"الأمم المتحدة".. ميتٌ ينتظر الدفن!



ترجمة: حسن شعيب
في هذه الأيام يُستهان بمنظمة الأمم المتحدة ويتم تجاهلها أكثر من المعتاد حتى صارت وكأنها لا شيء أو لا وجود لها. على سبيل المثال, في سوريا قوبلت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة عملية وقف إطلاق النار بالقصف المدفعي على سبيل الترحيب والتحية, كما تواصل إيران تجاهل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفتح منشآتها النووية أما المفتشين, أما كوريا الشمالية فإنها تتجاهل قرارات الأمم المتحدة باستخفاف حيث تقوم بإطلاق الصواريخ واختبارات القنابل النووية كما تريد.
عندما ننظر للواقع, في الوقت الراهن, نجد أن الأمم المتحدة فقدت هيبتها ونفوذها التي كانت تتمتع به في الأربعينات والخمسينات, حيث كان لتصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ذاك الوقت تأثيرا ويعني لجميع الدول شيئا, وآنذاك اعتادت الصحف والمجلات نشر قرارات المنظمة في الصفحة الأولى, كما كان ينظر إلى مجلس الأمن, إبان الحرب الباردة, على أنه من يضع المبادئ الأساسية التي ستفضي إلى حل القضية.   
لا شك أن تزايد ضعف الأمم المتحدة يعكس تطورات عديدة,  أولها التجربة: كلما زادت معرفة الفاعلين أكثر فأكثر بكيفية إضعاف الأمم المتحدة وانخفضت فاعلية قراراتها في الوقت ذاته, فإن المزيد والمزيد من الحكومات تتجاهل قراراتها ببساطة, وعندما يحدث ذلك تبدو الأمم المتحدة أكثر ضعفا وغير فاعلة مما يجعل الحكومات تستنتج أنه لا ينبغي عليها أن تقلق أو تبالي أكثر بهذه المنظمة أو قراراتها.
أما التطور الثاني فهو التفكك, فقد صارت الجمعية العمومية تعتمد على السخافة والهراء: حيث تروج لفكرة زائفة تماما وهي أن دول العالم متساوية مع بعضها البعض (كما يفترض أنه مصاغ), ومع زيادة أعداد الدول الضعيفة والدول المتدنية فإن الأهمية السياسية للجمعية العمومية تتراجع حتى نقطة التلاشي, حيث لا أحد يهتم بأي شيء تفكر فيه مجموعة الدول الصغيرة والضعيفة الفاسدة أو الفوضوية.
وتنعكس الطبيعة السخيفة وغير المنطقية للجمعية العمومية في الهيئات واللجان التي تعتمد عليها, فجماعات مثل لجنة حقوق الإنسان هي أضحوكة دولية وهي بالفعل كذلك, فهي على أحسن الأحوال لا علاقة لها بالموضوع وفي أسوأ الأحوال فإنها تقوض الأسباب التي أنشئت من أجلها نظريا للنهوض. 
ثالثا وهو أنها صارت بالية قديمة, فالجمعية العمومية كانت تقدم منذ عام 1945 حلولا وسط بين الحقائق القوية والصحة السياسية, وكانت آنذاك مكونة من المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وهم من القوى العظمي في 1945, أما الآن فمعظم أعضاء مجلس الأمن الدائمين ليسوا قوى عظمى, وهناك قوى يمكن تسميتها بالكبيرة مثل الهند واليابان ليسوا أعضاء دائمين.
أما المهزلة الحقيقة في الواقع هي أن معظم أعضاء مجلس الأمن الدائمين هي دول أوربية وقوى عظمى سابقة لذلك فإن النتيجة الحتمية والطبيعية لذلك هي الضعف المتنامي لمجلس الأمن.
أخيرا, تقوم الأمم المتحدة بتوجيه اللكمات بما لا يتلاءم مع وزنها لأنها تعمل بشكل سيء للغاية, فالحكومات الفاسدة والعاجزة تصر على وضعية سياسية مفضلة في مهام الأمم المتحدة,  وبرغم الجهود الجديرة بالثناء في إطار الإصلاح, فما زالت البيروقراطية بالأمم المتحدة تتغلغل في الإدارة, كما تضع الأمم المتحدة أهدافها بشكل سيء وتنفق أموالها بشكل غير فعال لتحقيقها.
 بطبيعة الحال ليست الصورة قاتمة كلها, فبينما تبدو معظم عمليات حفظ السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة فاسدة وسيئة الإدارة, فإنها تساعد بشكل ما في إخماد العنف في بعض الأماكن, ربما لا أفضل أو أؤيد إلغاء الأمم المتحدة, لكن إذا لم يتم التوصل لكيفية لإصلاحها وإعادة هيكلتها, فإنها ستواصل التلاشي باعتبارها قوة على الصعيد الدولي مما يعني أنها صارت جثة هامدة لكنها لم توارى الثرى بعد. 
------------------
طالع..
المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء