2011 .. مسلمو أمريكا يعانون كالعادة
ترجمة: حسن شعيب
"أينما
وُجد المسلمون وجدت معهم المشاكل", هذا التعليق المريع في صحيفة "نيويورك
بوست" الأمريكية يعكس أزمة سبعة مليون مسلم في الولايات المتحدة الأمريكية
الذين ما زالوا يعانون منذ أحداث 11 سبتمبر, وقد جاء هذا التعليق في مقال
لاذع تحت عنوان "نيويوركستان..لا تستبعد ذلك" في خضم المناقشات الحادة التي
أطلقها المعارضون لبناء مسجد في مدينة نيويورك.
إحدى
العبارات التي سطرها كاتب المقال, شافانا ابروز, قال فيها: "لا أحد ينكر
أن بناء المساجد غير مرحب به، من الواضح سواء في "خليج شيبسهد", أو في
منطقة آيلند ستاين أو موقع جراند زيرو, وذلك أينما عُثر على المساجد كان
هناك مسلمون وأينما عُثر على المسلمين وجدت المشاكل".
لقد
أصبح من الصعب, بعد 11 سبتمبر, بناء مساجد جديدة أو توسيع دور العبادة
والتي أصبحت هدفًا لهجمات الكراهية المتكررة, وليس مسجد "خليج شيبسهد" وما
أثير حوله من جدل سوى نموذج بسيط لما يواجهه المسلمون في الآونة الأخيرة,
ومنها أيضًا العاصفة القوية التي يشنها بعض المتعصبين الأمريكيين على مسلسل
"جميع الأمريكيين المسلمين" والذي يبثه برنامج الحقيقة ويصور حياة خمسة
عائلات أمريكية ذوي أصول لبنانية في ديربورن بولاية ميتشيجان.
وبعد
أيام قليلة من العرض, زعم بعض دعاة الإسلاموفوبيا أن العرض يعتبر دعاية
للدين الإسلامي من خلال الحجاب, ويحاول أن يقدم الدين الإسلامي على أنه لا
يدعو لدونية المرأة، ولكنه "يعاملها بشكل طبيعي للغاية", كما أضاف هؤلاء أن
هذا العرض يكرس – حسب زعمهم- للخداع والتعتيم ومحاولة التلاعب بالأمريكيين
و"الدعاية لثقافة الجهاد", ومن ثم دعوا الجميع لمقاطعة الإعلانات هذا
العرض وتشويهه.
كما
ارتفعت في شهر ديسمبر 2011 أرقام شكاوى التمييز المقدمة من المسلمين
والعرب, مما حدا بلجنة مكافحة التمييز ضد الأمريكيين العرب أن تصدر بيانًا
تنصح فيه العرب والمسلمين ومواطني شرق آسيا إلى اتخاذ التدابير الاحترازية
خلال موسم عطلة نهاية العام.
دعاية انتخابية
واللافت
للنظر أنّ خطاب التحريض والكراهية ضد الإسلام والمسلمين أصبح شائعًا، بل
ومقبولاً على نطاق واسع في الخطاب السياسي والمدني, وقد أصبح هذا ظاهر خلال
2011 على وجه التحديد وبوجه خاص من قبل السياسيين الجمهوريين, الذين يسعون
لاستقطاب مزيد من الأصوات بتشويه صورة الإسلام والمسلمين، وذلك مع اقتراب
الانتخابات الرئاسية عام 2012.
ومن
هؤلاء المرشحين, هيرمان كين, الذي أكّد أنه لن يُعين أي مسلم في مكتبه،
وربما يفرض قسم ولاء على أي مسلم قبل أن يسمح له بالعمل في إدارته, زاعمًا
أنّ نصف المسلمين الأمريكيين متطرفون, أما نيوت جنجريتش وهو مرشح جمهوري
آخر, يقابل كل القضايا المتعلقة بالمسلمين بالازدراء والاستهزاء, كما شبّه
مسجد جراند زيرو بنصب تذكاري للنازية في أمريكا, زاعمًا "أن أمريكا تواجه
هجومًا ثقافيًا إسلاميًا لتقويض الحضارة الأمريكية وتدميرها", ومثلهم ريك
سانتورم؟, وميشيل باخمان.
من
جهة أخرى وخلال عام 2011 أيضًا, عقد النائب الجمهوري ورئيس لجنة الأمن
الداخلي, بيتر كينج, أربع جلسات استماع ضد المسلمين فيما أسماه بالتطرف في
المجتمع المسلم الأمريكي, وذلك في شهر مارس ويونيو ويوليو وديسمبر, وقد
أثارت هذه الجلسات بالتأكيد الشك والريبة في صدور المسلمين الأمريكيين
وأججت المشاعر المناهضة للمسلمين, مما زاد من جرائم الكراهية والعنف
المستهدفة للمسلمين ورموزهم سواء بالتخريب والحرق للمساجد أو الهجوم
المعنوي وتهديد الأطفال في المدارس.
برنامج التجسس
في
أغسطس 2011, تلقى المسلمون في الولايات المتحدة صدمة قوية بعد اكتشاف قيام
شرطة مدينة نيويورك سيتي بالمراقبة السريّة على المسلمين بمساعدة وكالة
الاستخبارات المركزية, حيث كشفت واشنطن بوست عن برنامج التجسس في مدينة
نيويورك, والذي يستخدم تقنيات المراقبة السريّة، والتي تنتهك الحريات
المدنية من قبل الحكومة الفيدراليّة، والتي تنفذ بمساعدة غير مسبوقة من
وكالة الاستخبارات المركزية", كما كشف تقرير آخر أن شرطة نيويورك سيتي جمعت
معلومات استخبارية حول أكثر من 250 مسجد والمجموعات الطلابية الإسلامية في
نيويورك، وغالبًا ما تستخدم الضباط والمخبرين السريين لجمع المعلومات عن
السكان المسلمين.
يبدو
أن المسلمين في الولايات المتحدة يواجهون في الوقت الحالي عملية جديدة
للتجسس مشابهة للعملية التي نفذت في الستينات ضد الأفارقة الأمريكيين, وقد
كان اختراق المجتمعات أحد وسائل التي استخدمها فيما يسمى ببرامج مكافحة
التجسس، التي توضع لتحييد المعارضين السياسيين في الستينات والسبعينات,
والتي توجه ضد حركات الحقوق المدنية.
علاوة
على ذلك, يستخدم مكتب التحقيقات الفيدراليّة نظام التحرش من خلال النظام
القانوني, وذلك بمحاكمة الجمعيات الخيرية الإسلامية باسم مكافحة الإرهاب,
ومنها محاكمة مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية, حيث أيّدت محكمة
الاستئناف الاتهامات الموجهة لخمسة من قيادات مؤسسة الأرض المقدسة بتمويل
حركة المقاومة الإسلاميّة حماس بالمساعدات المادية والعينية, وكل هذا من
أجل الوصول للنتائج المرجوة لتشويه المجتمع الإسلامي والتشهير بدينهم.
تآكل الحريات والحقوق
وقد
كتب البروفيسور جاري اورفيلد, صاحب مشروع الحقوق المدنية في جامعة
كاليفورنيا, معلقًا على محنة العرب والمسلمين في أعقاب 11 سبتمبر، وما صدر
من تشريعات في حقهم قائلاً: " غالبًا ما يبدأ تآكل الحقوق المدنية بتقليص
الحقوق في وقت الأزمات, وفيه تكون الأقلية كبش فداء للأزمة التي تواجه
الأمة, إلا أنّ ما يجعل حقوق إحدى المجموعات الأمريكية معرضة للتهديد،
ويصبح تآكلها مقبولاً؛ فإنها ستكون تهديدًا محتملاً للآخرين", وقد أثبت
تنبؤه صحته لتآكل الحريات المدنية, حيث شهدت الولايات المتحدة في السنوات
العشر الأخيرة تراجعًا مطردًا للحقوق الأساسية والحريات المدنية.
وللأسف
فإنّ هذا التراجع للحريات والحقوق المدنية كان تحت اسم الحفاظ على الأمن
القومي في الولايات المتحدة, وحدث هذا تدريجيًا في شكل عمليات التصنت,
وتسجيل الدخول والخروج للأمن القومي وغيرها من القوانين التي تنتهك حريات
المواطنين شيئًا فشيئًا, حتى استطاع عملاء مكتب التحقيقات الفيدراليّة
بالبحث في كل متعلقات الأمريكيين والمسلمين على وجه التحديد.
-----------------
طالع..المصدر
تعليقات