مذابح بشار.. ونفاق إيران
ترجمة: حسن شعيب
يبدو
أن النظام الإيراني لديه استعداد كامل للتخلي عن مبادئه, إذ كيف تفسر دعمه
الكامل وإشادته بالربيع العربي وفي الوقت ذاته يستثني سوريا من ذلك, مما
يؤكد أن هذا الدعم للثورات العربية ومناشدة الشعوب للديمقراطية كان نفاقا
ما لم يتعارض مع مصالحها في المنطقة ولا سيما في سوريا.
حقا,
لقد بدا الوجه الحقيقي لنظام طهران, حينما أرغمتها موجة الانتفاضات التي
اجتاحت الشرق الأوسط على الإعلان عن دعمها ومساندتها للحركات المناهضة
للاستبداد في المنطقة العربية, إلا أن موقفها اختلف تماما وتأزم وضعها بشكل
غريب للغاية عندما انتقلت هذه الحركات إلى سوريا, الدولة الحليفة للدولة
الإيرانية.
في
بداية الربيع العربي, عندما أسقط التونسيون والمصريون طغاتهم, تكهن العديد
أن إيران ستلتزم الصمت حتى لا تثير وقوع نشاطات وحركات مماثلة على أرضها,
لذلك فقد أثار رد فعل إيران على الربيع العربي استغراب العديد من المراقبين
حينما أعلنت دعمها لهذه الحركات المؤيدة للديمقراطية في المنطقة العربية,
بينما تجاهلت وجود أي تشابه بين هذه الثورات وما حدث على أرضها من اضطرابات
بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2009.
ولم
تكتفي ايران بذلك, فقد ذهبت للتشبيه بين مبارك والطاغية الإيراني السابق,
شاه (من حيث طول مدة الحكم والدعم الأمريكي وفساد العائلات الحاكمة) كما
عقدت مقارنة بين الانتفاضات العربية والثورة الإيرانية في عام 1979, حيث
وصف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية, أية الله على خامنئي, بأن الثورات
العربية صحوة إسلامية مستوحاة من ثورة إيران.
في
المقابل, اتهمت المعارضة الإيرانية نظامها في طهران بالنفاق حيث تشيد
بالحركات المؤيدة للديمقراطية في الخارج وتنسى شعبها ولا تسمح له بتنظيم
احتجاج ضد النظام في الداخل, وقامت في الوقت ذاته في حين انشغال وسائل
الإعلام, بما يجري في المنطقة العربية, بوضع قادة المعارضة البارزين, حسين
موسوي أو مهدي كروبي, تحت الإقامة الجبرية.
وبرغم
معارضة إيران لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا, بسبب التدخل الغربي, فق أولى
النظام الإيراني اهتماما بالغا وركزت أكثر على الاضطرابات في دول أخرى مثل
اليمن وبوجه خاص في البحرين, حيث يوجد نسبة كبيرة من الشيعة في البلاد,
وعارضت بقوة دعم الولايات المتحدة لملك البحرين.
بيد
أن نفاق طهران بدا وتكشف بوضوح للجميع حينما انتقلت الأحداث إلى سوريا,
فإذا بها تصور الحركات والاحتجاجات السورية المؤيدة للديمقراطية, على عكس
بقية دول العالم العربي, بأنهم محرضين وإرهابيين تم استئجارهم من قبل
إسرائيل لنشر الفوضى وانعدام الأمن في سوريا.
في
بداية الاحتجاجات السورية, تعمدت وسائل الإعلام الإيرانية تجاهلها, ولا
زالت كذلك, حتى أذاعت في وقت لاحق اعترافات لبعض من أسمتهم بمثيري الشغب في
سوريا وفقا لما بثه التلفزيون السوري التابع لنظام الأسد, ونقلت وكالة
الأنباء الإيرانية الرسمية عن وكالة الأنباء السورية الرسمية قولها "أن هذه
المجموعة من مثيري الشغب سافروا إلى إسرائيل وتلقوا دعما ماليا لإرسال صور
وفيديوهات الاضطرابات في سوريا".
الغريب
في الأمر أن إذاعة هذه الاعترافات المنزوعة قسرا لم تكن مستغربه من قبل
الإيرانيين أنفسهم, فقد سبق لهم رؤية اعترافات مثيلة لها للعديد من الأعضاء
في حركات الاحتجاجات في عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية, مما
يؤكد أن إيران لديها استعداد دوما أن تتخلى عن مبادئها إذا ما كان هذا يخدم
أهدافها ومصالحها.
ختاما,
يبدو أن الأحداث الاخيرة في الشرق الأوسط جعلت ردود أفعال وتعامل إيران
معها يكشف للعيان ويفضح نفاق هذه النظام الانتهازي والذي يعلن احترامه
لحقوق الإنسان ودعمه للديمقراطية إذا لم يضر هذا بمصالحها في المنطقة أو
يسمح بهذا على أرضه.
------------------
طالع..المصدر
تعليقات