ميخائيل بروخوروف .. الدب الروسي القادم؟
ترجمة: حسن شعيب
طالع..المصدر
لم
يكن يدور بمخيلة فلاديمير بوتين, حينما عزم الترشُّح من جديد على كرسي
الرئاسة في روسيا, الذي غاب عنه لمدة أربعة سنوات أن يجد منافسًا قد يطيح
بآماله وأحلامه في العودة إلى الكرملين, ولا سيما في ظلّ موجة استياء الشعب
الروسي إزاء الاقتصاد الروسي المتردِّي أو بعد جولة الانتخابات البرلمانية
"المثيرة للجدل" التي شهدتها البلاد في الرابع من ديسمبر الجاري والتي لا
تزال تثير غضب الكثير منهم.
لقد
استطاع بوتين أن يتحايل على الدستور, والذي يمنع أن يمضي الرئيس أكثر من
فترتين متتاليتين في سدة الرئاسة, ليعود من جديد إلى كرسي الرئاسة وذلك
باستدعاء ميدفيديف والذي حلّ محله في الرئاسة لفترة واحدة حتى تصبح عودته
لا غبار عليها دستوريًا لكنها قوبلت بالاستهجان والمعارضة من قبل الروس
الذين لم يجدوا مفرًّا سوى الهجرة من البلاد.
وفي
هذا الأسبوع, أعلن الملياردير الروسي ميخائيل بروخوروف، عزمه خوض سباق
انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في شهر مارس القادم, كأول مرشح يظهر على
الساحة كمنافس لرئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين والذي وصف قرار ترشحه
بأنه "أصعب وأهم قرار أقدم على اتخاذه في حياته".
بيد أن إعلان ميخائيل بروخوروف, الوافد الجديد إلى مشهد الصدارة في السياسة الروسية, ترشحه للرئاسة أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية في روسيا, ولا سيما بعد إمكانية تغير المشهد السياسي في روسيا بشكل كبير عقب اسبوع من الاحتجاجات على تزوير الانتخابات البرلمانية التي جرت في الآونة الأخيرة.
علاوة على ذلك, فقد استطاع الملياردير
الشاب ميخائيل بروخوروف أن يجمع ثروة طائلة لهذه المعركة الانتخابية
بالإضافة إلى ما يتمتع به من مقومات وإمكانيات عالية ورؤية حديثة ودعم من
الطبقة المتوسطة التي سئمت من بوتين وترجو هزيمته في الانتخابات الرئاسية
القادمة, برغم ذلك فما زال على بروخوروف أن يثبت نفسه أمام عشرات الآلاف من
المتظاهرين الذين يدعمون قضية ما ويبحثون عن زعيما.
إن هؤلاء المتظاهرين بحاجة لمن يدعمهم ان
في دعوتهم لإجراء انتخابات نظيفة, وتشكيل حكومة نظيفة وذات صفة تمثيلية,
ويرون أن الطريقة الأكثر ملائمة لتحقيق هذه النتائج لا يمكن إنجازها بفوز
بوتين في الانتخابات الرئاسية القادمة, فهل يتمتع بروخوروف بالإمكانيات تلك
التي تمكنه من الفوز بأصوات الناخبين ومن ثم الإطاحة بفلاديمير بوتين.
ولد
ميخائيل بروخوروف في موسكو في مايو عام 1965، وأنهى دراسته بتفوق في كلية
العلاقات الاقتصادية الدولية في معهد موسكو للعلوم المالية, وبفضل مواهبه
في التحليل الاقتصادي تبوأ منصب المسئول الإداري في بنك التعاون الاقتصادي
الدولي، واحتل مواقع هامة عدة منذ السنوات الأولى في تسعينات القرن الماضي،
إذ أصبح بين عامي 1992 و 1993 رئيس مجلس إدارة مصرف المساهمة التجاري.
وتقلد
بروخوروف عدة مناصب إدارية هامة في العديد من الشركات الكبيرة, حتى استطاع
في عام 1998, الذي شهد أزمة اقتصادية كبيرة في روسيا، أن يصبح عضواً في
مجلس إدارة شركة "إنترروس", إحدى أكبر الشركات المالية والصناعية الكبرى في
روسيا, ثم انتخب بروخوروف, مع حلول الألفية الثالثة, عضوا في مجلس إدارة
بنك "روس بنك"، وسرعان ما أصبح بعد أسابيع قليلة رئيسا لمجلس ادارة هذا
البنك .
كالبرق,
صعد بروخوروف إلى المناصب الهامة والمرموقة في روسيا حيث تبوأ منصب رئيس
مجلس إدارة إحدى أضخم الشركات الروسية المنتجة للذهب في العام 2006 وأعيد
انتخابه أكثر من مرة, وفي عام 2007 التحق ميخائيل بروخوروف بمجلس إدارة
اتحاد رجال الأعمال والصناعيين الروس، وقام بتأسيس صندوق خيري لدعم
المشاريع الثقافية، وحصل على وسام الصداقة لجهوده المثمرة في تطوير
الاقتصاد الروسي .
في عام 2009, استطاع ميخائيل بروخوروف أن يصبح الرجل الأغنى في روسيا, لكنه تراجع إلى المرتبة الثانية في عام 2011
بحسب التصنيف الذي نشرته مجلة "فوربس" حيث بلغت ثروته 18 مليار دولار,
بينما تربع على مواقع متقدمة في قائمة أثرياء العالم، حيث احتل المركز الـ
24 في لائحة الأغنياء التي أصدرتها مجلة "فوربس" في عام 2008، بثروة تزيد
عن 19 مليار دولار.
أما
عن حياته السياسية, فهي وليدة عام 2011, حينما عرض عليه الكرملين أن يترأس
حزب "القضية العادلة", والذي وافق على رئاسته وبادر في إصلاحه, إلا أن
نشاط بروخوروف وتقلده منصب زعيم الحزب قوبلت بعدم الرضا من بعض فروع الحزب
الإقليمية, والذين استحوذوا على المؤتمر وقاموا بإقصاء بروخوروف من منصب
زعيم الحزب وتعيين اندريه دونايف قائما بأعماله.
وعلى
إثر أزمة حزب "القضية العادلة" وتعامل بروخوروف معها, قام الرئيس الروسي
الحالي ديمتري ميدفيديف في سبتمبر عام 2011 مرسوما يقضي بإقصاء ميخائيل
بروخوروف من عضوية لجنة التحديث الروسية مما يدل على عدم رضا الكرملين على
تصرف بروخوروف وانتقاده بوجه خاص النائب الاول لمدير ديوان الكرملين بعدما
وصفه بروخوروف بأنه يتولى ادارة الدمى السياسية.
وحتى
قدوم الانتخابات الرئاسية الروسية, سيظل ترشح بروخوروف قد يلقى دعما من
الكثير من الروسيين سواء الميسورين الحال أو غيرهم الذين لا يهتمون
بالسياسة إلا أنهم غير راضين عن فساد وغطرسة الحكومة, وربما يكون أفضل من يمكن تجهيزهم للإجهاز على بوتين وسدنته.
------------------
تعليقات