لماذا نخاف من "الإسلاموفوبيا"؟



ترجمة: حسن شعيب
"عودوا إلى بلادكم، أيها الإرهابيون", رسالة عُثِر عليها بجوار جثة اللاجئة العراقيّة, شيماء العاودي, المقيمة في سان دييجو بالولايات المتحدة, غارقةً في دمائها.
المحامية "ربيعة تشودري" تسلط الضوء على تداعيات (الإسلاموفوبيا) في مقال حمل عنوان (لماذا ينبغي أن نخاف من الإسلاموفوبيا)، نشرته صحيفة "هوفنجتون بوست" الإلكترونيّة الأمريكيّة، هذه ترجمته: 
يبدو أن النائبة في مجلس النواب الأمريكي ديبي واسرمان شولتز هي آخر ضحايا شبكة معقدة تعتمد على أنصاف الحقيقة والأكاذيب الواضحة التي نُسجت من أجل الأرباح السياسية، كما أنها جزء من العملية الواسعة التي تُمول جيدًا (شبكة الإسلاموفوبيا).
كان من المقرّر أن تكون النائبة، المرجح منافستها على مقعد الكونجرس في فلوريدا، هي المتحدث الرئيسي في فاعلية 21 أبريل الجاري، التي تنظمها مؤسسة "ايمرج أمريكا", لولا تراجعها بعد تدوينه لاذعة من جو كوفمان, الناشط المناهض للإسلام واليميني المتعصب.
جدير بالإشارة أن "إيمرج أمريكا" هي منظمة غير ربحية تلتزم بتمكين الأقليات واندماجها من خلال زيادة المشاركة المدنيّة والتثقيف حول العمليّة السياسيّة، أصبح لهذه المنظمة جذور قوية في المجتمع الأمريكي، لا سيما بعد دعم أحد كبار رجال ولاية فلوريدا, حاكم الولاية السابق والسيناتور الأمريكي بوب جراهام، الخبير في الاستخبارات والإرهاب، ومع ذلك فإن حقيقة التفكير بأن "إيمرج أمريكا" أُسست وتدار بأيدي مسلمين تبدو كالنحلة التي تحوم فوق رأس كوفمان, لذلك سعى بحركاته البهلوانية للربط بين أعضاء مجلس إدارة "إيمرج أمريكا" وموظفيها، وبين المنظمات والمؤسّسات المشكوك فيها؛ حتى يتمكن من حلها بسبب الأخطاء الواقعيّة والتشويه المتعمد.
برغم هذا فإن الجانب الخفي الحقيقي في هذه الحادثة بأكملها يرتبط بالهجوم المتعدد الجوانب على المسلمين الأمريكيين على الصعيد الوطني من خلال إنشاء شبكة "الإسلاموفوبيا" لتحقيق أهدافه العميقة وأجندته الخاصة لتهميش المسلمين الأمريكيين في كل منعطف, ويوثق تقرير "شركة الخوف: جذور شبكة الإسلاموفوبيا في أمريكا" الصادر عن مركز التقدم الأمريكي  في عام 2011 ,  تمويل هذه الشبكة والساعين فيها, موضحًا أن جهودها تجلت بوضوح في مناهضة الشريعة الإسلاميّة في عشرات الولايات الأمريكيّة, إلى جانب تعصبهم لفرض القوانين وعمليات التخابر على المجتمعات الإسلاميّة والاغتيال النوعي للمنظمات الوطنيّة الإسلاميّة.
من الواضح أن الروايات الكابوسية الرهيبة التي يدلي بها خبراء الدراسات الفكرية المتخصصة والنقاد على الإسلام والإرهاب لم تنجح فحسب في التأثير على الخطاب الأمريكي عن الإسلام والمسلمين, لكنها كذلك كان لها تأثير سياسي وشعبي كبير, ومن ثم ركزت شبكة الإسلاموفوبيا جلّ وقتها وطاقتها على السياسيين المؤثرين والمدعومين الذين يناصرون رؤيتها وينشرونها, عبر تزويد هؤلاء السياسيين بنقاط الحديث وتوفير المنابر والأجندات الإعلامية لبث الخوف والريبة من الإسلام والمسلمين, ومن هؤلاء السياسيين الذين ذكرهم تقرير "شركة الخوف":
* النائب الجمهوري بيتر كينج: عقد العديد من جلسات الاستماع حول ما أسماه "التطرف الإسلامي".
*   النائبة الجمهورية سو ميريك: دعت لإجراء تحقيق في الكونجرس حول مجلس العلاقات الإسلاميّة الأمريكيّة (كير), كما عقدت جلسات استماع عن "الإخوان المسلمين", فضلا عن مناهضتها المتعددة ونشر الخوف من المسلمين في الكونجرس.
* النواب ترينت فرانكس وجون شاديج وبول براون: من أنصار التحقيق مع مجلس (كير) في الكونجرس.
* النائب ألان ويست: أعلن أن الإسلام عدو, زاعما أنه ليس دينًا بالإضافة إلى عقده مؤتمر تحت عنوان "الجهاد المحلي في الولايات المتحدة".
* النائب ميتشيل باتشمان: في كثير من الأحيان يثير المخاوف من التهديد الإسلامي الداخلي كما شارك في الخطاب المعادي للشريعة الإسلاميّة.
في حين أن تأثير شبكة الإسلاموفوبيا على السياسيين اليمنيين أكثر وضوحًا, فإن الضغط الذي يمثله على التقدميين هو الأكثر قلقا, فالسياسيون اليساريون في أمريكا هم الأكثر عرضة للتلاعب، كما نرى في حالة النائبة  ديبي واسرمان شولتز، التي لم تكن النائبة الديمقراطية الأولى التي تنأى بنفسها عن منظمة إسلاميّة بعد الهجوم عليها من قبل الإسلاموفوبيين, لكن ينبغي على السياسيين الذين لا يزالون ينشرون رسالة القبيحة للشبكة أن يدركوا شيئًا هامًا للغاية: في الوقت الذي يربحون فيها المعارك الصغيرة فإنهم يخسرون الحرب, فالتاريخ يثبت أن المتعصبين والعنصريين والكارهين للأجانب وغيرها من الماركات المماثلة للخوف والريبة لم تفلح أبدا اجتماعيًا وسياسيًا.
ختامًا، إن الفهم البسيط للنفس البشرية يوضح أن هؤلاء سيُرهقون من العيش في الخوف والشك ومن ثم يتآكلون ويتهالكون باستمرار بسبب مناهضتهم للآخر, وبمرور الوقت سيستعيض المجتمع بغيرهم ويمضي قدمًا, لذلك فإن معركة الإسلاموفوبيا سوف تندثر وتتلاشى في نهاية المطاف لأن المسلمين الأمريكيين وأنصارهم سيواصلون التصدي لهذه الروايات الكاذبة المنسوجة من الخيال، وبلا شك فإن عمر الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة الأمريكيّة سيضفي وصمة عار ويصنع جانبًا مظلمًا وحزينًا على التاريخ الأمريكي إلا أن النواب الأمريكيين, الجمهوريين والديمقراطيين, ينبغي عليهم أن يسألوا أنفسهم في أي جانب من التاريخ سيكونون. 
---------------------
طالع ..
المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء