خطوة أردوغان القادمة
ترجمة: حسن شعيب
استَطاع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن يقود حزب العدالة والتنمية إلى ثلاثة انتصارات انتخابيّة متتالية، كان آخرها في يونيو 2011 ، مرتكزًا على إنجازاتٍ
ملموسة شهدتها البلاد خلال عقد من حكم العدالة والتنمية, على رأسها تحويل
اقتصاد البلاد المثقل بالديون والتضخم إلى أحد أسرع الاقتصاديات نموا في
أوربا, وقد مكَّن ذلك أردوغان من ترويض انقلابيي العسكر.
.....المصدر
خلال
الأسبوع الحالي، دعا أردوغان الأتراك إلى مناقشة فكرة الانتقال من النظام
البرلماني الحالي, حيث تتركّز معظم صلاحيات الحكم في أيدي رئيس الوزراء,
نحو النظام الرئاسي لإعطاء الرئيس مزيدًا من الصلاحيات التنفيذيّة, على
غرار فرنسا والولايات المتحدة.
لكن هل يحدث هذا قبل انتهاء فترة ولاية أردوغان، نهاية عام 2015, كي يتمكن من التقدم لمنصب الرئاسة الذي سيصبح شاغرًا في عام 2014؟
غني عن البيان أن معظم الأتراك متوافقين حول حاجة البلاد إلى دستور جديد؛ يكرّس في نهاية المطاف الحقوق الفرديّة، ويضمن قدرًا أكبر من المساءلة والشفافية الحكوميّة, فالدستور الحالي, في رأي الكثير, يركّز معظم السلطة في أيدي أجهزة الدولة غير المنتخبة, حيث صدر في عام 1982 عندما كانت البلاد تحت الحكم العسكري, والذي كان ينظر إليه على أنه يحمل العديد من الفقرات المنمقة التي صمّمت لحماية الحكومة من مواطنيها وليس العكس.
بالطبع أثار الاقتراح جدلا كبيرا في أوساط المحللين والمعلقين السياسيين, فمنهم من رأي أن أردوغان يرغب في إدارة
البلاد مباشرة عبر صناديق الاقتراع في أول انتخابات رئاسية، بعد أن كان
انتخابه سابقا يتم بأصوات نواب البرلمان فقط، ولذلك رفضوا الانتقال إلى
النظام الرئاسي جملة وتفصيلا؛ بحجة أنه قد يؤدي إلى ترسيخ الدكتاتورية.
وفي هذا السياق قال دينيز بايكال زعيم حزب الشعب الجمهوري: إن لدى أردوغان
هوسا أن يكون الحاكم الأوحد في تركيا، وأن يكون كل شيء مرتبطًا به,
مضيفًا: "الجميع يرى أن الانتقال لتطبيق هذا النظام بعد الانتخابات
النيابيّة في العام 2011 دليل على الضعف الذي سيشهده حزب العدالة والتنمية
في تلك الانتخابات، وهو يريد تدارك ذلك من خلال اعتماد النظام الرئاسي، لذا
يجب ألا يؤخذ اقتراح أردوغان بجدية لأنه لا يريد سوى إنقاذ نفسه حال
خسارته الانتخابات المقبلة، حيث ستتمّ مساءلته في قضايا كثيرة أمام
القضاء".
في
المقابل لم يجد آخرون مشكلة في تطبيق النظام الرئاسي، حيث أن تركيا تمرّ
بفترة تغيير واسعة وتسعى للتخلص نهائيًا من نظام الوصاية العسكرية، والنظام
الرئاسي قد يحقّق لها ذلك، لكنه بتحفظ أن "النظام الرئاسي على غرار
الولايات المتحدة قد لا يكون ملائماً لتركيا، وربما تكون صيغة نظام نصف
رئاسي كما في فرنسا أكثر ملائمة لظروف اسطنبول".
ويرى
أردوغان أن الانتقال للنظام الرئاسي- على حد قوله- يعزّز الديمقراطيّة في
تركيا، ويمكن من القضاء على الأعباء البيروقراطية في السلطة التنفيذية
والطرق الملتوية الطويلة في سير الإجراءات، مستشهدًا بنجاح النظام الرئاسي
في الولايات المتحدة، ومعربا عن أمله أن يستفيد الشعب التركي من تنافس
حزبين قويين أحدهما حاكم، والآخر معارض، على غرار الحزبين الديمقراطي
والجمهوري في أمريكا.
وإذا
ما تم تبني خيار النظام الرئاسي في تركيا, والذي بدوره سيعزّز صلاحيات
رئيس الجمهوريّة, ويحرر البرلمان من سيطرة السلطة التنفيذية ويؤدي إلى فصل
السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة بشكل أوضح، ويعزز دور البرلمان في
الرقابة.. أما أنه سيؤدي إلى الدكتاتوريّة فهذا مردود عليه ما دام الشعب
هو الذي سيختار.
جدير
بالذكر أن مسودة الدستور الجديد تكتب حاليا، كما أعلن رئيس البرلمان
التركي جميل تشيتشك، ووعد بتقديمها إلى المواطنين مع نهاية العام الجاري،
ومن المتوقع إدراج التغيير في طبيعة النظام بعد أن تتم مناقشة موضوع
الانتقال إلى النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني، على نطاق واسع في
جميع الأوساط التركيّة، لكن حزب العدالة والتنمية الحاكم لا يتمتع بثلثي
مقاعد البرلمان حتى يمرر الدستور ولا الأغلبية التي تمكِّنه من إحالته إلى
الاستفتاء الشعبي؛ وبالتالي هو بحاجة إلى التعاون مع أحد الأحزاب المعارضة
في صياغة الدستور الجديد وتمريره عبر البرلمان.
.....المصدر
تعليقات