خرافات الربيع العربي


ترجمة: حسن شعيب
حينما اندلعت ثورات الربيع العربي، العام المنصرم,, أصيب العالم الغربي بصدمة, حيث كان يعتقد أن الحرية قد تجاوزت الشعوب العربية, التي استسلمت لأنظمتها الاستبدادية, بيد أن هذه الشعوب لم تهب قيدا أو تخشى رادعا بمجرد إطلاق العنان لغضبها الذي اجتاح الاستبداد, فنزلوا إلى الشوارع ليعبروا عن هذا الغضب ولتفرز هذه الثورات سيلا من التوقعات لأسباب اندلاع الربيع العربي لم تخلو من الخرافات والتكهنات الخاطئة:
1-خطاب أوباما في القاهرة 2009 ساعد في إلهام الربيع العربي:
مع اندلاع الثورات العربية, اختفت طويلا تلك الصداقة بين العرب والمسلمين مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحدث عنها الرئيس أوباما عندما جاء إلى القاهرة في يونيو 2009, ويتعهد بوضع نهج وأسلوب جديد للعلاقة بين العالم العربي والإسلامي مع الولايات المتحدة, كما تعهد أوباما بتدشين "علاقة جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، تعتمد على المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل", ومن ثم رأى العرب أن الرئيس الأمريكي الجديد سيتعامل بمرونة مع الوضع الراهن في المنطقة.
وبرغم أن أوباما أدار ظهره سريعا لسياسة جورج دبليو بوش السابقة, حيث أعلنت وزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في إبريل 2009 أن السياسة الخارجية الأمريكية العدائية السابقة أصبحت شيئا من الماضي, كما قام بإدخال إصلاحات على العلاقات الأمريكية مع كلا من سوريا وإيران, والتي فوجئ في الصيف الأول من رئاسته باندلاع الاحتجاجات فيها, فتجنب الرد أو التدخل وفقا للدبلوماسية الجديدة وهي الاختباء.
وقد استطاع العرب سريعا استيعاب عقيدة أوباما- أبوه كيني وعاش سنوات في اندونيسيا- بأنه سيركز على مشاكل الولايات المتحدة الداخلية, لذلك لم ينتظر ولم يتوقع المحتجون في تونس أو مصر أي تحرك من الولايات المتحدة حينما قاموا بثورتهم لإنقاذهم أو الوقوف بجانبهم, حتى التدخل العسكري في ليبيا جاء متأخرا للغاية وبدافع من باريس ولندن وليس واشنطن.
2- إنها ثورات الفيسبوك وتويتر:
لا أحد ينكر أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل "الفيسبوك وتويتر" مكنت الشباب من التواصل مع بعضهم البعض لمعارضة الأنظمة الاستبدادية والبوح عما في صدورهم, وعندما سأل مذيع "سي ان ان" وائل غنيم, والذي يعتبر وجه الثورة في ميدان التحرير بالقاهرة, ما هو الذي يجب أن يسقط بعد مبارك, فأجابه قائلا: "اسأل الفيسبوك", إلا أن الواقع يقول إن المواطنين العاديين من الرجال والنساء هم الذين أسقطوا الفرعون.
ودليل على ذلك فإن الذي غذى هذه الثورات هي الشرارات التقليدية, حيث كانت تخرج الحشود الغفيرة غالبا من المساجد بعد صلاة الجمعة وذلك كما في المدن المحاصرة في سوريا, فضلا عن أن انتشار الانترنت في العالم العربي ما زال متواضعا, كما أن أيقونة الثورات العربية "محمد البوعزيزي", الشاب التونسي الذي كان يبيع الخضار, وأشعل نير الثورات في المنطقة لم يكن لديه صفحة على شبكات التواصل الاجتماعي, لكنه كان يملك شعورا بالغضب واليأس للقيام بهذا وكان هذا كافيا.
3- إدارة أوباما تخلت عن مبارك:
ظلت واشنطن واهمة بأن مبارك قادرٌ على النجاة من عاصفة الاحتجاجات, بينما كان هو يحفر قبره بيده, فقد أصيبت إدارة اوباما بالارتباك بعد تطور الأحداث وعبرت عن العلاقة القوية مع الرئيس المصري, وذلك لأن مبارك كان أحد الدعامات الهامة للإستراتيجية الأمريكية في المنطقة, ومن ثم خرجت كلينتون قبل سقوطه بأيام لتعلن أن النظام المصري مستقر بينما كان معظم المصريون لا يشعرون تجاهه سوى بالاحتقار وكانوا يستعدون للإطاحة بالديكتاتور.
لقد بدت الولايات المتحدة في المشهد الثوري المصري عاجزة عن كتابة نهاية لهذه القصة بنفسها, إذ كيف للبيت الأبيض أن يتدخل في هذه الدراما المصرية, فهناك رئيسا أعطته بلاده ثلاثة عقود في سدة الحكم, ولم يقدم هو لشعبه سوى المهانة والاستغلال السيئ, كما ظل جاثما على سلطة نظام غير قانوني دون أن يعين له نائبا شرعيا (وكان ينوي توريث السلطة لابنه المدلل). ومنذ صعوده من القوات المسلحة وحتى سقوطه بيد شعبه, كان البيت الأبيض مصابا بالحيرة ومتخبطا في تصريحاته وقررارته.
4- سقوط صدام حسين في العراق ألهم الثورة العربية:
قليل, إن وجد, يفترض أن الربيع العربي هو نتيجة للحرب على العراق واسقاط صدام حسين والتخلص منه, إلا أن هذا غير صحيح فلا توجد علاقة أو صلة بين الحرب على العراق, والتي انعقد عليها آمال وأحلام كثير من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة, وبين الربيع العربي, حيث لم تكن العراق محل اهتمام العالم العربي مع اندلاع الاحتجاجات في نهاية 2010.
في هذا الوقت, وبرغم قرب انسحاب القوات الأمريكية من العراق, فما زالت هناك دماء مسفوحة في شوارع العراق ناهيك عن الطائفية التي انتشرت في البلاد وتسلم نوري المالكي الأمر, وقفز الأغلبية الشيعية على السلطة, مما جعل السنة في العراق (الذين يمثلون الشارع العربي) لا يتمنون هذا التغيير السياسي, بل كان لميدان التحرير الفضل في إلهام الثورات الأخرى لأن مصر كانت دوما هي السباقة في الحياة السياسية والثقافية في العالم العربي. 
-------------------
طالع.. المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النوبة .. ملاذُ السكينة على ضفاف النيل

اليمين النمساوي يطالب بحظر الرموز الإسلامية وسياسيون أيرلنديون يحثون على استيعاب المسلمين.. الأقليات المسلمة في أسبوع

اكبر حديقة ازهار في العالم.. 45 مليون زهرة وسط الصحراء