الإخوان ليسوا طالبان


ترجمة: حسن شعيب
بعد مرور عام على الثورة المصرية, يبدو في الأفق وجود تغيُّر تاريخي في السلطة؛ فالإسلاميون قادمون, ومع صعود الإسلاميين بخطى واثقة إلى سدة الحكم, يتزايد القلق في الغرب إلى حد الهيستريا, وهذا ما يبدو جليًا في خطاب مرشح الرئاسة الجمهوري الأمريكي, ريك بيري, قبل أسبوعين حينما قال: "إن تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، كانت تُحكم من قبل "إرهابيين إسلاميين", وفي وقت سابق أعلن نيوت جينجريتش أن "الفائزين في الانتخابات البرلمانية المصرية, الأخوان المسلمين, كانوا عدوًا لدودًا لحضارتنا".
لابد من وضع انتصارات الإسلاميين في سياقها, بداية من تأخُّر"السلفيين" المتشددين كثيرًا عن الإخوان, حيث حاز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين على 47% من مقاعد البرلمان بينما تحصل السلفيون على 25 %, ولا توجد سوى فرصة ضئيلة لتوحد الجماعتين؛ لأن جماعة الإخوان تشعر فعلاً بالرعب من إخافة الليبراليين وإثارة ردود الأفعال العنيفة, حيث إنها لا تريد أن تلاقي مصير كالإسلاميين في الجزائر في التسعينات عندما فازوا في الانتخابات وتبعتها حرب أهلية.
وهذا هو السبب في سعادة جماعة الإخوان لبعدها عن السياسة الخارجية, فلماذا تختلق المشاكل مع إسرائيل, بينما توجد سبل ووسائل أكثر أمانًا لكسب الاقتصاد؟ والنقطة الثانية الهامة هي المجلس العسكري الذي يحكم, فمن غير المحتمل أن يهدد دعم الأمريكان ويعرضه للخطر بالسماح للإخوان للانخراط في مغامرة السياسة الخارجية أو اختطاف البرلمان داخليًا.
على أي حال سيتم انتخاب رئيس للدولة قريبًا, ومن المرجح أن يكون عمرو موسى, أمين الجامعة العربية السابق, والذي سيكون حاجزًا آخر أمام الإخوان, وفي الواقع فإنّ الخطر الداهم والأكبر في الوقت الحالي في مصر لا يتعلق بتحولها إلى إيران أخرى, ولكن هو إمكانية تحولها إلى باكستان, أي أن تكون دولة إمبراطورية  يحكمها جيش غير خاضع للمساءلة مستتر بمظهر ديمقراطي خادع.
الأمر الثالث, ينبغي علينا أن نتذكر أن جماعة الإخوان ليست وافدًا جديدًا كليًا, فبرغم مواجهة الجماعة انتخابات مزورة وقمع واضح, فقد التزمت لعقود طويلة بنبذ العنف, حيث شارك أفردها بالترشح في انتخابات 1985 حتى فازت بخُمس مقاعد البرلمان في عام 2005, ومثل أي دخيل ينغمس في الساحة السياسية الحزبية, تطور حزب الجماعة تدريجيًا تحت ضغوط المنافسة الانتخابية, حيث أكّد أوليفر روي, الباحث الفرنسي في الإسلام, أن جماعة الإخوان المسلمين سارت في نفس الرحلة الفكرية التي مرت بها الأحزاب الاجتماعية الأوربية.
وقد كانت البداية داخل الجماعة في عام 2007 على سبيل المثال حينما كشفت النقاب عن مشروع فيما يتعلق بالإدارة والحكم في البلاد, حيث رفضت فيه أن يكون رئيس البلاد مسيحيًا أو سيدة, كما طالبت بوجود هيئة من علماء الشريعة لمراقبة الحكومة, إلا أن هذا أثار صخبًا داخل أروقة الجماعة وسخط بعض أعضائها البارزين, ومنهم عصام العريان, نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الحالي, فأدركت الجماعة خطأها وتراجعت عن بعض هذه الأفكار.
يبدو أن الإسلاميين لن تقصي خصومهم الليبراليين بشكل جذري كما يهاجم ويعادي الحزب الجمهوري الأمريكي المسلمين الذين يعملون في البيت الأبيض, وهذا لا يعني أنّ جماعة الإخوان المسلمين لن تكون قادرة على المشاركة في تشكيل الحكومة وتكون مسئولة أمام المواطنين لتحقيق إصلاحات اقتصادية على عكس عهد مبارك ورجاله, كما أنّ الكثير من سياساتهم ليس لها علاقة بالشريعة.
ليس ثَمّة شك أننا لا نخطئ حينما نقول إن جماعة الإخوان المسلمين ليست صديقة للغرب كما أن الغرب لا يتقبل كثيرًا من قيمها حول حقوق المرأة أو الأقليات أو فيما يتعلق بالسياسة الخارجية, بيد أن هؤلاء الذين لا يستطيعون التفرقة بين الإسلاميين المعتدلين وحركة طالبان محكوم عليهم بالفشل حينما اختزلوا أنفسهم على حرب وهمية بين الحضارات لا يمكن الفوز بها, وعلى البقية المضي قدمًا لفك طلاسم وإدراك الديمقراطيات الإسلامية الناشئة.
------------------
طالع..المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء