مقتل ترايفون مارتن.. للعنصريّة أنياب!
ترجمة: حسن شعيب
"ترايفون
مارتن"، فتىً أسمر أزهقت العنصريّة روحه في حي ستانفورد بضاحية أورلاندو
وسط فلوريدا؛ مما أثار غضب آلاف الأمريكيين المدافعين عن الحقوق المدنية
والكرامة الإنسانية، وكشف خيوطًا كثيرة التقت جميعها لتؤكد تجذر التمييز
العنصري داخل بعض شرائح المجتمع الأمريكي.
بدأت
الحادثة منذ أكثر من شهر, عندما كان مارتن ذو الـ 17 عامًا, عائدًا إلى
منزله بعد شراء الحلوى، وإذا بحارس الأمن "جورج زميرمان" يطلق عليه الرصاص
فيرديه قتيلا, بينما كان يقوم بدوريات المراقبة في الحي الذي يقيم فيه
بمنطقة سانفورد. منذ ذلك الحين والولايات المتحدة مشتعلة بالاحتجاجات، رغم
زعم زميرمان أنه اشتبه في مارتن؛ لأنه كان يغطى رأسه بقبعة سترته، وهو زى
يرتديه الشباب الأمريكي، خصوصا الفقراء أو ذوي الأصول الأفريقيّة.
جدير
بالذكر أن القاتل جورج زميرمان, أبيض ومن أصول لاتينيّة, زعم أثناء
التحقيق أنه قتل الفتى دفاعًا عن النفس، ومن ثم أُخلِي سبيله بموجب قانون
يسمح للحراس بالدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم للخطر, إلا أن ظهور شريط
فيديو لكاميرا المراقبة يثبت أن الحارس لم يكن في حالة دفاع عن النفس مثلما
زعم، وهو ما جلب على الشرطة اتهامات وانتقادات بالتواطؤ.
بدورها
فتحت وزارة العدل الأمريكية المكلفة بالنظر في هذه القضية تحقيقًا، وأمرت
باستئناف التحقيقات حول الملابسات إلى جانب مدعي ولاية فلوريدا ومكتب
التحقيقات الفيدرالي بعد هذه المستجدات لاتخاذ قرار حول ما إذا كانت التهم
كافية لملاحقة زميرمان.
من
نافلة القول أن مقتل مارتن أصبح قضية رأي عام في الولايات المتحدة؛ لأنه
استدعى مشاكل التمييز العنصري التي كانت تغرق فيها أمريكا سابقا, لكنها في
الوقت ذاته أثارت استياء وسخط الأمريكيين؛ فاندلعت الاحتجاجات في فلوريدا
ثم امتدت إلى عدة مدن أخرى، منها نيويورك وواشنطن، حيث تجمع نحو ألف متظاهر
للمطالبة بـ "إحقاق العدل" هاتفين "ترايفون مارتن".
يبدو
أن هذا السخط أصبح الشاغل للمواطنين الأمريكيين، ورواد الشبكات
الاجتماعية، بل إنه في تصاعد ليتصدر حتى الآن عناوين الصحف هناك, في الوقت
الذي لم توجه أية اتهامات رسمية إلى جورج زميرمان، الأمر الذي أدى إلى
اعتبارها جريمة ذات بعد عرقي وعنصري في نظر الكثيرين, واضطر قائد شرطة
مدينة ستانفورد إلى إعلان استقالته مؤخرا.
أما
الرئيس الأمريكي باراك أوباما فقد أعطى الحادث المثير للجدل جل اهتمامه
وشارك فيه بثقله، متعهدا بالتحقيق بشكل كامل. وبعدما وصفه بالمأساة, وجه
أوباما حديثه لوالدي مارتن "رسالتي الرئيسية لكما.. لو كان لي ولد لكان
يشبه ترايفون, أعتقد أن من حق الوالدين أن يتوقعا أن نأخذ ـ نحن الأمريكيين
ـ هذا الأمر بالجدية التي يستحقها وأننا سنحقق في عمق ما حدث حقا".
وأضاف
أوباما: "على الأهل في الولايات المتحدة أن يدركوا لماذا من الضروري أن
نحقق في كافة أوجه هذه القضية، وأن يساهم الجميع في ذلك، الدولة الفدرالية
وولاية (فلوريدا) والسلطات المحلية لكشف ملابسات هذه المأساة"، مردفًا:
"أعتقد أنه ينبغي علينا جميعا أن نفتش في ضمائرنا لنفهم كيف يمكن لمثل هذا
الأمر أن يحدث".
أما
الأمريكيون فقد جمعوا توقيعات تصل إلى أكثر من مليون لتوجيه الاتهامات إلى
الحارس زميرمان, وقد علق بعضهم على الحادث قائلا: "لماذا يظل الرجل الأسود
دوما على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض؟ ويصبح للأبد في قالب يمثل وضع
الضحية؟", بينما قال آخر: "إن القانون في ولاية فلوريدا يبدو كأنه يعطي
الغطاء لأي شخص يريد ارتكاب جريمة قتل، شريطة عدم وجود شهود. لو عشتُ في
فلوريدا، لشعرت بخوف كبير, حيث إن قوانين حيازة المسدسات في هذا البلد سيئة
للغاية".
في
النهاية وجد الدفاع في مرافعته عن زميرمان تركيبة مثالية للتستر على
العنصرية العرقية والتمييز العنصري حيث قال: "من حق المواطنين استخدام
السلاح الناري من أجل الدفاع عن النفس"، إلا أن العامل العرقي في القضية
يراه البعض واضحا تماما.
بالرغم من هذا علينا الانتظار حتى تظهر نتائج التحقيقات.
----------------
طالع... المصدر
تعليقات