية مع واشنطن وباريس, لذا كان من الضروري أن تقدم صورة جيدة بما فيه الكفاية (بالنسبة للإصلاح) حتى لا تحرج حلفائها في الغرب، وهذا ما حدث في هذه بالانتخابات".
في المقابل خرج الغرب ليبدي ثناءه واشادته الدولية على الانتخابات, حيث قالت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون انها "خطوة موضع ترحيب"، مشيرة بشكل خاص إلى المشرعين الجدد والقواعد الانتخابية الجديدة، حيث أن ما يقرب من ثلث البرلمان 462 شخص من النساء, كما أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا يصف الانتخابات بأنها "خطوة إلى الأمام في عملية الإصلاح" التي من شأنها تعزيز الديمقراطية.
من جهة أخرى أثارت نتائج الانتخابات استياء وغضب الكثير من جماعات وأحزاب المعارضة من مختلف أنحاء الطيف السياسي الجزائري, بما فيها الأحزاب الإسلامية حيث وصفوها بالمزورة والتي لم ترتقي إلى الانتخابات التي أجريت في دول الربيع العربي "تونس ومصر", برغم أن الحكومة الجزائرية دعت للمرة الأولى على الإطلاق فريقا من 150 شخص من دول الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات, وفي الوقت التي قالت فيه رئيسة البعثة الأوروبية عن الانتخابات انها جرت في "جو من الهدوء والنظام العام"، غلا انها لم تتطرق إلى نزاهتها أو حرية التصويت فيها.
وذكرت واشطن بوست أن تكرار سيناريو 1992 وسقوط البلاد في حرب أهلية دامية, راح ضحيتها 200 ألف, يبدو أنه كان مسيطرا على المشهد بعد تدخل العسكر وقاموا بالغاء الانتخابات بسبب فوز أحد الأحزاب الاسلامية بها, ونظرا لعلاقتها الوطيدة بكل من الولايات المتحدة وأوروبا, حيث أن الجزائر لديها احتياطي هائل من الغاز الطبيعي، يصدر معظمه تقريبا للاتحاد الأوروبي عن طريق القوارب وخط أنابيب تحت الماء.
يشار الى أن الانتخابات التشريعية الجزائرية حصل فيها حزب جبهة التحرير الوطنى، الحزب الحاكم فى الجزائر على 221 مقعدا فى المجلس الشعبى الوطنى يليه حزب التجمع الوطنى الديمقراطى بسبعين مقعدا وتكتل الجزائر الخضراء (إسلاميون) ب 59 مقعدا بحسب النتائج التى أعلنها المجلس الدستورى, وقد تقدم مرشحون وأحزاب شاركوا فى الانتخابات التشريعية  بــ 165 طعنا في نتائج تلك الانتخابات.
إذا ما افترضنا أن الانتخابات كانت نزيهة وغير مزورة فإن هذه النتائج التي أبقت على الموجودين في السلطة وقبلها نجاتها من رياح الربيع العربي, أكدت أن الجزائر استثناء عربي, فبرغم أن المغرب نجت من الربيع العربي لكنها جنحت للتغيير عبر صناديق الاقتراع أما الجزائر فلا, ربما يعزو هذا بسبب رغبة الجزائرين في بقاء الوضع القائم أو ما يحظى به بوتفليقة في الشارع وقد يكون بسبب عدم قدرة الإسلاميين على إقناع الجزائريين بهم وبما يقدمونه.
من جهة أخرى إذا كانت هذه الانتخابات تم اجراؤها كسابقتها في الدول العربية قبل هبوب رياح التغيير بالتزوير وتم تصدير الشكل الديمقراطي "الظاهري" للخارج, فمن المؤكد القابضين على السلطة في الجزائر سيأتي عليهم الدور إذ لم تهدأ رياح الربيع العربي بعد وما زالت تجوب البلدان التي يأبى حاكموها التغيير بالشكل الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع.
----------------
طالع ..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء