اندماج المسلمين في ألمانيا.. جدل مستمر!
ترجمة: حسن شعيب
لا
يكاد يمرّ عام دون اندلاع جدل حول قضية اندماج المهاجرين في المجتمع
الألماني, وهل يشعر المهاجرون أنَّهم في وطنهم؟ وهل لديهم استعداد لأن
يصبحوا جزءًا من الثقافة الألمانية؟- والأكثر إلحاحًا - هل ينسجم المسلمون
مع هذه الثقافة، أم أنهم أكثر ميلاً للنظر إليها بمزيد من الريبة؟
انطلقت
مناقشة هذا العام الأسبوع الماضي بعد نشر دراسة أعدَّتها وزارة الداخلية
الألمانية بهدف معرفة كيف يرى المسلمون الذين يعيشون في البلاد الثقافة
الألمانية، وما مدى ميلهم نحو الاندماج. لا سيما وأنَّ عددهم يقترب من 4
مليون، يحمل نصفهم الجنسية الألمانية، وفقًا لمكتب الهجرة واللاجئين.
وكشفت
الدراسة أنَّ 80% من المسلمين يشعرون بالارتياح حيال اندماجهم في المجتمع
الألماني، وأن النسبة تنتشر أكثر بين من يتراوح أعمارهم من 14 -32، متحدثة
عن مجموعة فرعية يمكن أن تُوصَف بأنهم من المتشددين الدينيين، لا ينسجمون
مع الغرب, وليس لديهم استعداد للاندماج، لكن نسبتهم لا تتجاوز 15% بين
المسلمين الحاصلين على الجنسية "الألمانية"، و24 % في أوساط غير الحاصلين
عليها. وحول هذه النسبة قال وزير الداخلية الألماني، هانز بيتر فريدريتش،
في بيان نقلته دير شبيجل الألمانية:
"إنَّ ألمانيا تحترم أصول المهاجرين وهوياتهم الثقافية، لكننا لا نقبل
استيراد وجهات النظر الاستبدادية والمعادية للديمقراطية والتعصب الديني,
فهؤلاء الذين يرفضون الحرية والديمقراطية ليس لهم مستقبل هنا".
واستندت
الدراسة إلى حوارات واستطلاعات هاتفية مع 700 مسلم في ألمانيا, ممن يحملون
الجنسية وغير الحاملين لها, بالإضافة إلى إجراء بعض الباحثين مجموعة من
المقابلات مع شباب المسلمين, وتحليل لمنتديات الإنترنت وتقييم للتقارير
الإخبارية المتلفزة.
ووجدت
الدراسة أنَّ أكثر من 78% من المسلمين, الحاملين للجنسية, لديهم تصوُّر
إيجابي عن الاندماج في ألمانيا، بينما تصل النسبة لأكثر من 50% في أوساط
غير الحاملين للجنسية, وهو ما يلفت إلى تجاهل وزير الداخلية الألماني لهذه
النسبة الكبيرة التي تميل إلى الاندماج، وترفض أي إرهاب يرتكب باسم الإسلام.
ومن
ثَم فقد وجه سياسيون بارزون وممثلون عن المسلمين في ألمانيا انتقاداتهم
اللاذعة, حيث قال سيركان تورين, خبير الاندماج في حزب الديمقراطيين
الأحرار, شريك ميركل في الحكومة الائتلافية: "من المدهش أن نجد وزارة
الداخلية يستخدم أموال دافعي الضرائب لتمويل دراسة تصلح أن تكون عناوين
للأخبار وليست للأفكار".
كما
أبدت أيدين أوتسوجوتس, نائبة رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض,
استياءها من الدراسة قائلة: "إن وزارة الداخلية فضلت العناوين الصحفية
الشعبوية على التعامل الجادّ مع الدراسة الأكاديمية، مستغربة نشر الدراسة
بصحيفة واحدة اعتمد عليها نواب البرلمان لتشكيل آرائهم".
أما
د. نديم إلياس, رئيس مجلس الأمناء بالمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا,
فقال: "كان من الأفضل أن يدعو وزير الداخلية إلى إجراء دراسة لمعالجة
المواقف السياسية والإدارية المعرقلة لمساعي مسلمي البلاد المتواصلة
للاندماج بالمجتمع" مضيفًا: "لكي
يتحقق الاندماج الكامل لابدَّ أن تدعمه الدولة ولا تربطه بالأمن، وتفتح
حوارًا مع المسلمين وتبدي رغبة لدعم اندماج المسلمين بالحياة العامة، ومنها
إلغاء قوانين حظر الحجاب بالدوائر الحكومية".
كما
انتقدت سيفيم داجدالين, عضو البرلمان الألماني عن حزب اليسار المعارض,
انعدام تكافؤ الفرص قائلة: "إنّ عدم وجود بدائل هو المسئول، وليس
الانتماء الديني أو الأصل العرقي" مؤكدة "أن نشر وزارة الداخلية للدراسة
المفتقدة للمعايير العلمية بعد أسبوع من إحياء ذكرى ضحايا أجانب لعنف
اليمين المتطرف، يظهر أنَّ وزير الداخلية لا يمكن أن يكون شريكًا مناسبًا
في مكافحة العنصرية والعداء للأجانب".
إزاء موجة الانتقادات الحادة هذه لم يجد وزير الداخلية سوَى التراجع عن موقفه، حيث
أثنى في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الألماني على استعداد
أغلبية المسلمين للاندماج والمشاركة في المجتمع الألماني وتأكيدهم على رفض
الإرهاب.
وتتحمل وسائل الإعلام الألمانية والعالمية المسؤولية عن انتشار الصور النمطية السلبية حول الإسلام وربطه بالعنف, بل إنَّ الدراسة ذاتها أوصت في نهايتها بعدم
شيطنة التشدد الديني لدى المسلمين، وألا يتم تقديم أصحاب التصورات
المتطرفة على أنَّهم ممثلين للإسلام، كما طالبت بإلغاء قوانين حظر عمل
المسلمات بالحجاب في الدوائر الحكومية.
--------------------
طالع..المصدر
تعليقات